| مقـالات
زميلنا الأستاذ راشد الحمدان وزميلنا الساخر الأستاذ عبداللّه بخيت: أيها القديران المحبوبان، أريد دون غضب منكما أن تسمحا لي بعتاب كل منكما على حدة لأنني أعلم أنكما ذوي قلوب كبيرة وهامش المناوشة لديكما متسع وسوف ابدأ بالأستاذ راشد الحمدان:
أيها العزيز إنك دائما تذكرنا بالماضي وتحنّ اليه ضمن منظومة البيوت الطينية، الأزقة العتيقة،والدكاكين البسيطة والشوارع الترابية، و«السياكل» وهدوء ذلك الزمان بعيدا عن التكنولوجيا وضجيج الشوارع والأسواق، والتلفونات «الجوالات» والانترنت والسفر للخارج، والبيوت غير المكيفة وصبر آبائنا وأمهاتنا على «الحطّ والشيل» في المزارع القديمة. وغير ذلك من مظاهر حياة ما قبل التنمية وتتمنى عودة ذلك الزمان البريء أو ناسه الطيبين وما فتئت تتذمر من واقع الحياة اليوم من اختلاف في المضمون والشكل.
وأقول يا راشد صدقني إن حياتنا جميلة وأوضاعنا المعيشية أجمل وبيوتنا أكثر سعة وراحة ومتعة ولذة .. ولو عدنا يا راشد ولو لمدة «ثلاثة أيام» بقيادتك بعد تجربة الرفاه الى حاراتنا القديمة، وأوضاعنا الاقتصادية السالفة، وشظف العيش ما قبل التنمية والخطة الأولى الخمسية 1390ه . أقول لو عدنا لكان أول الهاربين منها سعادتك وأول المتذمرين محدثك، ولقلت كم نحن سعداء بواقعنا هذا، البيوت ضيقة وغير صحية والشوارع مليئة بالمسامير والأتربة والأسواق قليلة، والكهرباء ضعيفة والمكيفات «مراوح» والسيارات نادرة ولا تلفونات جوالة تيسر الاتصال وتُطمئن الأحباب، ولا فلوس للسفر والاستمتاع والثقافة ولا أشياء كثيرة نحن اليوم ننعم بها .. صحيح أن الماضي عزيز على القلب والروح لما يحمل من ذكريات جميلة وطفولة أكثر جمالا وإشراقا في نفوس الكثيرين لأن طموحاتهم كانت محدودة.
صحيح أن من ليس له ماض ليس له حاضر وبالتالي مستقبل.. لكن أن تبقى أسيرا للماضي يا أستاذ راشد مشكلة،والتعايش مع الحاضر والأمل في المستقبل لا شك أفضل، ودورة الحياة تسير في طريقها للأمام وليس للخلف.
استمتع بقراءة ما تكتب ولكنك تعذبني بالرجوع الى الماضي كثيرا وتشد رحالي اليه في معظم مقالاتك المتابعة لدى كثير من القراء فهلا سافرنا سويا الى الحاضر ونظرنا باستشراف للمستقبل وجعلنا من تجاربنا معينا على التكيف مع الجديد لنعيش مع الأجيال الحاضرة ونستمتع معها.
أما أستاذنا وكاتبنا الرائع الساخر عبد اللّه بخيت فلقد «ذبحتني» بغزل أيام زمان في الحارات، وطقوس العشق والغرام على ضفاف الشميسي والعطايف والعجلية، وشارع الخزان، وماذا كان الشباب يفعلون عندما يحبّون ويكتبون الرسائل الغرامية ومدى استجابة الطرف الآخر لذلك الولع والوله الممتلئ في تلك الشوارع الترابية البسيطة وبين شبابيك البيوتات الطينية ومن أعالي سطوح المنازل وفي الأسواق الرئيسية.. ذبحتني بتذكر الأغان القديمة ابتداء من «سكة التائهين» الى «حرك شجوني غزال» ألا يكفي هذا يا عبداللّه «خلونا ننسى الماضي ولو قليلا» دعونا نمشي، ونتعايش مع هذا الزمن الصعب حتى في الحب، هذا الزمن «المصلحي» حتى في الحب، المادة أصبحت جزءا كبيرا في حياتنا شئنا أم أبينا نحن لا نعيش في كوكب مستقل، نحن ضمن منظومة عالمية أنتم أعلم بها مني.. ما زلت يا عبد اللّه تتذكر مضاربات «عرابجة» الرياض في الشميسي والعجلية والعسيلة وبعدين .. وبعدين يا عبداللّه. وتريد أن نأكل في الزواجات المفاطيح بطريقة الأرقام الالكترونية!!
رجاء حار لكما نريد ولو قليلا أن ننسى الماضي يا راشد وننسى الغزل يا عبد الله عذّبتمونا من حيث لا تشعران فكل من قرأ لكما أصابه داء «الآه» فذاك يحنّ الى ماض جميل في نظره وآخر يئنّ على «ليلاه» التي لم يسعفه القدر بامتلاكها فبالله عليكما ارحمانا قليلا فالمشاكل كثيرة، والقلب ما زال أخضر ساعدونا على النسيان ساعدكم اللّه فيما أنتما فيه من صراع مع الماضي ومع المرأة القديمة. جربوا عالمنا الحاضر وامرأة الحاضر وسترون أنهما .. أنهما أجمل أجمل.. ولكما تحياتي وتقديري وإعزازي.
|
|
|
|
|