| عزيزتـي الجزيرة
عزيزتي الجزيرة..
السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته وبعد..
اطلعت على ما كتبه سعادة الدكتور محمد بن عبد الرحمن البشر في عموده الأسبوعي «دوافع النوازع» تحت عنوان: هل تغير معيار الجمال بالنسبة للمرأة؟ وكان موضوعه شيقا أوضح خلاله بعض جوانب تلك المعايير وقد فضل التلميح دون التصريح، وكذا كان الموضوع مقتضبا، وقد أجاد وأرسل مداد قلمه يتموسق بين أبيات قالتها العرب في وصف الجمال وإن كانت لا تعبر عن الجميع وأود أن أضيف إلى ما قاله سعادته بأن العرب في جاهليتهم قد تفننوا في إبراز مواطن الجمال ومعاييره في المرأة.. قال شاعرهم:
بيضاء أربعة سوداء أربعة
حمراء أربعة كالشمس والقمر
طالت لها أربع منها رابعة
طابت فما مثلها في البدو والحضر
وأربع مستديرات وأربعة
ضاقت وأربعة في الوسط كالثغر |
لذا فهم أجمعوا على الذي يحب من وجه المرأة وبدنها من السواد أربعة أشياء وهي شعر الرأس وشعر الحاجب وسواد العين ومن البياض اللون والعين والأسنان والفرق، ومن الحمرة أربعة أشياء ومن الطول أربعة وهي طول العنق. فكانت العرب تقول بعيدة مهوى القرط، وطول القامة وطول الشعر وطول الحاجب، ومن السعة في أربعة مواضع في الجبهة والعين والصدر وتدوير الوجه، ومن الصغر في أربعة مواضع الفم والكعبين والقدمين وقد تغزلوا فيمن كان لونها أبيض بحمرة أو سمراء بحمرة ومن معايير الجمال لديهم يكون طرفها أدعج وثغرها أفلج ويكون حاجبها أزج وكفلها مرتج وحتى في الألفاظ تكون رخيمة الكلام شهية النغمة وحتى في العظام تكون غائبة ولا عروق بارزة ونحيفة الخصر.وفي قصة الحارث بين عمرو الكندي وخطبته لأم أياس بن ملحم الشيباني عندما بعث إليها بامرأة كندية يقال لها عصام وانطلقت وأخبرته بأوصافها ولا أحبذ كتابة تلك الأوصاف كون القصة وأحداثها معروفة.كما أن العرب لم تقتصر على حب اللون الأبيض أو الأحمر فقط في النساء، فهناك من أحب اللون الأسود في محبوبته حيث قال أحد الشعراء:
الناس تعشق من في خده خال
وكيف بي وحبيبي كله خال |
ولا ألوم هذا الشاعر فالعشق لا يخضع لمعايير الجمال، ألم يقل الشاعر:
أحببتها شمطاء شاب وليدها
وللناس فيما يعشقون مذاهب |
ختاما أود أن أقول لسعادة الدكتور أن المعايير والمفاهيم تغيرت بتغير الزمان والمكان والإنسان حتى ان مفاهيمنا لأوجه الحياة قبل سنوات غير الآن بل أصبحت المفاهيم تتغير في لحظات وحتى الرؤى والأفكار وفي مجال الأدب والغناء والفنون الأخرى فما كنت تطرب له لا يطرب له ولدك، وحتى ما كان في نظر والدك عيبا أصبح في نظرك عاديا وقد يكون في نظر إبنك أمرا مستحبا وحتى اللهجات تغيرت وتبدلت فلهجتي غير لهجة أبي وابني يختلف عني وحتى ملابسي تختلف عن ملابس والدي وجدي وابني يختلف قليلا فسبحان من يغيّر ولا يتغير.
لذا أملي ورجائي الحار أن يشبعنا ويروي غليلنا في بحث تلك الأمور وأن يقدم لنا صورا أخرى عن المفاهيم التي تغيرت.
واللّه يحفظكم ويرعاكم.
عبد اللّه محمد العطني
حفر الباطن
|
|
|
|
|