| المجتمـع
* الرياض روضة الجيزاني:
حاول كثير من المجتمعات الاسلامية تعريف او تحديد ثقافة الطفل حيث زخر العديد من المؤلفات بعدة تعريفات وعناصر مختلفة بين الماضي والحاضر، ومن هنا يجب تزويد الطفل بثقافة مستمدة من دروس الماضي والتراث الثقافي للأمة العربية ليصبح قادراً على مواجهة تحديات الواقع المعاصر والانحيازات الثقافية التي يربطها انماط الحياة المختلفة.
من المسؤول عن صناعة ثقافة الطفل وماهو واقع ثقافة الطفل العربي اليوم هذا السؤال بداية نطرحه على الدكتورة اعتدال الخلف استاذ الاعلام وثقافة الطفل ورئيس قسم رياض الاطفال بكلية التربية للمعلمات بالرياض حيث تقول بداية:
ان المجتمعات الاسلامية ادركت منذ اكثر من 14 قرناً من الزمان اهمية تثقيف الطفل، وتنشئته باعتباره زاد الامة، وباني مستقبلها، وتمثل ثقافة الطفل وعناصرها المختلفة حصيلة من التفاعل بين الماضي والحاضر والمستقبل حيث تشكل وتتكون شخصية الطفل المستمدة من دروس الماضي او التراث الثقافي للامة الاسلامية، مزودة اياه بما يجعل الطفل قادراً على مواجهة تحديات الواقع المعاصر واستشراقاً لتطلعات المستقبل، وربما كانت انسب الكلمات تلك التي صاغها عمر بن الخطاب رضي الله عنه التي تعبر عن اهمية التنشئة الثقافية للطفل حين قال «ربوا أولادكم لجيل غير جيلكم، فقد خلقوا في زمان غير زمانكم».
اما عن صناعة المنتج الثقافي، فان تعاظم دور وسائل الاتصال الحديثة وانتشار الخدمات الثقافية على مستوى العالم، بصورة اصبحت فيها صناعة المنتج الثقافي للطفل سواء من الكتاب ومروراً بالمجلة وافلام السينما والفيديو والتلفزيون الى الانترنت وخدماته المتعددة التي اصبحت في تناول الطفل في القرن الحادي والعشرين، ادى الى تنامي الجهود البحثية على الساحة العربية خاصة منذ السبعينات حيث بدأ الاتجاه نحو دراسة ثقافة الطفل على اسس علمية، إلا أنه على الرغم من الجهود البحثية التي بذلت والمؤتمرات والندوات والحلقات الدراسة التي عقدت خلال ما يقارب من ثلاثين عاماً مضت فإن مستوى الخدمات الثقافية المقدمة للطفل العربي مازال دون مستوى الطموح العربي والاسلامي المأمول مما يلقي بأعباء المسؤولية على القائمين على ثقافة الطفل العربي.
* ماهي المشكلات والاسباب التي ساهمت في تردي ثقافة طفل اليوم؟
يرجع كثير من الباحثين والدارسين المشكلات الاساسية التي تواجه ثقافة الطفل في العالم العربي الى عدة منطلقات اهمها: الأمية والتجزئة والفقر وهي منطلقات تفوق تطور وسائل الاعلام وثقافة الطفل من صحافة واذاعة وتلفزيون ومكتبات ومتاحف الخ.. باعتبار ان تلك الوسائل الاعلامية والثقافية ادوات مجتمعة تشارك ضمن وسائط اخرى في تنشئة الطفل اجتماعياً وسياسياً ووجدانياً و يحدد بعض الباحثين العقبات التي تواجه ثقافة الطفل في الدول العربية في اربع مشكلات رئيسية هي:
اولاً: مشكلة المنافسة غير العادلة بين وسائط تثقيف الطفل عالمياً، وطبقاً لعدة دراسات اجراها «اليونسكو» جاء فيها ان غالبية الدول العربية تستورد اكثر من نصف وسائط الثقافة الاساسية للطفل وان 75% من تلك الوسائط يأتي من الولايات المتحدة الامريكية هذا بالاضافة الى تلك الوسائط ومايتبعها من برامج تتدفق في اتجاه واحد من الدول المتقدمة الى الدول العربية.
* ماهي الوظائف الاساسية التي يجب القيام بها لتثقيف الطفل؟
مشكلة تحديد الوظائف الاساسية او المهام التي يجب على وسائط التثقيف للطفل القيام بها في المجتمع العربي يتميز بوسائل الاتصال الثقافي بكونها مشاركة في عملية التنشئة الاجتماعية للطفل، مما يجعل من الضروري تجديد المهام التي من اجلها يتم انتاج صحف للطفل او برامج مسموعة او مرئية حيث ادت ثورة الاتصالات الحديثة الى درجة عالية من قابلية الراشد قبل الطفل للتأثر بتجارب الآخرين وانماط سلوكهم المنقولة له عبر وسائط الثقافة المختلفة العالية التقنية، والتي بدورها ادت الى استحالة التحكم فيما يتعرض له الطفل من مواد ثقافية مختلفة.
* كيف نواجه هذه المشكلة؟
يجب تحديد القدر المتاح من مصادر اي دولة الذي سوف يخصص من الاستثمار في مجال الثقافة، ولأي هدف او مهمة، كما ان مشكلة تحديد دور كل من القطاع الحكومي والقطاع الخاص في مجال تثقيف الطفل العربي اصبح مفروضا، حيث اصبح التوجه العالمي حاليا نحو مايسمى باقتصاد السوق، بما يحمله من مفاهيم حرية النشر والثقافة، اي ترك الانشطة الاعلامية والثقافية لمنطق العرض والطلب، فهل تعد ثقافة الطفل سلعة مثلها مثل السلع الاخرى باعتبارها منتجاً تجارياً..؟ انها مشكلة تكمن ابعادها في كون وسائط تثقيف الطفل تعد انشطة معرفية واجتماعية ووجدانية لها صلة وثيقة بتنشئة الطفل.
* وماهو التساؤل الذي يطرح نفسه حيال ماذكرته؟
الامر يحتاج إلى ضوابط يجب الاتفاق عليها من قبل القائمين على اعلام الطفل وتثقيفه، خاصة وان دولة كفرنسا مثلا رفضت ذلك المنطق وخاضت بحكم تمسكها بأن الثقافة ليست مجرد منتج تجاري معركة عنيفة ضد مايسمى بالعولمة وتنميط الثقافة، حتى اصبحت العولمة متهمة بكل ما يقلق البشر ويهودهم، خاصة واننا لانزال في بداية هذه الظاهرة حيث لوحظ تزايد عدد الذين يرون ان ثقافتهم اصبحت هشة وان لغتهم اصبحت اقل استخداما وان تاريخهم يدخل في طي النسيان ومشكلة الاتفاق على مستوى المضمون المقدم للطفل من خلال وسائل الاعلام والثقافة المختلفة، ويرتبط بذلك ضرورة الاخذ في الاعتبار للتكوين الثقافي والقيمي للطفل العربي، وتحديد ما الافكار والعقائد والقوانين واساليب السلوك ونماذج الابطال.. الخ التي يراد بثها في عقول اطفال اليوم، شباب الغد ومن هنا اصبح البديل لتعبير الاستثناء الثقافي هو التنوع الثقافي من اجل تفادي تنميط العالم و الحفاظ على تنوع الثقافات فلا يمكن في الوقت الحاضر ان يعيش الطفل في حماية حدود مجتمعه تحت مايسمى بالاستثناء الثقافي فقط بل يجب ان يتسلح القائمون بالاتصال الثقافي بالطفل بالقدرة التنافسية التي يسبقها بالضرورة، انتاج اعمال ابداعية للطفل تسبقها صناعة قوية وشبكات توزيع فعالة، لذلك اصبح من الضروري توافر امرين: وضع حواجز من اجل التقاط الانفاس مع الاهتمام بالتنظيم لعناصر ثقافة الطفل العربي، ثم حيث تحين الفرصة المناسبة: التحول الى قدرة تنافسية مبدعة في كافة مجالات ثقافة الطفل، ويرتبط بكل ذلك ضرورة التكامل والتفاعل بين وسائط تثقيف الطفل في المجتمع العربي، حيث تتفاعل ثقافة الطفل وتتكامل مع ثقافة الكبار، والدعوة الموجودة على الساحة العربية حاليا هو التوجه الى مايسمى ثقافة الاسرة ومايرتبط بها من وسائط مثل فيلم الاسرة وبرامج الاسرة كتب الاسرة وهو توجه يتماشى مع قيم المجتمع العربي المسلم حيث تشكل الاسرة اللبنة الأولى لبناء المجتمع.
* ماذا عالجت البحوث والدراسات التي اجريت في مجال ثقافة الطفل؟
ان معظم البحوث والدراسات التي اجريت في مجال ثقافة الطفل كانت تعالج المشكلات باعتبار ان ثقافة الصغار شأن خاص ينفصل عن ثقافة الكبار واعلامهم الا انه ومنذ التسعينات بدأت البحوث والدراسات في ثقافة الطفل تلفت النظر إلا ان ثقافة الصغار ليست انعكاسا فقط لثقافة الكبار بل هي كائن حي داخل ثقافة الكبار يتفاعل وينمو ويزدهر بمقدار ازدهار ونمو وثقافة الكبار، وقد اصدرت اليونسكو واليونيسيف منذ عام 1980 عدة كتيبات تحت شعار الكتاب للجميع، كما ان هناك حملات قصيرة الاجل واخرى طويلة الاجل قامت بها كل من المملكة العربية السعودية وماليزيا، ونيجيريا، وباكستان، وكينيا، ووفقا لتخطيط هذه الحملات حسب ظروف كل دولة يتم تحديد دور الحكومة ودور صناعة النشر ودور المكتبات العامة، ومحال بيع الكتب، بالاضافة الى اشتراك المعلمين والمدارس والاسرة والمجتمع و اجهزة الاعلام والاستعانة ببعض الهيئات والمؤسسات ورجال الاعمال في تنمية تمويل هذه الحملات ويأتي دور الدول العربية في البحث عن اساليب جديدة وطرق اكثر ملاءمة لمخاطبة الطفل عبر الوسائط الثقافية المتاحة في المجتمع.
* ماهي الرسالة التي توجه لوسائل الاعلام بهذا الخصوص؟
يرى بعض خبراء التعليم والاتصال الثقافي ان على وسائل الاعلام ان تتحمل العبء الاكبر ولعدة سنوات مقبلة في نشر التعليم في الدول العربية، كما اصبح على وسائط تثقيف الطفل ان تؤدي دور المعلم والموجه والمرشد المثقف والمسلي.
* ماذا عن بعض الاعلانات التجارية التي لها دور مباشر في التأثير على ثقافة الطفل من خلال مايبث يوميا من منتجات غذائية بشكل مسل؟
رغم كل الانتقادات التي توجه للاعلانات التلفزيونية بصفة خاصة وتزثيراتها السلبية على الصغار، ورغم كل الدراسات والبحوث الاعلامية التي خرجت تؤكد تلك التأثيرات فانه لم يتم استغلال تلك الاعلانات في اعداد برامج للأطفال، او حتى في تمويل بعض الحملات التعليمية والتثقيفية للاطفال، ولاتوجد اي جماعة للضغط من قبل وكالات تثقيف الطفل الاساسية مثل الاسرة، والمدرسة ولم يتم حتى ادخال نظرة ناقدة في المقررات الدراسية والتعليمية.
|
|
|
|
|