| عزيزتـي الجزيرة
سعادة رئيس تحرير جريدة «الجزيرة» سلمه الله
من المعروف ان الارشاد أو بالأحرى التوجيه والارشاد يعرف بأنه عملية منظمة هدفها فهم الطالب ومعرفته لشخصيته وقدراته وتعليمه كيفية حل مشكلاته وبالنظر الى الواقع الذي يعيشه معظم طلاب المدارس وكثرة مشاكلهم وتأخرهم الدراسي وتسربهم يتبادر الى ذهننا حقيقة التوجيه والارشاد هل هو مجرد كلام يكتب لا أثر له في الواقع؟ أم أن تلك الظروف والمشاكل يصعب حلها من خلال أهداف التوجيه والارشاد.. أم ان الطالب لم يتفهم الهدف من الارشاد.. أو أننا لم نجد المرشد القادرعلى ترجمة أهداف التوجيه والارشاد على أرض الواقع.. ومن خلال النقاط التالية أذكر بعض العوائق المثبطة للعملية الارشادية وكيفية علاجها باختصار:
1 ان بعض المرشدين غير مؤهلين شخصيا للارشاد بسبب:
أ حاجتهم شخصيا للإرشاد سواء في طريقة حياتهم أو أسلوب تعاملهم مع الآخرين فالمرشد يجب ان يتصف ويتحلى بالصدق والأمانة والرغبة في مساعدة الآخرين والتروي في الحكم على الأمور.
ب ضعف الوازع الديني: عندما يمارس المرشد أنواع الارشاد وخاصة الارشاد الديني والأخلاقي وهو في نفس الوقت يفتقد ذلك ينعدم تأثيره على طلابه لما يرون من التناقض بين حياته وعمله.
ج لجوء البعض الى الارشاد بعد ان كان مدرسا بسبب ضعفه وفشله في المجال التدريسي كعدم تمكنه من الالمام بأسس التدريس الصحيحة وضعف ثقافته أو غير ذلك.
2 دخول بعض الأشخاص غير المؤهلين الى حقل الارشاد وهم يجهلون الطريقة المثلى للتعامل مع الأطفال والشباب إما بسبب عدم إلمامهم بقواعد وأسس العمل الارشادي أو لعدم دراستهم علم النفس وما يحويه من بحر غزير من الطبيعة البشرية واختلافها من شخص لآخر. ويكون دخولهم المجال الارشادي هروبا من التدريس ولا يهمهم ما يتطلبه هذا العمل من جهد وعطاء ويتركز عملهم على ملء الأوراق والملفات بالكتابات التي لا أثر لها في الواقع ولم تتم كتابتها إلا من أجل تحسين صورهم وتلميعها أمام المسؤولين والمفتشين.
3 تهافت الجميع على الارشاد وخاصة مديري المدارس لأحد السببين الآتيين:
أ طمعا في الحوافز التي قد يحصلون عليها بعد ان يكونوا حصلوا على حوافز الادارة المدرسية.
ب ضعف شخصيتهم وفشلهم في ادارة مدارسهم كما ينبغي سواء في معاملتهم مع الطلبة أو مع المدرسين. ويجب عدم اغفال ان هناك بعض المديرين لديه القدرة والاحساس بالعطاء أكثر في المجال الارشادي عنه في المجال الاداري.
4 تكليف المرشد بأعمال ادارية: تختلف نظرة بعض مديري المدارس نحو طبيعة عمل المرشد.. حيث يرى بعضهم ان العملية الارشادية ليست ضرورية وانما من الأمور الهامشية. ثم يكلف المرشد ببعض الأعمال الادارية كالعمل على الكمبيوتر أو متابعة الأنشطة المدرسية الأخرى.
5 وقوع المرشد تحت سيطرة وتقويم المدير لعمله: يصعب على كثير من المرشدين التصرف وفق ما يرى في ممارسة عمله حيث يقع تحت وطأة الضغوط الادارية فهو لا يستطيع معارضة المدير وابداء رأيه لو كان معارضا لرأي مدير المدرسة. فالمرشد قد يرى بعض التصرفات الخاطئة التي تصدر من المدير في تعامله مع الطلاب كالضرب والقسوة في الكلام وكالاستهزاء ولكنه لا يستطيع التدخل وتوجيه المدير نحو الطريقة المثلى للتعامل.. ويقع نتيجة ذلك في صراع داخلي هل يبدي رأيه أم يجامل خوفا من سلطة المدير؟
6 كثرة تنقل المرشد من مدرسة الى أخرى:
عندما يبدأ المرشد عمله فإنه يشكل علاقات أخوية مع جميع الطلاب ومع مرور الوقت يتكون لديه رصيد كامل ودراية بظروف كل طالب ومعرفة كل صغيرة وكبيرة عنه. حيث يتعرف على أصحاب المشاكل والظروف المختلفة. ثم يتم نقله الى مدرسة أخرى ويترك مدرسته لمرشد آخر جديد ويحتاج كل منهما وقتا طويلا للتعرف على الطلاب الجدد وبالتالي يحتاج الطالب الى وقت أطول ليتعود على المرشد الجديد.
7 اكتفاء معظم المرشدين بعملهم داخل أسوار المدرسة:
عندما يكون احتكاك المرشد بالطالب داخل أسوارالمدرسة فقط يقل تأثيره وقد ينعدم. فالمرشد لا يستطيع أثناء اليوم الدراسي المليء بالأعمال المختلفة ايجاد الوقت الكافي للجلوس مع كل طالب ودراسة مشكلته. وهنا من المفترض على المرشد متابعة الطالب خارج المدرسة ودراسة مشاكله وظروفه والعمل على حلها والقضاء عليها.
8 اعتماد المرشد على البيت في تقويم سلوك الطالب:
يلجأ بعض المرشدين عندما يطرأ انحراف على سلوك الطالب أو يحدث اهمال في أداء واجباته المدرسية الى استدعاء ولي أمره ومناقشته مناقشة سطحية وسريعة ويطلب منه العمل على تعديل سلوك ابنه متناسيا ان بعض الآباء هم في حاجة الى تعديل سلوكهم وان فاقد الشيء لا يعطيه.
9 عدم تعاون البيت مع المرشد:
يتلقى بعض الطلاب في بيوتهم تربية خاطئة وقد تتكون لديهم سلوكيات منحرفة وعندما يحاول المرشد تعديل هذه السلوكيات وينجح، لا يلبث الطالب ان يعود كالسابق بسبب طريقة التربية الخاطئة التي يجدها في البيت. ويصبح دور البيت معول هدم لما تعلمه الطالب في المدرسة.
10 عدم تعاون المعلمين مع المرشد: قد ينشأ نوع من الحساسية في التعامل بين بعض المعلمين والمرشد.. فالمعلم قبل ان يكون معلما هو في الأساس مربٍ ومرشد للطالب يجب عليه العمل على تعديل سلوك الطالب داخل محيط الفصل بصفة ذاتية وعليه ألا يعتمد على المرشد في كل صغيرة وكبيرة. وعندما يهمل الطالب واجبه أو تحدث له مشكلة مع أحد زملائه على المعلم ألا يخرج الطالب من الفصل. فإخراج الطلاب بشكل مستمر الى غرفة المرشد لأمور بسيطة وتافهة قد يحدث ضيقا عند المرشد ويشغله عن أمور أهم. وقد يطلب المرشد من المعلم حل هذه المشاكل داخل الفصل وهنا تحدث الشرارة التي يتكون منها أصل الخلاف وتبدأ العلاقة التنافرية بين المرشد والمعلم التي ستؤثر بلاشك على عمل المرشد.
11 صغر سن بعض المرشدين الطلابيين:
من أجل ان يمارس المرشد عمله ويستطيع حل المشاكل الطارئة يجب ان تكون لديه خبرة وتجربة في الحياة. وهذه الخبرة والتجربة تتكون لديه مع مرور السنوات والاحتكاك بالآخرين وتربية الأبناء.. والطالب عندما يجد المرشد الذي يتحلى بهذه الصفات يحدث لديه تقبل وثقة فيه ويبوح له بكل ما لديه من مشاكل وأسرار بعكس ما لو كان المرشد صغير السن حيث قد ينظر إليه الطالب نظرة دونية بسبب فارق السن البسيط بينهما.
12 انعدام القدوة لدى المرشد:
من المعروف ان القدوة في التربية تعتبر أهم وسيلة في اعداد الولد خلقيا.. وعندما يكون المرشد سيىء الخلق بذيء اللسان سريع الانفعال والغضب ينعدم تأثيره على طلابه وقد يتطبعون بطباعه ومن المعروف أيضا سهولة تلقين الطالب منهجا من مناهج التربية ومن السهولة نصحه وارشاده ولكن هل يستجيب الطالب لذلك خاصة وهو يرى مرشده يحمل الصفات السابقة؟. إن المرشد قادر بإذن الله تعالى على التأثير على سلوكيات الطالب واصلاحها بشرط ان يكون أسوة صالحة وحسنة وان يتصف بالصفات الفاضلة كالعطف والرحمة التي ان نزعت من قلب المرشد فإنه لن يفلح في عمله ولن يكتب له النجاح.. فالتربية بالقدوة الصالحة هي الأساس في تقويم انحراف الطالب وترقيه نحو الفضائل. روى الجاحظ أن عقبة بن أبي سفيان لما دفع ولده الى المؤدب قال له:«ليكن أول ما تبدأ به من اصلاح بنيَّ اصلاح نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك فالحسن عندهم ما استحسنت والقبيح عندهم ما استقبحت..». والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
عقيل محمد عقيل الشمري
مدرسة تحفيظ القرآن الكريم برفحاء
|
|
|
|
|