رئيس التحرير : خالد بن حمد المالك

أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 19th September,2001 العدد:10583الطبعةالاولـي الاربعاء 2 ,رجب 1422

عزيزتـي الجزيرة

بعض النقاط حملها العطني دون تمحيص
لم أعترض على فصاحة كلمة (يا ويلي)
سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة الأستاذ خالد المالك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
إنني عندما بعثت بردي على مقال أستاذنا الفاضل عبدالله بن إدريس فهذا لا يعني أنني أرغب في فتح مجال للخوض في أمور عفا عليها الدهر. ويجب ألا يكون لها مكان في المقالات الأدبية التي تصدر من أساتذة في الأدب. وحاولت من خلال مقالي التنبيه لعدم تكرار مقالات لا تؤدي إلاّ للحساسية والتذكير بالماضي الغابر. فنحن كما ذكر أستاذنا الفاضل عبدالله بن إدريس نعيش في مجتمع حضري وحضاري كذلك إلى حد كبير. وما دام الأمر كذلك فإن واجب المثقفين التوعية ونقل ما يفيد من التراث بأمانة وترك ما لا يفيد.
لقد اطلعت على ما كتبه الأخ عبدالله بن محمد العطني من حفر الباطن في الجزيرة عدد 1075 يوم الثلاثاء الموافق 23/6/1422ه. والذي ذكر أنني تبنيت هجوماً كاسحاً على الأديب الشيخ عبدالله بن إدريس وهذا لم يحصل بل حاولت توضيح بعض النقاط التي جاءت في مقال أستاذنا الفاضل عبدالله بن إدريس قد يحملها بعض القراء مثل عبدالله بن محمد العطني على كاهلها دون تمحيص أو توضيح لما تنطوي عليه من متناقضات مع واقع البادية أو الحاضرة في تلك الفترة في مرحلة ما قبل توحيد المملكة العربية السعودية على يد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه.
ويا ليت أن الأخ عبدالله العطني عند دفاعه قد توصل إلى ما يتناقض مع ما ذكرته في مقالي، وبما أنه حاول إبداء رأيه كقارىء للجزيرة العزيزة إلاّ أنّه لم يوفق في تغيير المعنى الذي طرحته في مقالي.
بل وضع أبيات شعر للشاعر الكبير الراحل عبدالله بن سبيل رحمه الله تؤيد وتوضح ما أشرت إليه في مقالي بالدقة والتفضيل.
يقول العطني: إن كلمة «يا ويلي» كلمة فصحى ويقولها الرجال والنساء، وأنا لم أتحدث عن فصاحة الكلمة أو عدمها، وليس لديّ أي اعتراض على أن الكلمة من الكلمات الفصحى. ولكن كون الرجال في نجد يقولونها فهذا كلام مردود. والأبيات التي استشهد بها لم يذكر قائليها هل هم نساء أو رجال، يقول انهم نساء ورجال وهذا لا يكفي لابد من ذكر أصحابها مثل ما ذكر اسم صاحب الأبيات الأولى للشاعر الراحل عبدالله بن سبيل. ثم هل هؤلاء من نجد أم من جهات أخرى، وهل هم من رجال الفترة التي اشرنا إليها أم من بعض الشعراء المعاصرين الذين اختلط عليهم الحابل بالنابل. مثل ما اختلط عليه هو فهم معنى أبيات الشاعر عبدالله بن سبيل. أبيات الشاعر الراحل التي ذكرها عبدالله العطني كلها تشهد لي:
فقوله:


ربيع قلبي جيه البدو جوله
وتغيرب المقطان واحبنا له

المقطان مهوب قرية نفي. كما ذكر العطني، المقطان عدّ يقطن عليه البادية في الصيف وابن سبيّل معروف حبه للبادية ومسياره عليهم إذا نزلوا على العدود (جمع عِدّ) وإذا كثر نزف الماء على حال العِدّ تغيّْرَبْ فيتمنى اللحظة اللي يشوف فيها مغاريب العِدّ. المقطان مهوب عند النخيل والمزارع حول القرية: المقطان بئر محفورة في الصحراء.
ونفي حواليه عدود البادية، الذي يردون عليها. ونفي معروف من أماكن البادية تسكنه قبيلة عتيبة (الروقة). وكونه الآن أصبح قرية أو حتى مدينة مثله مثل (رماح) الذي أصبح مدينة وهو كان عِدَّاً من عدود البادية تقطنه قبيلة سبيع وهو من أعمق آبار البادية، حتى أن شاعراً من البادية قد قال في فتاة من البادية رَمتْ نفسها في هذا العد العميق لتموت لأن أهلها لم يزوجوها من شخص تحبه حيث قال:


زين سِلْمٍ لِلْبِنىْ جرته ساره
من بلي بالروح يمشي مماشيها
روَّحَتْ عصير للموت زواره
عارفت الدنيا وأهلها وما فيها

ثم إن البيت الثاني والثالث لابن سبيل اللذين ذكرهما الأخ عبدالله هما:


سقوى الى جت نقضة الجزو بالصيف
وأبعد ثرى نقعه وكنت مزونه
تسعين ليله جانب العد ما عيف
ولا للشديد مطري يذكرونه

صحيح أن هذين البيتين يوضحان متى يردُون أو يقطن البادية على العدود. وفي البيت الأول يوضح ابن سبيل ان جانب (العد) ما ينعاف خلال تسعين يوماً ولم يقل جانب القرية. كما يظن العطني.
وبهذه المناسبة أريد أن أوضح أبياتاً أخرى من شعر ابن سبيل توضح متى يرحل البدو من العدود اذا جاء الحيا والربيع ومدى حزنه على فراقها. يقول ابن سبيل:


يا عين وين احبابك اللي تودين
اللي ايلا ما جاو منزل ربعوا به
هل بيعدت على الجو طوفين
عِدٍّ خلا ما كنهم دوجوا به
منازلهم تذري عليها المعاطين
وتذري عليها من الذواري هبوبه

شفت الوصف الرهيب يا أخ عبدالله: معاطين العُدُودْ تذري على منازل البدو والتي ليست مثل القصور المحصنة بالقرى. حتى ابن سبيل حدد الوقت الذي يغادر فيه البدو هذه العدود وقال:


عهدي بهم باقي من السبع ثنتين
قبل الشتاء والقيظ زل محسوبه

وختاماً أشكر الأخ عبدالله محمد العطني على هذه الشهادة التي أثبتت صحة ما ذهبت اليه في مقالي وأعده أنني لن اضيق بها ذرعاً كما ذكر بل ارحب بها. فهل للأخ الكريم ان يعطيني بيت شعر واحداً، لابن سبيل او لابن لعبون، او للقاضي من شعراء الحاضرة أو لابن حميد، او شليويح العطاوي من عتيبة او لشالح بن هدلان من قحطان او غيرهم من كبار شعراء البادية يتوَيَّلون أو يقولون فيه يا ويلي أبداً لن يستطيع ذلك.
كما أنني أحب أن أوضح أن البيت الأول من الشعر الذي جاء به كقوله لشعراء من البادية أنه مكسور فكلمة «متقفيني» في الصحيح «مقتفيني» والبيت الثاني من شعر ابن سبيل «وابعدثرى نقعه وكنت مزونه، ومهيب «ترى نقعه وكنت مزونه» لان الثرى الذي هو «الندى» اذا ابتعد من جذور النقعة «منابت العشب» يضمر ويموت وتكن المزون أي يذهب السحاب والمطر. ولا أود أنه يقع للأخ العطني في كسر أبيات الشعر إلاّ إذا كانت تلك الغلطات غلطات مطبعية.
لذا فالأخ عبدالله العطني قد أوضح الحقيقة بذكره أبيات الشاعر الراحل عبدالله بن سبيل رحمه الله التي أكدت ما تحدثت عنه في مقالي وعرَّت ما حاول أن يلبسه ثوب الحقيقة التي ينشدها.
والله الموفق.
د. بدر بن حمود العماج

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][البحث][الجزيرة]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved