| الاقتصادية
أحد أشكال استثمار الحكومة استثمارها في جانب الموارد البشرية وبخاصة فيما يتعلق بإعداد الكوادر المواطنة ذات التأهيل الأكاديمي العالي وعلى وجه التحديد الاستثمار في اعداد وتكوين أعضاء هيئات التدريس في الجامعات، ولعل من أبرز سمات هذا النوع من الاستثمارات أنه يتم عبر فترة زمنية طويلة نسبياً وبمبالغ ضخمة، والعائد المتوقع منه لا يتحقق إلا في الأجل الطويل ويفترض أن يتزايد حجم العائد مع مرور الزمن نتيجة لتراكم الخبرات والمهارات العلمية والعملية لدى هذه الفئة،
وقد نجحت الحكومة في تكوين رصيد جيد للمجتمع من أساتذة الجامعات خلال السنوات الماضية، وربما أصبحت المهمة الآن مرتبطة بكيفية المحافظة على هذا المخزون والاضافة اليه والحد من استنزافه أو التسرب منه، خاصة ان التسرب من قطاع التدريس في الجامعات سواء كان صريحا أو ضمنياً بدأ يتنامى بشكل سريع بل ربما أصبح الانتماء لهذا القطاع في أحيان كثيرة اسمياً أكثر منه حقيقياً، لذا فإنه ليس من المبالغة القول بأن مشكلة هذا القطاع لم تعد في كيفية تكوين المخزون الذي يحتاجه المجتمع وإنما في كيفية المحافظة على ما هو متحقق والعمل على تنميته كماً ونوعاً، ولا نبالغ أيضاً إذا قلنا ان هذا الأمر يستحق الأولوية والعناية، ذلك لأن هذه النخبة هي المعول عليها بعد الله في انجاح الكثير من برامج العملية التنموية المختلفة سواء كان ذلك فيما يتعلق باعداد وتدريب وتأهيل الكوادر المواطنة أو فيما له علاقة بحل مشاكل المجتمع الشرعية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها أو فيما يتعلق بالتقدم التقني والصناعي،
إن عدم القدرة على المحافظة على هذه الكفاءات والعمل على زيادة الأعداد المتاحة منها بالقدر والنوع الذي يحتاجه المجتمع علاوة على تأثيره السلبي المباشر وغير المباشر على العملية التنموية يمكن اعتباره أحد أشكال الهدر في الموارد الاقتصادية،
يرى البعض عدم وجود مشكلة حقيقية هنا إذ ان هذه الكوادر تنتقل من مكان الى آخر داخل المجتمع الحالات ولا تهاجر الى خارجه وبالتالي فإن استفاد، بتحققه في جميع الرأي وان كان صحيحاً في بعض جوانبه إلا أنه ليس كذلك في كثير منها فلا أحد يرغب في أن يرى أعداد الأساتذة السعوديين في الجامعات لا تتزايد بنفس معدل تزايد الحاجة الى خدماتهم في هذا المجال،
وليس من المناسب أن يقتصر دورهم على تخريج الطلاب فقط ويهمل جانب البحث العلمي الفعّال المؤثر في حياة المجتمع وفي حل مشكلاته على اختلافها، هذا عدا اسهام الجامعات المفترض في مجالات التدريب والتأهيل واعادة التأهيل وتقديم الاستشارات والدراسات التي يطلبها المجتمع، الأمر الذي لا يتأتى إلا بتفرغ الأستاذ الجامعي الكامل لأداء رسالته وهذا بدوره لا يتأتى إلا متى ما وفرت له البيئة المناسبة التي تعينه على ذلك والسؤال هو ما مقومات البيئة التي يجب توافرها للحفاظ على هذه الاستثمارات وتنميتها والحصول على المردود الذي يتناسب وحجمها؟
قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية / جامعة الإمام محمد بن سعود
|
|
|
|
|