| القرية الالكترونية
يظل الجهد الإنساني جهداً ناقصاً وعاجزاً دوماً عن الوصول الى درجة الكمال، انه جهد يعتريه النقص مهما بلغت درجة دقته، وعالم البرمجيات الحاسوبية جزءٌ بسيط من هذا الجهد الإنساني وان كان يختلف عن غيره بأنه يمثل سوقاً ضخمة تتزايد في الحجم والأهمية ورأس المال، كما انه اضافة الى ذلك يعتمد بشكل أساسي على الإبداع الإنساني والصرف المادي ووجود هامش للربح المالي، وقضية الربح المالي تحديداً هي التي يبدو أنها ستلعب دوراً بارزاً في إحداث تغيير جذري في طريقة تقديم وطرح وتسويق مختلف البرامج الحاسوبية.
ويتمثل هذا التغيير المتوقع في ان يتم تأجير مثل هذه البرامج عوضاً عن بيعها وهو ما قد يكون أمراً غير مرغوب فيه بالنسبة للكثيرين بلا شك ولكننا سنجد أنفسنا مجبرين على التكيف معه والاعتياد عليه تدريجياً رغبنا بذلك أم لم نرغب انه أمر متروك ببساطة لمن يقومون بعمليات تطوير هذه البرامج الذين تبدو عليهم دلائل الترحيب بهذا المفهوم الحديث والمختلف في كيفية تسويق انتاجهم.
ولكن كيف يتم القيام بهذا الشيء؟ تشرح تلك الخطوة التي أقدمت عليها شركة «e Bay» مؤخراً عندما اوقفت برنامجاً خاصاً بفهرسة المزادات اسمته
«Auction Assistant» عن العمل واستبدلته بنسخة محدثة تتطلب دفع اشتراك شهري معين ولم يكن مثل هذا التغيير المفاجئ ليحدث من دون الارتكاز على طبيعة البيئة التي يتم إحداث التغيير فيها فبرنامج المزادات هنا تم تصميمه بحيث يعمل على الموقع الخاص بشركة «e Bay» على الإنترنت وبالتالي لم يتطلب الأمر من هذه الشركة كي تقوم بإيقاف العمل بذلك البرنامج سوى إحداث تغييرات بسيطة على الموقع الخاص بها على الشبكة العنكبوتية عبر التوقف عن تقديم أية تحديثات مجانية على ذلك البرنامج.
انه أمر أشبه ما يكون بقيام شركة الهاتف بإجبارك على شراء نوع جديد من الاجهزة التلفونية تحت مبرر ان شبكة الاتصالات الجديدة التي تم تأسيسها لا تدعم النوع القديم من الاجهزة التلفونية التي يمتلكها الزبائن.
وكل ما تعين على شركة «e Bay» عمله هو شراء شركة «Blackthorne software»والتي تنتج هذا البرنامج حتى يكون الزبائن تحت رحمتهم. وهكذا أصبح في امكان شركة «e Bay» التحكم بالمحيط الذي يعمل داخل نطاقه برنامج «Auction Assistance»، اضافة الى تقديم خدمة المساندة التقنية لنفس البرنامج نتيجة لذلك كله لم يكن أمام زبائن هذا الموقع من خيار آخر عندما كشفت شركة «e Bay» رغبتها في التحول الى انموذج الاشتراك الشهري المدفوع.
والحقيقة انه لم يكن لشركة «e Bay» ان تقدم على مثل هذه الخطوة المسبوقة من دون وجود مبررات مقنعة اولها يتمثل في ان عمليات تحديث البرنامج بشكل دوري ومستمر تتطلب جهداً وفيراً علاوة على الكثير من النفقات المالية الباهظة التي تجبر كثيراً من الشركات التقنية على عدم تقديم برامجها بشكل مجاني، وثانيها انه حتى في اعقاب طرح برنامج، هناك الكثير من الحاجة للمساندة التقنية وإصلاح العيوب وسد الثغرات الأمنية، وهي أمور تحتاج الى الكثير من التكلفة المادية والاستعدادات التقنية.
وعلى ضوء هذه المعطيات، يبدو خيار تأجير البرامج الحاسوبية بدلاً من بيعها، في طريقه لان يفرض هيمنته على سوق البرمجيات وهو الشيء الذي يعد يتحسن مستوى اداء مختلف البرامج وتطوير وسائل فعالة في مجال المساندة التقنية لها غير ان مخابي وجيوب المستأجرين هي التي ستصرخ كثيراً في وجه هذا النوع من تسويق البرامج الحاسوبية.
|
|
|
|
|