| أفاق اسلامية
* حوار بدر الربيعان:
دعا فضيلة المحاضر بكلية الشريعة بالأحساء الشيخ يوسف الأحمد كل الشباب ممن ليسوا من الدعاة وطلاب العلم إلى ترك الانترنت إذا لم يكن لديهم هدف دعوي أو علمي.
وقال في معرض حواره الذي أجرته معه صفحة الرسالة إن الانترنت وسيلة عظمى للدعوة إلى الله ونشر الخير، وفي نفس الوقت انحرف كثير من الشباب وانتكس بسبب الانترنت والكثير منهم يقضي وقته في الانترنت بالحوارات التافهة والألفاظ المبتذلة.
وتطرق فضيلته في هذا الحوار إلى أهمية طلب العلم، والأضرار المترتبة على وجود الخدم والسائقين، وضوابطها الشرعية. إضافة إلى نقاط نترك للقارئ الكريم متابعتها، فإلى الحوار:
أهمية العلم
* طلب العلم واجب شرعي، فما توجيهكم لطالب العلم في أول الطريق؟
نصيحتي لطالب العلم:
أولاً : إخلاص النية لله تعالى، وأن يتفقد طالب العلم صدقه مع الله دائماً، وأن يحذر من أمراض القلوب، كالحسد، وحب الظهور، والانتصار للنفس، والتشبع بما لم يعط. وأن يتأمل دائماً قول النبي صلى الله عليه وسلم:
«من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة يعني ريحها». حديث صحيح أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث أبي هريرة.
ثانياً: تقوى الله، فإنها سبب حصول العلم قال الله تعالى: «واتقوا الله ويعلمكم الله» وقال تعالى:«ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً»، وأن يكثر من الدعاء والأعمال الصالحة.
ثالثاً: وسائل الطلب متنوعة وأهمها خمس:
1 الدراسة المنهجية، قراءة كتاب على شيخ موثوق في علمه ودينه.
2 سماع المجموعات العلمية.
3 القراءة الفردية في كتب العلماء.
4 البحث المستمر، فلا يكون طالب العلم قوياً دون التمرس في البحث.
5 سؤال العلماء ومناقشتهم في مسائل العلم.
رابعاً: أن يبحث عن رفيق جاد يتعاون معه في هذا الطريق.
خامساً: أن يحذر من عوائق الطريق، كالتسويف، والإسقاط، وقلة الإنجاز، وضعف الهمة.
سادساً : طلب العلم لا ينفك عن الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع نفسه وأهله وعموم المسلمين.
الحرية مفهوم ودلالة
* مامفهوم الحرية الشخصية في الإسلام؟
الحرية مشروطة في الإسلام بأن لا تعارض ماحرم الله.
* عبارة: «أنا لن أصلح الكون» عبارة دأبنا على سماعها. فما مدى صحتها؟ ولماذا؟
هذه عبارة القاعدين يبررون بها كسلهم، والجواب على من قالها يسير وهو: أن الواجب علينا هو فعل السبب في إصلاح الناس وأحوالهم، إبراءً للذمة، وإعذاراً إلى الله.
أما أثر الدعوة فنرجوه ونحرص عليه، ولكننا غير محاسبين عليه إذا لم نفرط، إن استجابوا فلنا مثل أجرهم، وإن أعرضوا فلا نتحمل وزرهم. قال الله تعالى:« فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً إن عليك إلا البلاغ». «الشورى 48».
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عرضت على الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي ليس معه أحد..». أخرجه مسلم، فالنبي الذي يأتي وليس معه أحد قام بواجب الدعوة والتبليغ.
ثم إن الملاحظ في واقعنا الآن أن أكثر ما يشجع الداعية لنشر الخير: أن استجابة الناس أكبر وأكثر من الجهد المبذول وهذا من فضل الله على عباده.
دور المرأة في المجتمع
* المرأة الشطر الآخر من المجتمع وهي من العناصر الفاعلة فيه، فما دورها في الاحتساب والإصلاح داخل الأسرة والمجتمع؟
العمل الأساس للمرأة هو تربية الأولاد تربية إسلامية، تهيئ لهم بيئة نظيفة من المنكرات، وعامرة بالخير والطاعة لله، تربيهم على عزة الإسلام، ومحبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم، تربيهم على إقامة الصلوات الخمس في أوقاتها، وجماعة في المسجد إن كانوا ذكوراً.
ومن الميادين العامة المهمة مدارس الطالبات إن كانت معلمة، ومراكز تحفيظ القرآن النسائية، وكم من امرأة وجدت نفسها، وأثر علمها، بعدما بدأت بالمشاركة الدعوية فيها، ولفضيلة الشيخ إبراهيم الدويش شريط قيم بعنوان «رسالة إلى معلمة» أنصح جميع المعلمات بسماعه.
ولفضيلة الشيخ عبدالملك القاسم كتاب بعنوان« غراس السنابل» وذكر فيه أكثر من مائة وثلاثين وسيلة دعوية للمرأة، عرضها بأسلوب شيق وجذاب، وأنصح الأخوات بقراءته.
* إلى ماذا يعزى انحراف الشباب وميلهم عن الطريق القويم؟
إلى فساد الإعلام، وضعف التربية، مع نصرة شياطين الإنس والجن والنفس الأمارة بالسوء.
حرمة العلم وأهله
* لحوم العلماء مسمومة فما رأي فضيلتكم لمن جعل شغله الشاغل غيبة العلماء والصالحين؟
أحسن الظن بإخواني فأقول لكل من وجد على عالم أو طالب علم خطأ أن يبادر بمناصحته مشافهة، أو بالهاتف، أو بالفاكس، أو بالبريد الالكتروني، أو غير ذلك. ومن جربها أدرك نفعها. فيقوم بواجب النصح، ويسلم من أكل لحومهم.
* ما أثر إعطاء المال للسفهاء على انتشار المنكرات؟
واقع الشباب والفتيات الذي يشاهده الجميع في الأسواق وغيرها، قال الله تعالى:« ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولاً معروفا» «النساء 5».
* ما الضوابط الشرعية لاستقدام الخادمة؟
الضوابط الشرعية لاستقدام«الخادمة» هي:
الضابط الأول: وجود الحاجة إليها. لأن الواقع أثبت أن وجودها في المنزل يلحق بأهل البيت أضرارا كثيرة، كالآثار التربوية على الأولاد، والانحراف الخلقي مع بعض أفراد الأسرة، أو تعاطي السحر، وغير ذلك. وأعرف من القصص في هذا ما يشيب له الرأس. ومن أنواع السحر الذي يستعملونه صرف الزوج عن زوجته، وعطف رب البيت أو أحد أفراد الأسرة على الخادمة.
الضابط الثاني: أن تكون مسلمة. لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى عند موته بثلاث:
«أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ونسيت الثالثة». متفق عليه.
ولحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً» أخرجه مسلم.
فمن أتى بكافرة فقد خالف وصية النبي صلى الله عليه وسلم وأمره.
الضابط الثالث: أن تعلم الحجاب الشرعي، حتى تتعود عليه، وتلتزم به. فيكون تعاملها في البيت مع النساء وليس الرجال، لأنها امرأة أجنبية عنهم. فلا تمر أمام الرجال ولا يدخل عليها الرجال وهي في عملها في المطبخ أو غيره. ولا تخرج من المنزل لإخراج النفايات، أو حمل الأغراض من السيارة. وإذا خرجت فإنما يكون حالها كباقي أفراد الأسرة في الحشمة والحجاب، تلبس العباءة وتغطي وجهها ويديها.
وكم تشاهد الخادمة مع الأسف الشديد، وهي تكثر من الالتفات، وتترقب بني جنسها عند إخراجها للنفايات وقت الضحى.
الضابط الرابع: أن يكون معها محرم. لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يقول :« لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم. فقام رجل فقال يارسول الله إن امرأتي خرجت حاجّة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا قال: انطلق فحج مع امرأتك» أخرجه البخاري ومسلم. ومن أتى بها دون محرم فقد شاركها في الإثم، ومن فوائد وجود المحرم أنه يصونها وتصونه. وتسلم الأسرة من مفاسد قد تحصل وهم لا يعلمون.
الضابط الخامس: الحذر كل الحذر من الخلوة بها في البيت، أو السيارة، أو غير ذلك لحديث ابن عباس السابق.
الضابط السادس: أن من ابتلي بغير مسلمة فيجب عليه دعوتها إلى الإسلام، فيأتي لها بالكتب والأشرطة من مكتب توعية الجاليات، وقد يذهب بها إلى المكتب للقيام بدعوتها إلى الإسلام.
وإن كانت مسلمة فيبين لها أحكام الإسلام: التوحيد، والعقيدة الصحيحة، والطهارة والصلاة ، والحجاب وحرمة السحر والشعوذة، وغير ذلك مما يحتاجونه من خلال الكتب والأشرطة أو ربة البيت.
الضابط السابع: إعطاؤها حقوقها الشرعية، ومراعاة مشاعرها، لأنها بشر، تحزن وتفرح، وتشعر بالغربة والوحشة، ويقع في قلبها الحسد والكراهية، وكثيراً ما أدى عدم الانتباه إلى هذا الضابط إلى الانتقام بالسحر أو قتل الأطفال، أو الانتحار، أو إحراق البيت، أو غير ذلك.
دور الإعلام في الدعوة
* هل أدت وسائل الإعلام رسالتها في الدعوة إلى الله، وما توجيه فضيلتكم؟
لم يكن لأهل الإسلام من وسائل الإعلام العالمي شيء يذكر، ومع بداية الصحوة بدأ الاهتمام بوسائل الإعلام، فظهر الإعلام الإسلامي الآن بشكل طيب في الشريط الإسلامي، والمجلات الإسلامية، أما الصحف السيارة، والقنوات الفضائية فما زلنا متأخرين جداً، وهناك مشاريع طيبة لا تزال في مراحلها الأولى أسأل الله تعالى أن يتمم عليها ويبارك فيها، وأن ينفع بها الإسلام والمسلمين، ولي هنا تذكير لكل من بدأ في وسائل الإعلام الإسلامي وخصوصاً القنوات الفضائية التلفازية: الحذر من البحث عن الرخيص، وتقديم التنازلات.
* القنوات الفضائية تدس السم في العسل. فما مدى تأثيرها على الشباب؟
الذي أعلمه أنها تضع السم الزعاف ظاهراً للعيان بدون عسل ، فمن أدخلها في بيته فقد أدخل السم في بيته وقدمه لأهله فهذه فتاة من أسرة ثرية وجدت في خلوة مع شاب منحرف، متنكرة بثياب رجل، وبعد أن نصحت وذكرت بالله من أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قالت: والدي هو الذي جنى علي أتى لنا بالدش وتركنا معه. وأخبرني طالب في المرحلة الثانوية أن أباه أتى ب«الريسيفر الرقمي» وفيه أكثر من« 300» قناة وبعضها إباحي، يقول: فشفر أي القنوات الإباحية، لينظر إليها وحده، فاستطعت أن أفك الشفرة، وأنظر إليها، بل أصبحت أنا الذي أشفر بعض القنوات لأنظر إليها وحدي، وكانت النتيجة أن تركت الصلاة، وذهبت مع رفقاء السوء إلى الأسواق ألهث وراء الشهوات كما يفعل المعاكسون، وأصبحت أعيش في قلق وصراع مستمر مع نفسي، وكلما أردت التوبة ضعفت نفسي أمام القنوات الفضائية، وعدت إليها، ويقول: أشعر الآن بالبغض لأبي، لأنه هو السبب فيما أنا فيه.
* الإنترنت سلاح ذو حدين فما نصيحة فضيلتكم لمستخدمي الإنترنت؟
الإنترنت وسيلة عظمى للدعوة إلى الله ونشر الخير، وفي نفس الوقت كثير من الشباب انحرف وانتكس بسبب الإنترنت، والكثير منهم يقضي وقته في الإنترنت بالحوارات التافهة، والألفاظ المبتذلة. فنصيحتي لكل شاب وإن لم يكن من الدعاة وطلاب العلم، أن يترك الإنترنت إذا لم يكن لديه هدف دعوي أو علمي، ومن لديه هدف دعوي أنصحه أن يواصل الطريق مع البعد عن أسباب السقوط، وأفضل طريقة للسلامة أن يكون التعامل معه في أماكن مفتوحة مع زملائه الصالحين.
* ماكلمتك للآتي:
«التاجر الذي يسوق منتوجات تحمل ملحوظات تطعن في عقيدة المسلم»:
لو تأمل التجار في آية وحديث لما وقعوا فيما وقعوا فيه، أما الآية فقوله تعالى:« ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا» و أما الحديث فما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:« كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به».
* على من يلقى اللوم في الظواهر الآتية: «المعاكسات التفحيط التدخين في سن مبكرة»؟
على من قام به أولاً، لأنه مكلف شرعاً وهو الذي قام بالمعصية.
وثانياً: على من له ولاية من أب أو أخ أو قريب، أو مسؤول، فالإهمال، وضعف التربية، كلها تؤدي إلى هذه النتائج، والواجب أن يربي الأب أسرته تربية إسلامية منذ الطفولة، وأن يبحث لهم عن الصحبة الصالحة، وأن يوصي أهل الخير عليهم، وإلا انفلت الزمام إذا كبروا.
وثالثاً: على كل من يراهم على ماهم عليه من منكر ويسكت، والواجب إذا رأى أي واحد منا شاباً صغيراً يدخن، أن يأتي إليه مباشرة، وأن ينصحه، وقد فعل ذلك كثيراً، ولم يكن منهم إلا الاستجابة، وإذا رأى امرأة متبرجة أنكر عليها بأسلوب مناسب ولغة طيبة، وبصوت مسموع، كأن يقول: «ياأخت لا يجوز للمرأة أن تلبس عباءة الكتف»، ولا يكثر الكلام، ولا ينتظر الجواب، ويمضي في طريقه.
* هل لفضيلتكم إيراد نماذج من احتساب السلف، وما هي الدروس المستفادة منها؟
عن طارق بن شهاب قال : «أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان. فقام إليه رجل فقال: الصلاة قبل الخطبة. فقال : قد ترك ما هنالك. فقال أبو سعيد: أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» أخرجه مسلم.
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يخرج مع تلاميذه، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فيدورون على الحانات والخمارات، فيكسرون أواني الخمور، ويريقونها، ويعزرون أهل الحانات المتخذة للفواحش.
وقام بعض الحجارين في زمنه بصناعة حجر من رخام، وفي وسط الحجر أثر قدم، فكانوا يدورون به إلى بيوت الكبراء، وفي الأسواق، ويقولون، هذا موضع قدم نبيكم، فيقبل الناس على تقبيله والتبرك به، ويعطونهم الأموال مقابل ذلك. فعثر عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية فأمسكهم، وكسر ذلك الحجر ، وهربوا من أمامه مخافة منه. فشيخ الإسلام كان يقصد المنكر لإنكاره، ويخصص لهذا العمل وقتاً، ويربي طلابه عليه.
* ماتعليق فضيلتكم على كل من:
«ظاهرة انتشار الطلاق»: تدل على أهمية الوعي قبل الزواج بالحقوق الشرعية بين الزوجين، وطرق علاج المشاكل.
«السياحة في الخارج في بلاد الكفر والفسق»: تربي صاحبها على ضعف الغيرة، وإقرار المنكر، والرضا به.«أهمية اختيار الزوجة الصالحة»: وصية النبي صلى الله عليه وسلم: «فاظفر بذات الدين تربت يداك».
«التفريط بمواسم الطاعات»: علامة على ضعف الإيمان.
|
|
|
|
|