| الاقتصادية
قدرة المجتمع الانتاجية ترتبط بمدى اتساع حجم السلع الانتاجية وتنوعها وتوزعها على مختلف الأنشطة الاقتصادية، فالمجتمع المنتج هو ذلك المجتمع الذي يمتلك عنصرين أساسيين للعملية الانتاجية هما: رأس المال العيني وقوة العمل المنتجة ولا يستغنى بعنصر منهما عن الآخر لايجاد نقلة نوعية لذلك المجتمع.
المجتمعات المعاصرة المنتجة والتي تمتلك ناصية الاقتصاد العالمي هي تلك المجتمعات التي اصبح لديها رصيد كبير من التكوين الرأسمالي السلعي والمعرفي المنتج، والقوة العاملة الماهرة التي تستثمر ذلك التكوين الرأسمالي المتجمع من فوائض انتاج القوى العاملة.
لقد اهتم الاسلام بهذا الجانب ووجه الى ان للعمل دوراً في تحقيق التكوين الرأسمالي للسلع الانتاجية.
روى البخاري ومسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو انسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة».
كما روى أحمد عن عبدالله بن وهب عن أبيه قال حدثني فنَّج بفتح الفاء بعدها نون مشددة مفتوحة ثم جيم» قال: كنت أعمل في الديتباذ أعالج فيه فقدم يعلي ابن ابيه أميراً على اليمن ومعه رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فجاءني رجل ممن قدموا معه وأنا في الزرع أصرف الماء في الزرع ومعه في كمه جوز فجلس على ساقيه من الماء وهو يكسر من ذلك الجوز ويأكل ثم أشار الى فنج فقال يا فارسي هلمّ قال فدنوت منه فقال الرجل لفنج أتضمن لي غرس هذا الجوز على هذا الماء؟ فقال له فنج ما ينفعني ذلك فقال الرجل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين من تعب غرس شجرة فصبر على حفظها والقيام عليها حتى تثمر كان له في كل شيء يصاب من ثمرتها صدقة عند الله عزوجل فقال فنج أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قال فنج: فأنا أضمنها قال فمنها جوز الديتباذ.
التوجيهات النبوية التي يمكن فهمها بدراسة هذين الحديثين فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي يمكن تحديدها على النحو التالي:
أولا: توجيه الأنظار الى أهمية بناء الأصول الانتاجية وأن لقوة العمل دوراً في تنمية الأصول المنتجة في القطاع الزراعي بدون اغفال للمنتجات الاستهلاكية ولهذا ورد في الحديث الغرس والزرع فالزرع خاص بالمنتجات الاستهلاكية أما الغرس فهو خاص بانتاج السلع المعمرة المنتجة وهذا التوجيه يسري لبقية القطاعات الصناعية والميدانية وغيرها من القطاعات الاقتصادية الأخرى.
ثانيا: يعطي الاسلام أهمية للدوافع النفسية في عمليات الانتاج الصناعية والزراعية وغيرها وربط تلك الدوافع بالجانب العقدي بتنمية الشعور لدى العاملين بالفائدة من العمل في توسيع حجم السلع الانتاجية وألاّ تكون المنفعة الوقتية هي الدافع لذلك.
ثالثا: توجيه النظر الى أهمية بذل العناية والحرص خلال التكوين الرأسمالي للأصول الانتاجية بضرورة المتابعة حتى يتم اكتمال تلك الأصول الانتاجية وتبدأ في الانتاج وتوجيه نظر العاملين الى ان الجهد المبذول والعناية بهذه الأصول الانتاجية لا يقتصر نفعها على النفع السريع وغرس المفهوم العقائدي ان النفع الذي يحصل عليه الآخرون سيناله نصيب من ذلك بربط الاهتمام بالانتاج بالوازع الاخلاقي والديني في العملية الانتاجية.
|
|
|
|
|