| مقـالات
النشاط المدرسي هو «مجموعة من الممارسات العملية التي يمارسها الطلاب خارج الفصل، ويرمي إلى تحقيق بعض الأهداف التربوية، ويكمل الخبرات التي يحصل عليها الطلاب داخل الفصل» هذا التعريف للنشاط المدرسي وفق أدبيات الدراسات في مجال التربية، وإذا تم ربط النشاط المدرسي خارج الفصل بمنهج المواد الدراسية داخل الفصل فإنه يصبح دافعاً إلى زيادة معدلات التحصيل الدراسي، ويؤدي إلى تكامل المواد الدراسية تكاملاً تاماً.
هذا ما طرحته أدبيات التربية حول النشاط المدرسي، وأعود هنا إلى رئاسة تعليم البنات في تحديد أوجه النشاط المدرسي، لقد تسنى لي الاجتماع مع مجموعة من المعلمات من جدة، ومجموعة معلمات من مكة المكرمة، وكان محور حديثنا حول النشاط المدرسي، وقد سبق لي مناقشة هذا الموضوع عبر صحفنا اليومية عام 1418ه، حددت خلالها أوجه القصور في تطبيق النشاط المدرسي في مدارس البنات، وقد سمعنا خلال العامين الماضيين أن هناك تحولاً جديداً في خطة النشاط المدرسي، وأردت أن أعرف من خلال هؤلاء الأخوات ما تم من تجديد، فطرحت إحدى الأخوات من مكة خطة العمل حيث ذكرت أنه يتم توزيع الطالبات داخل الفصل الواحد حسب رغباتهن إلى جماعة الأنشطة العلمية، جماعة الأنشطة الأدبية. جماعة الأنشطة الفنية، ويتم اختيار مدرستين أو ثلاث حسب كفاية المدرسة من عدد المدرسات، أو حسب ما تراه مشرفة النشاط ليشرفن على هذه الجماعات داخل فصل واحد وتخيلوا معي الحال الذي سيكون عليه الفصل في ضوء التالي:
* إذا كان وقت النشاط ساعة ونصف ساعة فمن من المعلمات التي ستتحدث مع الجماعة، المشرفة على النشاط العلمي، أو الأدبي، أو الفني، أو أن الجميع سيتكلمن في نفس الوقت وتتداخل الأصوات.
* كيف سيتم الانجاز بتعدد الأنشطة داخل الفصل الواحد.
* كيف سيتم انجاز النشاط العملي إذا كانت مساحة الفصل في المباني الحكومية لا تتجاوز 6*5م2 وعدد الطالبات يتجاوز ال«45» طالبة في الفصل الواحد، أم أن النشاط العملي سيكون في المنازل؟!
* في ضوء العجز القائم في عدد المدرسات، وعدم وجود تعيينات بالعدد الكافي، وكثرة الانتدابات كيف سيتم منح المعلمة فرصة اختيار النشاط الذي تميل إليه، أو يعني ذلك أنها لا تمنح هذا الحق وعليها تنفيذ العمل بدون مراعاة رغباتهن، وبالتالي سنصل إلى نفس النتيجة، ملل المعلمة وعدم وجود الدافع للعمل.
* ذكرت المعلمات أن مشرفات النشاط من مكتب التوجيه يطالبن بإقامة ورش عمل لتنفيد ما يتفق عليه الطالبات مع المعلمات من وسائل ومجسمات وغيرها والمثل العامي يقول إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع ، فأين تطبق المعلمات ورش العمل داخل المدرسة إذا كانت المدارس أساساً تفتقر لأبسط المرافق الترفيهية، أم أنه سيكون داخل الفصل بما فيه من مقاعد ومكاتب للطالبات، أليس هذا من عجائب الأمور.
* أما في مدينة جدة فيطبق النشاط بصورة مختلفة تماماً، وأنا أعتبر الاختلاف في تطبيق مثل هذه المشاريع بين منطقة وأخرى ظاهرة صحية تثري مجال العمل، ولكن كيف يتم ذلك..؟ فهذا يحتاج إلى زيارات ميدانية لتبادل الخبرات. ففي جدة يقوم النشاط المدرسي على الوجه التالي: تقسم الأنشطة إلى جماعات أسر بمسميات الصحابيات الجليلات مثل: أسرة خديجة بنت خويلد، أسرة الخنساء وهكذا.. وهناك تحديد من جهة مكتب الاشراف بجدة من موجهات النشاط المدرسي بمسميات المواضيع التي يجب أن تنفذها الجماعات مثل: تلوث البيئة، وغيره من المواضيع العلمية، وتبدأ المعلمات المشرفات على جماعة الأسرة مع الطالبات في جمع مادة علمية حول الموضوع المحدد لكل جماعة، ثم هناك لجان أخرى خارج وقت النشاط تسمى لجان الاشراف كل لجنة تضم تحتها عدداً من الأسر ولها مسمى خاص مثل: لجنة التوعية ومهمة هذه اللجان العمل خارج وقت الجماعة فهي تقوم بجمع المادة العلمية لمواضيع الجماعات المحددة لهم والعمل على تنفيذ أسبوع كامل باسم اللجنة يحمل عنوان الموضوع العلمي الذي تم اختياره، فيتم عمل الملصقات، والنشرات، والوسائل الحائطية، ويقتطع كل يوم من وقت الإذاعة للحديث عن هذا الموضوع بمعنى أن المدرسة خلال أسبوع توحي لزائرها أنها تتبنى موضوعاً معيناً، وأنا أميل الى الطريقة المتبعة لتطبيق النشاط في مدينة جدة، رغم وجود بعض الجوانب التي تحتاج إلى إعادة دراسة، فهي تشكل عبئاً على المعلمة لا نشاطاً للطالبة، ولكلا الطريقتين ايجابيات وسلبيات نستعرضها في الآتي: من السلبيات الملاحظة:
1 انصراف المعلمات عن الاهتمام بموادهن لانشغالهن بإظهار الجماعة المنتجة لها بأفضل صورة خاصة وأن هناك تقييماً ومتابعة من قبل المشرفات بمكتب التوجيه لهذا النشاط.
2 زيادة ضغوط العمل على المعلمات اللواتي يزيد نصابهن عن 18 حصة في الأسبوع خاصة معلمات المواد اللواتي تحتاج موادهن جهداً عملياً كاستخدام الوسائل التعليمية وتكثيف التمارين مثل اللغة الانجليزية والرياضيات والعلوم.
3 انخفاض الروح المعنوية لدى المعلمات مما يجعل مستوى الأداء في الجانبين غير مرض.
هذه السلبيات الرئيسية ويتفرع منها العديد من الجوانب، أما فيما يتعلق بإيجابيات هذا العمل فتتمثل في:
1 اختلاف طريقة التنفيذ بين منطقة وأخرى يثري العمل خاصة إذا كان هناك زيارات وتبادل للخبرات، ويزيد من قيمة العمل الاجتماعات العلمية لمناقشة النتائج التي تم التوصل إليها وايجابيات وسلبيات التطبيق للوصول إلى أفضل الطرق.
2 تحديد مواضيع تنفيذ العمل من قبل المشرفات عمل جيد، لكن يجب ألا يتم دون مشاركة المعلمات والطالبات، فالعمل الابداعي لا يأتي إلا بالمشاركة الجماعية، كما أن المشاركة تعطي للطالبة والمعلمة قيمة معنوية.
3 تنفيذ النشاط بهذه الصورة وهذا المستوى العلمي يثري معلومات الطالبة والمعلمة ويساعدهما على ممارسة عملية البحث العلمي والقراءة، وحسن الاختيار فهو ينمي الجانب المعرفي والثقافي الذي تحتاجه الطالبة.
بعض المقترحات لتفعيل هذا العمل:
* توفير الميزانية المناسبة لتنفيذ الأنشطة والتي تعاني من نقصها مديرات المدارس.
* فصل نظام اللجان عن الأسر في نشاط جدة لأن عمل اللجان لا جدوى منه إلا زيادة الضغط على المعلمات، ويتم إعادة وضع الخطة بالاكتفاء بنشاط الأسر، وتلتزم الأسر بتفعيل النشاط حسب الموضوع المقترح لمدة أسبوع لكل أسرة، وهكذا يتم تفعيل جميع الأسر وتكتفي المعلمة بالاشراف على نشاط الأسرة الواحدة، ويتم عمل تقييم جماعي في نهاية الفصل الدراسي لاختيار النشاط الأفضل ويرفع تقرير بذلك للجهات المسؤولة.
* أما طريقة تنفيذ النشاط في مكة المكرمة فأعتقد أنها تحتاج لشيء من الدراسة، فقد يكون موضوع الفكرة له جوانب أخرى غير ما سمعته، لكنه لو كان بنفس الصورة فهو يحتاج إلى إعادة إعداد، وتوضيح أكثر حتى يتم تحقيق أهدافه أما بصورته الحالية فأمامه العديد من العوائق.
إن جميع التفاعلات الملاحظة في النشاط المدرسي بإيجابياتها وسلبياتها إنما هي ظاهرة صحية نحو تصحيح الأوضاع، فقد بقي النشاط المدرسي في مدارس البنات على مدار ثلاثين عاماً مكانك سر، ونحن نلاحظ تفاعلات متنوعة لهذا النشاط ونتمنى أن يصل للمستوى المطلوب ويحقق الهدف منه، وأن يكون جزءا مهماً من التصاق الطالبة بالمدرسة.
الواضح من هذه التفاعلات أنها اجتهادات فردية بدليل اختلافها بين المناطق، فما الذي يجب أن تقدمه رئاسة تعليم البنات لهذه الجهود، وكلنا يعلم أن مدارس البنات ينقصها الكثير من المرافق التي تساهم في تصريف الطاقة الجسمية للطالبات، حتى أن مداس البنات محرومة من وجود المسرح المدرسي الذي يساهم في تنمية الجانب الثقافي وتفعيل الجانب الترفيهي للطالبات، فمتى تنظر رئاسة تعليم البنات إلى مستوى الاحتياج العقلي والنفسي والجسدي والمهاري بالنسبة للطالبات وتتحقق وظيفة المدرسة التي تعلمناها وأدركناها، وتفعل مفهوم النشاط المدرسي؟!
|
|
|
|
|