| منوعـات
* حين نشرت عكاظ ، خبر عودة أخي الأستاذ علي العمير ، فرحت لهذه العودة للكتابة، بعد غياب ثلاث حجج.. وكتب الأستاذ العمير أول حلقة في زاويته تحت الشمس .. وقال فيها إنه لا يريد أن يسأله أحد عن غيابه، الذي نرى أنه طويل.. وهممت أن أكتب كلمة بهذه المناسبة الغالية، وكلي غبطة.. غير أني رأيت أن أزوره أولاً.. وتمت الزيارة بدون إبطاء.!
* تحدثنا لأكثر من ساعة، وخضنا في الماضي، أيام الرائد وبدء العلاقة، وتدفق كتابات صاحبي وهجومه، باسم الأدب، على الشيوخ، واتهامي أنني وإياهم في خندق واحد.. وكنت يومها أحاول أن أقيم توازناً، بين أقلام الشباب، مثل علي العمير و راشد الحمدان ، ومن إليهم.. وبين أستاذنا محمود عارف رحمه الله، الذي كان يمثل جانب الشيوخ والدفاع عنهم، بأسلوب لا يخلو من العنف، جزاءً وفاقاً.!
* تناولنا، العمير وأنا أطرافاً من تلك الذكريات، وعبرت له عن فرحتي بعودته للكتابة، وأنا أعرف ظروفه، التي أدت إلى غيابه، وقلت له: إنني لا أريد سؤالك عن غيابك، لأني مدرك لحالك ومقدر.. لكنني أتيت إليك لنجدد الذكريات، وبدأ يتحدث بإسهاب، وأنا مطرق، قلما أقاطعه بكلمة أو كلمات، حتى قرب موعد نومه، الذي حدثني عنه، عندما حادثته عبر الهاتف أنني أريد زيارته.. فغادرت داره، وقد سعدت بأن صاحبي، مازال في ذاكرته صدى السنين، التي عشناها على منبر الصحافة..! كم كانت ممتعة وحفيلة بالرؤى والنشاط والحيوية، وكان الشباب قمة تلك السعادة، في ذلك العمل المضني والماتع، رغم القل وحياة الشظف. وأنا سعيد فيها، لأني أدركت بعد التجارب الطوال، أن الترف . لا يربي أمة، وإنما الشظف، هو الذي يربي الشعوب، حيث تتعود الخشونة والصبر، من خلال كدح رغم عنائه ومرارته، إلاّ أنه تأسيس ، لحياة مقبلة، صاحبها حين يلاقي عناء وعسرا وقسوة، يواجه ذلك برضا وأمل.
إن الأيام المقبلة، سوف تبتسم، لاسيما ونحن نقرأ في الأمثال: «اشتدي يا أزمة تنفرجي». وقبل ذلك قول الحق : «إن مع العسر يسراً».
* كانت هذه التداعيات تنداح بين عيني وفي مخيلتي، خلال حديثي مع العمير، وبعد أن تركته في تلك الليلة.. كانت صوراً تتحرك أمامي، من ذلك الماضي الجميل، لأنه سعي وتحصيل، ونجاح وإخفاق، ورضا وغضب. تلكم هي الحياة.! وفي كل الأحوال تردد ألسنتنا: الحمد لله..
* وعزمت أن أكتب عن لقائي بصاحبي، غير أن الشواغل، شدتني إلى ما أنا فيه من العمل، لكن عكاظ ، وعبدالمحسن يوسف، أحسن الله إليه، لأنه ذو وفاء صامت ولكنه حيي، فهو ينبثق من نفس شاعر لمّاح، ذي حس.. ذلك أنني قرأته في العدد الأسبوعي، الذي يشرف عليه، فقرأت تلك الابتسامة البارقة، لأنها نبض وفاء ، لا تحجبها الشواغل ولا الهموم، لأنها عطاء نفس، يتعمقها الوفاء، فتندفع في وقتها، وفي صمت الوفاء نفسه..! ذلك ما قرأته في عكاظ الأسبوعية، يوم الاثنين 29/6/1422ه، بعنوان: «عرس مقمر، ومسرة بهيجة».
* أجل! قرأت قصيدة من ذلك الشعر المجنح، الذي دأب الشاعر عبدالمحسن على أن تنساب أمواجه الحالمة في هينة، قريباً من الشواطىء الهادئة، التي يرتادها الحالمون، هاربين من صخب الحياة وضجر الهموم.. فعلى الشواطىء، والنفس المكدودة، تتابع حركة الموج الدائبة، تجد السلوى.. ولعل الشاعر كتب كلماته أو فرحته بأخيه العمير، وهو بعيد، على شواطىء فرسان .. إنه الحلم الذي بعد عنا، وبعدنا عنه.. والشوق يتوّق إلى ليلة، أو سرحة، في صحبة الملاح التائه عبر تلك الشواطىء، في فينسيا ، و الكلتزور ، وفي أحضان جبال الألب .. إنها أحلام، أشبه بأحلام شهر زاد، وتظل جميلة، حتى في البعد، لأنها أحلام!
* أهنىء عبدالمحسن، وأهنىء علي العمير، وأهنىء نفسي.. بفضل الله الذي يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
|
|
|
|
|