| الاقتصادية
* حوار أحمد الفهيد:
يبدو ان التمويل لم يعد عائقاً أمام كثير من الأفكار الاستثمارية التي كان ينقصها دعم تمويلي خاصة لصغار ومتوسطي المستثمرين،
فقط وبكل يسر فكر في نوعية (الأشياء) التي يحتاج إليها مشروع ثم قم باستئجارها عن طريق شركة تأجير تمويلي وانطلق!
هذا ما قاله مستثمرون في دول متقدمة، ونقوله الآن بعد ان بدأت خدمات التأجير التمويلي في دخول سوقنا المحلي،
فقد ظهر نظام التأجير التمويلي للمعدات والتجهيزات أول مرة في فترة الخمسينات الميلادية في الولايات المتحدة الأمريكية ثم انتقل في الستينات إلى أوروبا واليابان وبعد ذلك إلى بقية دول العالم ليبلغ عدد الدول التي تتعامل بعقود التأجير التمويلي حوالي 50 دولة وبعقود تمويلية تتجاوز 1688 مليار ريال،
وقد تم تطوير هذا النظام ليصبح مصدراً من مصادر التمويل في جميع الدول المتقدمة بحيث أصبح نمو حجم عقود التمويل موازياً نمو اقتصاديات هذه الدول،
وقد استقبل السوق السعودي أول نشاط من هذا النوع عام 2000م وذلك بتأسيس شركة أوركس السعودية للتأجير التمويلي والتي تقوم بتمويل عقود التأجير للأصول الثابتة والمنقولة للقطاعات الاقتصادية المختلفة كأول شركة من نوعها في المملكة،
ويساهم في هذه الشركة 5 جهات هي شركة مجموعة الاستثمار والتنمية التجارية والبنك السعودي للاستثمار ومؤسسة التمويل الدولية وشركة أوركس اليابانية وشركة أوركس الباكستانية،
ولإلقاء مزيد من الضوء على هذا النشاط وهذه الشركة الجديدة في نشاطها وتأسيسها التقت (الجزيرة) الدكتور صالح العمير رئيس مجلس إدارة الشركة وتحدثنا معه عن جوانب هذا النشاط وأبرز ملامح التجربة الجديدة فإلى التفاصيل:
* ماهي الأسباب التي أوجدت مفهوم التأجير التمويلي؟
كما تعلم فالمسألة مسألة تطور في الاحتياجات ومتطلبات سوق الأعمال، والتأجير التمويلي بمفهومه الواسع كان محل بحث طويل وإجراءات طويلة وقد كان المتعارف عليه أن هناك تأجيراً للسيارات أو بعض المعدات، أما التوجه نحو إيجاد أداة للتأجير التمويلي أو التمويل التأجيري أو بمعنى آخر إتاحة الفرصة لأصحاب الأعمال والمقاولين للحصول على المعدات والتجهيزات التي يحتاجون إليها عن طريق الاستئجار بدلا من الشراء، بحيث يشمل معظم الاحتياجات من مبانٍ وسيارات وتجهيزات و مكائن و، ، الخ، ،
وقد نمت الحاجة إلى هذا المفهوم نتيجة لحجم الاستثمارات الكبير والذي قد يرهق كاهل المؤسسة في بداياتها خاصة، وقد يضطرها لتجميد أموال مستثمرة لفترة طويلة بينما بالإمكان أن يتم توفير تلك الأساسيات عن طريق الإيجار التمويلي والذي يعني توفير الأموال للمنشأة الاستثمارية بدلاً من أن تضخ جزءاً كبيراً من رأس مالها وتجمده لتوفير هذه المعدات التي تساعدهم على نشاطهم سواء كان نشاطاً انتاجياً أو خدمياً،
فالاستئجار يأتي كبديل لعملية الشراء للأصول، فالأصول تستأجر بدلاً من ان تشترى بمعنى ان تدفع تكلفة الاستخدام لفترة معينة بحيث لا يرهق المستثمر تكاليفه المالية بتحميلها مبالغ كبيرة في وقت يمكنه توجيه الأموال الأخرى لعمليات الانتاج وتدعيم رأس المال العامل أو للتطوير وتترك الأصول الثابتة للاستئجار،
* لماذا تأخر ظهور مفهوم التأجير التمويلي في السوق السعودي حتى عام 2000م علماً ان أوائل الثمانينات شهدت خططاً تنموية زاخرة بمشاريع البنى التحتية الكبرى؟ وهل يعود السبب ربما إلى انحسار السيولة في السوق؟
لا أبداً!، ، إنما هو تطور طبيعي لكن الحاجة بالفعل كانت موجودة في السابق وكانت هذه الخدمة متوفرة ولكن على مستوى محدود ونطاق ضيق،
فهنا في المملكة وفي المنطقة الشرقية على سبيل المثال، وبسبب كثرة المقاولين وكثرة الأعمال التي تحتاج إليها شركات الزيت كانت مسألة التأجير التمويلي موجودة في معدات الحفر والضخ وهذه الأشياء، فمثلاً شركة أرامكو السعودية، على الرغم من حجمها وقدراتها كانت تستأجر هذه المعدات بدلاً من ان تمتلكها وهي التي شجعت كثيراً من الشركات على التعامل بمفهوم التأجير التمويلي ولكن كانت مجالات النشاط التمويلي بطريقة التأجير تقدم في حدود ضيقة،
وما أشرت إليه صحيح في أن السنوات الماضية شهدت عدداً كبيراً من مشاريع ضخمة وكبيرة سواء إنشائية أو طرق وكلها تحتاج إلى معدات ورافعات،
وكما هو معروف فتكاليف هذه التجهيزات عالية لكن لم يكن هناك من المؤسسات المالية مثل شركات التأجير التمويلي لأن نشاط التأجير التمويلي يقترب من النشاط البنكي أو شبيه له، إنما هو موجه بالدرجة الأولى لصغار المستثمرين أو الفئة التي تجد صعوبة في الحصول على تمويل من قبل البنوك،
والبنوك تتعاطى بشكل محدود في عملية الإقراض ويمكن للبنوك ان تساعد على أن تكون كوسيط بين صاحب العمل ومالك المعدات العاملة، لكنها لم تتطور إلى شكل شركات التأجير التمويلي الشاملة، فالمستثمر مهما كانت ملاءته المالية لديه سقف أمام البنك مثل أن يصل المستثمر إلى الحد الأعلى للاقتراض بحيث يتعذر على أي بنك توفير قروض إضافية له وكما هو معروف فلكل بنك قواعد معينة للإقراض وحد معين لكل مقترض لايمكن ان يتجاوزه ومن أجل أن يوسع هذا المستثمر من نشاطه يلجأ إلى بنك آخر أو إلى مؤسسة إقراض أخرى، مثلها مثل شركات التأجير التمويلي ومن هنا نشأت الحاجة لهذا النظام التمويلي في السوق المحلي،
* وكيف لمستثمر ان يستفيد من هذه الخدمة على الرغم من أن مشروعه قائم؟
خدمات التأجير التمويلي الشامل تشمل المعدات والتجهيزات وحتى المباني وعلى سبيل المثال مبنى البنك السعودي للاستثمار الذي يعملون فيه كان مملوكاً لهم بالكامل ومع توفر خدمة التأجير التمويلي قاموا ببيع المبنى ومن ثم استأجروه مرة أخرى،
وبهذا نجد على سبيل المثال انه إذا كانت تكلفة المبنى 100 مليون ريال فقد أنفقت كمستثمر هذه ال 100 مليون وأبقيتها مجمدة في هذا المبنى، بينما إذا بيع ب 100 مليون ثم تم استئجاره ب 8 ملايين في السنة يتبقى لديك 92 مليون ريال! يمكنك بدورك ان توجهها لاستثماراتك الأساسية الأخرى،
* كيف كان ظهور هذا النشاط التمويلي في المملكة؟
في البداية كما تعلم انتشرت في المملكة شركات تأجير السيارات والأثاث وشركات التقسيط ولكنها بقيت محدودة النشاط، لعدة أسباب منها عدم وضوح التنظيمات الحكومية الخاصة بها وبشكل محدد سواء من حيث إدارتها أو معاقبتها خاصة في البدايات،
ومع تطوير الأسواق برزت هذه الحاجة وكان هناك مبادرة قبل عدة سنوات لإيجاد هذا النشاط التمويلي بالتأجير وكان أن انبثقت عنها هذه الشركة ذات النشاط الواسع الذي يشمل مجالات التأجير التمويلي،
وفي البداية اكتفي باسم شركة أوركس السعودية للتأجير ولكن هذا الاسم اختلط أمام الناس في ان نشاطها لا يتجاوز أنشطة التأجير المباشر المتعارف عليها حتى تمت إضافة عبارة التمويلي على الاسم في الاجتماع الأخير للجمعية العمومية،
* ما الذي يميز أو يختلف عن تمويل أي مشروع من خلال بنك أو شركة تأجير تمويلي سواء من النواحي الإجرائية أو المالية؟
النواحي الإجرائية تكاد تكون مماثلة فلابد من أخذ معلومات كافية عن المشروع الذي سيحول وعن المستأجر نفسه (المقترض بالنسبة للبنوك)،
أيضاً لابد من التأكد من توفر جدوى كاملة للمشروع تكفي لضمان ان هذا المشروع يكفي لسداد قيمة الإيجار بشكل منتظم ويحافظ على ربحية المستثمر وبالتالي لايتعرض أي من الطرفين لخسارة، كما انه لا يمكنك ان تشجع مستثمراً على استئجار (شيء) ليس له جدوى لمشروعه!
ولكن الأمر الذي يميز شركات التمويل عن البنوك ان شركات التمويل تستهدف فئة من رجال الأعمال صغار ومتوسطي الاستثمار الذين يصعب عليهم في بعض الحالات الحصول على الأموال الكافية، وكما هو معروف فالبنوك تصنف المقترضين حسب ملاءتهم المالية وحسب مقدرتهم على السداد ومهما كان لا يمكن للبنوك ان يتجاوزوا نسبة معينة حتى ولو كان وضع المقترض المالي جيداً، وذات الأمر تتطلبه شركات التأجير التمويلي ولكن بحدود أقل ومرونة أكثر،
أيضاً هناك موضوع التخصص، بمعنى ان البنك عندما يقرض لا يكون شريكاً لكن شركات التأجير التمويلي تكاد تكون شريكاً مع المستثمر في عملية التمويل،
كذلك فإن هذه الشركات تتابع هذا الاستثمار وتستمر في علاقة متواصلة مع صاحب المشروع أو المستأجر في حين أن البنك يكتفي برهون فقط ويعتمد عليها، فالتأجير التمويلي يختلف من هذه الناحية فهو لا يأخذ رهوناً وإنما يشترك مع صاحب المشروع في العملية بالكامل،
* ولكن كنت أسأل عن ميزة وأنت تقول (شريك) وقد لا تكون هذه ميزة لدى البعض كما أن هذا (الشريك) قد يتدخل في إدارة هذا الاستثمار! أليس كذلك؟
لا ، ، لا أبداً! لا تتدخل شركة التأجير في القرارات، لكنها تحرص تماماً على إنجاح هذا المشروع لأن مشاركتها تنحصر في هذه المعدة ولكنها تحرص على أن يكون المشرع مجدياً!
كما أنها لاتمول إلا معدات وتجهيزات في حين ان البنك يمكن ان يمول رأس المال العامل! ولكن أنت كمستثمر تحتاج إلى مواد أولية وأجور عمالة وهذه يمكن توفيرها عن طريق التسهيلات الائتمانية، أما شركات التأجير التمويلي فهي فقط تدفع لشراء هذه المعدات وتتأكد من اعتدال قيمتها وأن تكون قيمة متوازنة وأنها في وضع جيد،
فهناك ثلاثة أطراف هم المستأجر وشركة التأجير الممولة ووكيل هذه المعدة، هؤلاء الثلاثة تلتقي إرادتهم في عقد واحد،
* هل تغطي عقود التأجير التمويلي الصيانة والتأمين على الآلات أو التجهيزات المؤجرة؟
يمكن تأجيرها أو بيعها أو استبدالها بمعدة جديدة بالتنسيق مع وكيل العلامة التجارية للمعدة ذاتها،
وكما هو معروف فلكل شيء عمر افتراضي معين فإذا أصبحت تكاليف صيانة المعدة ترتفع فالأصلح استبدالها بمعدة غيرها،
ولكن نحن لانزال في بداية التجربة ولم نمر بعد في هذه المرحلة وكل معداتنا تكاد تكون جديدة، وعقود التأجير غالباً طويلة المدى تأخذ من 35 سنوات ولا يمكن قياسها بالأشهر أو الأسابيع،
فعلى سبيل المثال يمكن لشركات التأجيرالتمويلي أن تؤجر سيارات على شركات تأجير السيارات لفترة طويلة وتقوم شركات تأجير السيارات بدورها بتأجيرها إلى مدد قصيرة بداية من يوم أو أسبوع،
* هل هناك جانب للتأجير (أو التمويل) الشخصي ضمن نشاطكم؟
لا، هذا من اختصاص شركات التقسيط بينما يقتصر نشاطنا على المعدات والتجهيزات،
* أصحاب المهن سواء الأطباء أو المهندسون والفنيون والمهنيون هل تمولهم الشركة علماً بأنه ليست لديهم مؤسسة أو تصريح أو قروض؟
نعم نمول بالمعدات والمختبرات والمعامل والمكاتب الهندسية وسبق ان مولنا مستشفيات،
* وماذا عن المزارع والمعدات الزراعية والتقاوي؟
في المشاريع الزراعية نمول المعدات والحراثات والمستودعات ولكن التقاوي والبذور هذه تدخل ضمن رأس المال العامل والتي تختص بتمويلها البنوك،
* كيف ترون تواجدكم في السوق على الرغم من عمر الشركة القصير؟
لنا الآن أقل من 8 أشهر منذ أن بدأنا هذا النشاط، وحتى الآن لدينا 14 عقداً موزعة مابين معدات وتجهيزات المستشفيات وشركات تأجير السيارات التي تشتري سياراتها بطريقة التأجير وقد مولنا احتياجاتهم من السيارات،
* وكم قيمة هذه العقود؟
في البداية ستصل مع نهاية العام إلى حوالي 30 40 مليون ريال بمشيئة الله وهي مجمل مبيعاتنا لهذا العام والتي تعتبر بداية طيبة ولاسيما أنه نشاط جديد في سوق الأعمال بالمملكة،
* وماذا عن التوزيع الجغرافي لهذه العقود وهل هي محصورة في منطقة مقر الشركة بالرياض؟
العقود تشمل جميع مناطق المملكة في المنطقة الشرقية والوسطى والغربية وسيبقى المركز الرئيسي في الرياض لكن نشاطنا سيتجاوز هذه الحدود بمشيئة الله،
* ماهي رؤيتكم لمستقبل السوق وما إذا كان مهيأ للاستفادة من هذا النشاط؟ وهل يتسع السوق لمنافسة من هذا النوع؟ وما مدى استعدادكم للمنافسة؟
السوق كبير والمملكة بلد واسع ومنتشر وحجم احتياجات قطاع الأعمال ضخم ويحتاج إلى هذا النوع من الخدمات، ونحن لا نخشى المنافسة بل نرحب بها فالمنافسة تجعل الفكرة نفسها تنمو، الأمر الذي يساعد الناس في أن يتحولوا من أن يمتلكوا (الشيء) ويدفعون قيمته إلى أن يستأجروه ،
فالشاحنات الخاصة بنقل المحروقات التي نشاهد قوافلها على الطريق يمكن ان تستأجر بدلاً من امتلاك أسطول كامل من الناقلات قد يدفع المستثمر إلى الافتراض وان يحمل نفسه تكاليف إضافية في حين أن الاستئجار أسهل بالنسبة له لأنه لا يلزمه إلا دفع قيمة الإيجار والمحافظة على المعدات فقط،
وكلما انتشرت هذه الشركات التي تقدم خدمات التأجير التمويلي اتسع نطاق الفكرة وزادتهم هذه الخدمة وبالتالي يعني اتساع السوق أكثر وأكثر،
* هل هناك نية لطرح أسهم الشركة للاكتتاب العام كشركة مساهمة؟
نعم هناك نية، والشركاء في بداية الأمر سيمنحون أنفسهم 5 سنوات لتحقيق المتطلبات الربحية الجيدة حتى تكون الشركة في نقطة جذب أمام المستثمرين الأفراد،
والعزم، ان نستطيع خلال السنوات الخمس من تقديم هذه الشركة أمام المساهمين ولاشك في أن هذا هدف من أهداف الشركة التي تسعى إليه،
|
|
|
|
|