| تراث الجزيرة
كنت في أحد المجالس كان الحديث حول ضحايا الغرام فقال أحد كبار السن الدجيما مات من الحب والوليعي مات من الحب وضيف جديع مات من الحب وكان يريد الاستمرار بذكر غيرهم لكنني لم أسمع بقصة ضيف جديع فقلت وما قصة ضيف جديع؟
قال المرأة عندما تبلغ سن الزواج فهي تحب ان تتوفر في زوجها صفات منها الكرم والشهامة والشجاعة والسمعة الطيبة بين أفراد العشيرة.
كانت البادية قديماً تجمعها العدود في أيام الصيف لأجل الماء يقول عبدالله بن سبيل رحمه الله:
تسعين ليله جانب العد ما عيف
ولال الشديد مطرِّي يذكرونه |
اجتمعت البادية من مختلف القبائل كان هناك شاباً فيه جميع الصفات الطيبة كان هذا الشاب ينزل في الصباح في قاع البير ولايخرج حتى ينتهي الحلال«المواشي» من الشرب من الماء ومهمة هذا الشاب هو غمس الدلو في الماء ليمتلئ بسرعة ويسمى عند البادية «مقس» كانت تنزل عليه الدلي من جميع الجهات وبسرعة هذا ينزل وهذا يخرج نزل عليه أحد الدلي بشكل لافت للنظر فقد ربط الحبل على عرقات الدلو فلما رفع رأسه وإذا بفتاة على حافة البير تخرج طرف جديلتها ثم تذهب انتهت مهمة الشاب وخرج وعاد في اليوم الثاني والثالث والشهر الثاني والثالث لم ير هذه الفتاة تفرق النزل كل ذهب حسب مشهاته كما يقال أصيب هذا الشاب بالغرام وحاول وحاول معرفة هذه الفتاة وماذا تريد منه وماذا تعني هذه الرموز لكنه لم يفلح في الوصول وفي يوم من الايام جلس عند امرأة من كبيرات السن «عجوز» وأخبرها بكل شيء فقالت له ولم تعلم ماذا تريد؟ قال لا قالت أنت غبي لقد ربطت الحبل فوق العرقات تقول لك أريد أن أرتبط بك على سنة الله ورسوله وتقول لك والدي أبا العراقي وأخرجت طرف الجديلة تقول والدي كريم ينزل على طرف النزل حتى تأتيه الضيوف قام هذا الشاب وركب جمله وأخذ يهيم في الصحراء ويبحث بطريقة سرية حتى وصل الى النزل الذي فيه رجل اسمه أبا العراقي وفعلاً وجد بيته على طرف النزل. حل ضيفاً على بيت بقرب من بيت أبا العراقي وصاحب البيت اسمه «جديع» كانت البادية لاتسأل الضيف عن مهمته الا بعد ثلاث ليال. بقي الضيف أول ليلة في الصباح ذهب إلى مكان مرتفع وجلس يراقب النزل وعند الظهر جاء وتناول الغداء وبعد العصر ذهب إلى المكان نفسه وفي الليل جاء ونام عند «معزبه» جديع وهكذا في اليوم الثاني وفي الليلة الثالثة وعند منتصف الليل قام الضيف وكان جديع يراقبه لأنه يشك فيه توجه الضيف إلى بيت والد الفتاة وكانت في خدر صغير بجوار بيت والدها وصل الخدر وكان جديع يتتبع خطاه من بعيد وسلاحه في يده ولما وصل الخدر أخذ يحرك الرواق وجديع من الجهة الأخرى يراقب ويسمع قامت الفتاة وسألته من أنت وماذا تريد؟ بلهجة حارة وبينهما رواق البيت فقال أنت التي طلبت مني الحضور فقالت: كيف؟ فشرح لها وأخبرها بما عملت في اليوم الفلاني على البير الفلاني وأنه جاء ليسألها إن كانت صادقة فسوف يتقدم لخطبتها وأنه ضيف عند جديع فقالت اذهب وفي الصباح أخبر جديعاً بالموضوع فهو من خيرة رجال الحي وكلمته مسموعة اطلب منه التقدم معك إلى والدي وخطبتي كل هذا وجديع يسمع قال الضيف ولكني لا استطيع الصبر حتى الصباح من الهيام والغرام أريد«البخنق» أضعه معي حتى الصباح قالت لقد نقصت قيمتك عندي اذهب والصباح رباح ذهب ونام في فراشه وكذلك جديع نام وفي الصباح قام جديع كما هي العادة وأشعل النار وجاء الى ضيفه ليوقظه لكنه وجده ميتا قد فارق الحياة حزن جديع حزناً شديداً وبعد ما ارتفعت الشمس أرسل جديع ولده الذي لم يبلغ عشر سنوات ليخبر بيت أبا العراقي بأن ضيفهم قد مات جاء الولد الصغير يركض ويصيح وأول من قابله من أهل البيت هي فلما أخبرها الصبي أغمي عليها وماتت ودفنا وهما من ضحايا الغرام ثم انهى صاحبنا القصة بذكر أشخاص قد ماتوا من الغرام، والله أعلم.
وإلى قصة أخرى في موضوع آخر إن شاء الله.
|
|
|
|
|