| الثقافية
* في المقهى الثقافي (الجريون) بالقاهرة، الواقع في شارع متفرع من ميدان طلعت حرب، أول ما يلفت نظرك وأنت تدخل هذا المقهى (دواليب) زجاجية لعرض أحدث الكتب التي صدرت في مصر على مستوى القصة والرواية والشعر والنقد والفكر والسياسة والعلوم الآخرى، وبهذا فإن هذا المقهى سوف يكفيك مشقة البحث عن أفضل الكتب، كما أن أصحاب هذه الكتب من مصريين وعرب يرتادون هذا المقهى الهادىء، وسوف تكون هناك حوارات متعددة المستويات حول مختلف القضايا في كل ركن من أركان المقهى، وفي مساء أحد الأيام من الشهر الماضي التقيت في هذا المقهى بالادباء يوسف أبو رية ومحمد البساطي والدكتور صبري حافظ وتوفيق عبدالرحمن صاحب الرواية الممنوعة التي صدرت مع روايتين أخريين عن هيئة قصور الثقافة قبل عدة أشهر وأحدثت ضجيجاًً أدبياً لم يهدأ حتى الآن، بعد ان تمت مصادرة الروايات الثلاث وتغيير المسئولين عن النشر في هذه الهيئة، مع العلم أن هذه الروايات تنشر على موقع (AROOB) الألكتروني ، كان الحديث عن الرواية بشكل عام وازدهار كتابتها وقراءتها في العالم العربي خلال السنوات العشر الأخيرة، ودخول بعض الشعراء والصحفيين في تجربة الرواية دون سابق خبرة، وكان الدكتور صبري حافط يثني على روايته (الحزام) التي كتبها أحمد أبودهمان بالفرنسية ويتساءل مع الأصدقاء لماذا بالفرنسية؟ وكنت أحاول الإيضاح أن الكاتب أبودهمان عاش ولايزال يعيش في فرنسا منذ ربع قرن تقريباً مديراً لمكتب جريدة الرياض في باريس، بالتالي من السهل ان يُقدم على مثل هذه التجربة الادبية التي حاول من خلالها التعبير عن حبه الكبير لقريته الجنوبية، صحيح ان الرواية كما قال بعض النقاد كانت وصفاً للمكان وعادات وتقاليد أهله التي تسخر من الحياة الحديثة ولاتُقدم جديداً على المستوى الفني سوى ما تقدمه للقارىء الغربي من كشف عن عالم متخلف ومغلق، لكنها في النهاية تجربة تستحق القراءة والنقد خصوصاً على مستوى اللغة والمستوى الفني للعمل لأنه يُفترض أن لا تكون اللغة في الأدب أداة توصيل فقط بل عليها أن تتجاوز ذلك بابتكار الصور الأدبية المبدعة لكي يقدم هذا الكاتب جديداً ولا فتاً على مستوى الآدب، فهل حققت هذه الراوية ذلك.. سؤال للنقاد؟!.
وإذا كنت أتفق مع بعض النقاد أن ترجمة مثل هذه النصوص للعربية سوف تكون أقل إبهاراً وغرابة منها في اللغة الفرنسية التي كتبت بها أصلاً، فإنني لا أنسى رواية المغربي محمد شكري «الخبز الحاف» التي كشفت عورة العالم السفلي في مدينة (طنجة) دون أن تقدم لي كقارىء جديداً على المستوى الفني والفكري، لكنها لم تكن سيئة إلى درجة مصادرتها أو نفيها من عالم الأدب الذي من المفترض أن يضج بمختلف التجارب الإدبية مهما كانت توجهاتها.
* دور النشر في الغرب وفي فرنسا على وجه التحديد تطبع لكل الادباء والكتاب المهمين في الغرب، ولكنها تريد من كتّاب العالم الثالث لكي تطبع لهم أن يكشفوا المستور في بلدانهم لكي يقدموا جديداً للقارىء الأوروبي، وهذا يفيدهم ماديا ويدعم خزينة دار النشر لكي تستطيع أن تواصل مشوارها في طبع ونشر الكتب الفرنسية المهمة التي تنتظر دورها في الطبع ، وهذه حقيقة فعلاً، لكن الحقيقة الأخرى هي حرية الكتابة، حرية الكاتب أن يكتب باللغة التي يشاء وفق إمكاناته الأدبية سواء كان عالية أو متواضعة، والناقد الحقيقي لكل عمل أدبي متواضع أو متميز هو القارىء . ويفترض من كل كاتب أن يتقبل الملاحظات مثلما يتقبل الاشادة.
* بعد أمسية المقهى الثقافي بالقاهرة بيومين اتصل أحد الإخوة من التلفزيون المصري (القناة الثانية) يطلب تسجيل حوار عن الرواية في العالم العربي وتجربة كتابة أحمد أبودهمان بالفرنسية، حاولت الاعتذار حتى لا أخل بالموعد خصوصا أن الأسرة معي، لكنه أكد ان التصوير سوف يكون في مكان سكني وفي الوقت الذي أحدده، وفعلاً اتفقنا على موعد التصوير وجاء الاستاذ محمد الكفراوي مع فريق التصوير وسجل لمدة عشر دقائق تقريباً، سألته من أخبره بالحوار الذي دار في المقهى الثقافي، قال لي ان للتلفزيون عين ثالثة في كل مكان وأن لديه الكثير من برامج الحوار مع الادباء المصريين والعرب حول الكثير من القضايا الأدبية والثقافية والسياسية الهامة، وقال إنه من أجل سرعة الاداء يتم التصوير في بيوت الادباء والمثقفين.
* هذه اللقطة الأخيرة نهديها صورة مع التحية الى التلفزيون السعودي لأننا نشك أن أكثراً من ثمانين في المائة من أدبائنا ومثقفينا لايعرفون موقع هذا الجهاز ولايدرون ما هي علاقته بالثقافة وبالادب.؟!.
* يتبع الأسبوع المقبل.
ص.ب 7823 الرياض 11472
fahdateq@hotmail.com
|
|
|
|
|