| مقـالات
تحل علينا الذكرى الحادية والسبعون لتوحيد المملكة العربية السعودية تحت راية التوحيد على يدي الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود طيب الله ثراه الذي قاد ملحمة التوحيد والبناء والنماء؛ وأكمل هذه المسيرة أبناؤه البررة من بعده؛ ففي مثل هذا اليوم استطاع رحمه الله توحيد شتات هذا الوطن وربط أجزائه بعضها بالبعض الآخر، بعد بطولة فذة وجهد جبار و حكمة بالغة؛ فالملك المؤسس جمع بين هذه الصفات وزاد عليها حبه العميق لوطنه، وأبنائه؛ فنذر حياته كلها لخدمتهم ، وللبناء والكفاح؛ فكان له ما أراد؛ حيث بات هذا الوطن بفضل الله ثم القيادة الرشيدة يشار إليه بالبنان بين دول العالم الصاعدة.
إن اليوم الوطني يكتسب أهمية عاما عن آخر؛ كونه يعرِّف الأجيال المقبلة واللاحقة بمراحل النماء والتطور والبناء التي صنعت فيها بلادنا حضارة وتحققت فيها مكتسباتها الغالية.
ولكن اليوم الوطني هذا العام يأتي، وهو يكتسي حلة بهية، تتواصل معه وتقترن به احتفالية أخرى للوطن بمناسبة (مرور عشرين عاماً على تولي مولاي خادم الحرمين الشريفين أيده الله مقاليد الحكم)؛ حيث تتعانق الذكريان الغاليتان في قلب كل مواطن بالتوحيد والبناء جنبا إلى جنب مع مسيرة الخير والعطاء الحافلة بالإنجازات والمهام الجسام التي اضطلع بها مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز متعه الله بالصحة والعافية من خلال مواقع قيادية مختلفة؛ حتى أمسك بدفة الأمور، وقاد البلاد في مرحلة تاريخية مهمة ، تسنم فيها الوطن معالي المجد، وحققت المملكة على يديه الإنجازات تلو الإنجازات على كل الأصعدة والمجالات..، فالنهضة الحضارية الشاملة التي حققتها هذه المملكة الفتية خلال العشرين عاما الأخيرة، تمت بفضل من الله تعالى ثم بتوجيهات من قائد الأمة خادم الحرمين الشريفين؛ ومساندة من سمو ولي العهد الأمين، وسمو النائب الثاني حفظهم الله.
ولو وقفنا عند مجال واحد فقط وهو مجال التربية والتعليم الذي ازدهر في عهد خادم الحرمين الشريفين أيده الله لرأينا ان البدايات المهمة لهذه الانطلاقة العظيمة قد تمت في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله فالنوافذ التربوية والتعليمية والثقافية التي أحدثها رحمه الله وجدت عناية ومتابعة من أبنائه الأفذاذ، من بعده حتى جاء خادم الحرمين الشريفين فجعل قضية التعليم والثقافة همه الأول، وشغله الشاغل، كما كانت في وجدانه منذ أن كان وزيرا للمعارف وما زالت قضيته الكبرى إلى اليوم، فصار يعد بحق رجل العلم والتعليم الأول في بلادنا وراعيها الأول تأسيسا وإشرافا ومتابعة.
ومع هذا التطور الكمي الكبير؛ ثمة مقترحات تتعلق بالبعد الكيفي؛ أسوقها في إشارات سريعة؛ وأقول : إذا كانت خطة التنمية السابعة جاءت مركزة على تنمية القوى البشرية ورفع كفاءتها عن طريق التدريب والتأهيل والاهتمام بالعلوم والتقنية والمعلوماتية والتوسع في استخدامها، وكذا تطوير مخرجات التعليم بما يتفق والشريعة الإسلامية الغراء واحتياجات المجتمع المتغيرة ومتطلبات التنمية؛ فحري بنا أن نعتمد ا لتطوير والتحديث في المناهج الدراسية وطرق تدريسها، ورفع مستوى المعلمين وتطوير وسائل التعليم لتلبية احتياجات المجتمع الفعلية، وكذا زيادة الاهتمام بالعلوم والتقنية المعلوماتية، وتشجيع البحث العلمي والتطبيقي في الجامعات ومراكز البحوث وتوطين التقنية؛ ما يؤكد ضرورة بناء قاعدة وطنية للعلوم والتقنية من شأنها الابتكار والتجديد ونشر التقنية وتطويعها، وذلك من خلال توفير الخدمات والتجهيزات والأنظمة الأساسية اللازمة لتطوير العلوم والتقنية وتعميق الوعي العلمي والتقني لدى المجتمع والطلاب في جميع مراحل التعليم.
وفي هذا الخصوص؛ أشير إلى البند الثامن والعشرين من وثيقة سياسة التعليم في المملكة الذي ينص على :«غاية التعليم فهم الإسلام فهما صحيحا متكاملا، وغرس العقيدة الإسلامية ونشرها، وتزويد الطالب بالقيم والتعاليم الإسلامية وبالمثل العليا وإكسابه المعارف والمهارات المختلفة وتنمية الاتجاهات السلوكية البناءة وتطوير المجتمع اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وتهيئة الفرد ليكون عضوا نافعا في بناء مجتمعه »؛ لذا فإننا بحاجة إلى برامج مختلفة لإكساب الناشئة مهارات التعليم الذاتي وأساليب الوصول إلى المعلومات التي يحتاج إليها؛ فالمستقبل لابد له من منهج يواجه تحدياته ويلبي متطلباته، وأبرزها تنمية وعي الفرد بذاته، وتعزيز التوجه التقني وتنميته بصورة أكثر فاعلية؛ لينتقل المجتمع من مجتمع مستهلك إلى مجتمع منتج بمشيئة الله تعالى.
إنني كمواطن في هذا البلد المعطاء؛ أتذكر في هذا اليوم الوطني المبارك ذلك القائد الملك الفذ عبدالعزيز طيب الله ثراه وأتصفح تاريخه الزاهر وسيرته العطرة وكفاحه المشرف، ولا يسعني في هذه المناسبة الغالية إلا أن أقف إكبارا وإعزازا، وتقديرا لتلك البطولات؛ كما أتذكر جنبا إلى جنب مع هذه البطولات هذه الإنجازات التي سطرها بحروف من نور مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز أيده الله بمناسبة مرور عشرين عاما على توليه مقاليد الحكم في البلاد، وانتهز هذه الفرصة الطيبة؛ لأرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لمقامه الكريم، وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني، والأسرة الكريمة والشعب السعودي بهاتين المناسبتين العظيمتين؛ ونسأل المولى عز وجل أن يحمي هذه البلاد الطاهرة من كل شر وأن يديم علينا نعمة الإسلام؛ لنحافظ على ما تحقق لهذه المملكة من مكتسبات عظيمة..
وكيل الحرس الوطني للشؤون الثقافية والتعليمية المشرف العام على مكتبة الملك عبدالعزيز العامة
|
|
|
|
|