| عزيزتـي الجزيرة
انفجار معرفي هائل.. وثورة علمية تكنولوجية تفوق الخيال، اختصار للزمن وطي للمسافات.. حتى اصبح العالم بأسره في بيتك!! تتجول بين ارجائه دون حجز مسبق ولا رسوم جمركية، ولا حتى جواز سفر، ولم يعد عليك سوى تنفيذ حركات بسيطة بأناملك (الماهرة) حتى تجد نفسك تائها بين ملايين المواقع والتي تمثل الكثير الكثير من الافكار والاعتقادات من مختلف دول العالم.. إنها (العولمة) التي اجبرت الناس على الركض والذهاب والعودة الى محلات الكمبيوتر للاشتراك والتجديد والتحديث والشراء.. هوس وجنون، لا يعلم عواقبه الا الله.
العولمة حدثت، والانترنت دخلت البيوت، ولكن ما ذا بعد؟!! هل نتعامل معها بالطريقة الصححية، ونستغلها الاستغلال الامثل!! أم اننا وقعنا صيدا سهلا متعلقين بسنانير صيد من يعملون على تدمير قلوبنا وعقولنا؟
أنا لست عالما كبيرا، ولا مفكرا، ولا مصلحا اجتماعيا، ولكن ما اكتبه وتقرؤونه الآن واقع يحكي نفسه ويفرض ذاته على الجميع، ويجبرنا جميعا على التفكير بعواقب الامور وقطع جذور النهاية قبل بدايتها.. إخواني لقد تعودت ان اكتب لأخاطب قراء متميزين لهم قدرتهم على الفهم والتحليل ومطابقة الكلمة التي بين أيديهم مع الواقع الذي يعيشون أحداثه ليل نهار.. وإذا مل احدكم من هذه المقارنة والمطابقة فما عليه سوى الدخول الى مواقع (المحادثات) على الشبكة.. ادخلوها وتحملوا ما سيواجهكم من مفاجآت.. ستجدون العجب العجاب، شباب وفتيات صغار وكبار. كلهم يسهرون الليالي الطوال يتبادلون (المهاترات والغزل، والنكات.. وغيرها).. وان عجزتم عن الدخول لهذه المواقع فاستمعوا لما يدور بين الشباب عن (ليلة البارحة) مع الانترنت.
كلهم يتفاخرون بما انجزوه من كثرة (الضحك) والاستهتار بعقولهم اولا ثم عقول من يراسلون.. ناهيك عن تبادل الصور عبر الموقع، وتبادل المواقع (الساذجة) التي لم توضع الا استخفافا بعقولنا، وصرفا لقلوبنا واهتماماتنا عن أمور هي اولى وأجدى بالاهتمام والمتابعة، والله ان ما يحدث بين الشباب والفتيات، او بين الشباب أنفسهم ليدعونا الى المقارنة بين واقعنا وواقع (أطفال) وليس (شباب) اليابان وغيرهم، إنهم ليسوا من كواكب اخرى ولا عقولهم مخلوقة من غير ما عليه البشر، ولكن طموحهم هو الذي يختلف، وتوجيه آبائهم هو من يصرفهم عما نعيشه من تخبط بين مواقع المحادثات، هل نحن بحاجة الى حديث كي نقضي ساعات الليل بهذه الطريقة؟ ابدا ايها الشباب، أبدا ايها الفتيات، ان الوطن والأمة ينتظرون منّا الشيء الكثير وهم اليوم اشد حاجة لنا من اي وقت آخر.. فلنحسن مواكبة العولمة، ولنحكم عقولنا ونكبح جماح عواطفنا وشهواتنا، ونرفع انظارنا الى السماء باحثين عن نور لا ينطفىء وحياة سعيدة ملؤها العقل والحكمة، ولنكن متحكمين لا محكومين، نتحكم بهذه الشبكة العنكبوتية ونوجّه ما بها كيف نشاء نحن، لا كما يشاؤون هم.. فكروا في حالنا اليوم وما الفائدة التي نجنيها من وراء (الانترنت) اذا اصر كل منا على استمرار علاقته معها بهذه الطريقة.. فكروا قليلا وعودوا الى رشدكم، واقتحموا مواقع العلم والثقافة، واستغلوا انتشار هذه الشبكة في نشر أمور دينكم ومبادئكم.. فلو بعث كل واحد منّا كلمة تمثل الشاب المسلم الصادق، لصارت العولمة نعمة لنا، ونقمة عليهم.. اما اذا واصلتم السير بهذه الطريقة، فان العواقب ستكون وخيمة.. والنهاية سوف تبدأ.. أيها الشباب والفتيات نحن اليوم ما سيكون غدا وما نقوم به سيحدد خط سير الاجيال القادمة فهل سنظل تائهين؟ وهل سنتعاون مع غيرنا على دمار ديننا ومعتقداتنا.. ام هل سنعمل على تنشئة اطفالنا تنشئة اسلامية، يعرفون بها الحق من الباطل، ويصلون بها الى بر الأمان.. هذا ما يحدده كل واحد منا حين يجلس أمام جهازه في المنزل ويقتحم العالم بأصابعه، وقبل ان اختم اوضح شيئا لا يخفى على قراء واعين مثلكم، وهو أن ما سبق لا يمكن تعميمه على جميع الشباب والفتيات، ولكن تظل النسب كبيرة، وكم اتمنى ان يقرأ كلماتي هذه من لديه علم عن آخر الاحصائيات الخاصة بهذا الأمر، فيوافيكم بها، وسترون المخاطر اذا استمر الحال على ما هو عليه. اشكركم جميعا، وأتمنى لكم اوقاتا نافعة وجولات مفيدة بين مواقع الانترنت.. وإلى لقاء.
جميل فرحان اليوسف
سكاكا الجوف
|
|
|
|
|