| أفاق اسلامية
من المسرفين على أنفسهم بأنواع الذنوب وأصناف المعاصي، لا يتورع عما حرم الله، يخالف أمر الله ويرتكب نهيه، ولكنه صاحب صلاة، لا تفوته صلاة أبداً، حتى السنن الرواتب وغير الرواتب، يحافظ على تأديتها في أوقاتها التي شرع الله لها، أذكر من هذه السنن: صلاة الضحى، فقد كان من المحافظين عليها، لا يمنعه عنها برد ولا عمل، في عز الشتاء يتوضأ من الماء البارد ويصليها، وكنا نتعجب من حاله، فما هي إلا أشهر، وإذا به يتغير تغييراً جذرياً، فقد صار من المستقيمين على أمر الله، من المتبعين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. زارني بعد انقطاع، فلما رأيته قلت صدق الله: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) قد نهته صلاته عن الفواحش والمنكرات، فاستنار قلبه بعد ظلمه، وزكت نفسه بعد تدسية، وازداد إيمانه فأحب الخير وحرص عليه، ونفر من الشر وابتعد عنه، لقد كانت الصلاة بمثابة العلاج الناجح، والدواء النافع، الذي لا يجتمع معه داء.
لذا فإنه من الواجب على العبد أن يقيم الصلاة ويحافظ عليها مهما كانت أحواله، يحافظ عليها مهما كان عنده من التقصير، ومهما كان عنده من الذنوب، ومهما كان يفعل من المعاصي، لأن الصلاة تعينه بإذن الله تعالى على ترك ذنوبه ومعاصيه ولابد، هذا ما دلت عليه الآية السابقة: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) يقول العلامة الشيخ ابن سعدي في تفسيره تيسير الكريم الرحمن عند تفسيره لهذه الآية الكريمة: الفحشاء كل ما استعظم، واستفحش من المعاصي، التي تشتهيها النفوس. والمنكر: كل معصية تنكرها العقول والفطر. ووجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، أن العبد المقيم لها، المتمم لأركانها وشروطها، وخشوعها، يستنير قلبه، ويتطهر فؤاده، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير، وتقل أو تنعدم رغبته في الشر.
والمتأمل لنصوص الكتاب والسنة، يدرك أهمية الصلاة، وعظم شأنها، واعتناء الشارع بها،وعلو منزلتها في الدين، ودورها الهام في حياة المسلم، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن جعلها صفة لازمة لعباده المؤمنين، فلا يأتي في كتابه وصف لأحوال المؤمنين وأعمالهم إلا كانت الصلاة في مقدمة ذلك، وتأمل قول الله تعالى: (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين...) إلى آخر الآيات. وقوله تعالى: (ألم، ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون...) إلى آخر الآيات.
فيا أيها المسلمون اعتنوا بصلاتكم، أقيموها كما أمركم ربكم، وأدوها وفق ما جاء في سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم حافظوا عليها في أوقاتها وفي أماكنها المشروعة لها، لكي تؤدي دورها في حياتكم، فتستنير قلوبكم وتطهر أفئدتكم ويزداد إيمانكم فتحبوا الخير وتكرهوا الشر، كما ذكر ابن سعدي في تفسيره لهذه الآية الكريمة.
* إمام وخطيب جامع الخلف بحي صلاح الدين بحائل.
|
|
|
|
|