| مقـالات
لا أزعم بأنني ضليع في حقل الاقتصاد ولم أشارك قط في أي مجال اقتصادي انما هي بقايا معلومات استقيتها من الاطلاع المتواصل في هذا الحقل بعد أن شاهدنا كم أنه أصبح هاماً وجذرياً في تحديد ملامح مستقبل أي شعب ناهض يتطلع إلى أن يضع اسمه في سجل الخالدين من جديد بعد أن فقدنا تلك المكانة في ماضي تاريخنا المنهار. وها ان اقتصادنا من خلال العطاء البترولي الذي أنعم الله به علينا قد غيّر من مساراتنا الاجتماعية والحضارية. وأرجو ألا أكون قد خرجت عن مدار الموضوع جريا على عادتي، فالعمالة أخذت في الآونة الأخيرة تشغل تفكيري بعد أن عايشت تعثر طموحات الكثير من جيل هذا الوطن. فالمشكلة الأساسية التي يواجهها هذا الجيل هي التنافس حول تكلفة الأجور إذ ان المرتبات ليست في مستوى الطموحات التي كان ينتظرها هذا الجيل لتركيز مستقبله والتنافس كما هو واضح يأتي بسبب تهافت العمالة الوافدة للقبول بأي عرض يهبط بالأجور إلى أدنى مستوى لأن تلك العمالة ظروفها القاسية في أوطانها كما أن مستوى المعيشة يكون مواتياً لدى أقطارها في معظم الأحوال وتدني الأجور له سلبيات كثيرة هذا في الوقت الذي تتصاعد فيه التكلفة في أجور المساكن وارتفاع أسعار المواد الضرورية للمعيشة عامة وتكاليف المستشفيات والمدارس.. إلخ كما أن المواطن هنا قد اعتاد على مستوى معين من الحياة يصعب تغييره بسهولة لأن كل انفاق أصبح ضرورياً وأساسياً وليس شكلياً وكمالياً عارضاً. وأود هنا أن اتعرض للعامل الإيجابي بالنسبة لانخفاض الأجور وهو تفكير قد لا يكون واضحاً إنما أزعم بأنني اقتنعت به، فانخفاض الأجور يؤدي بطبيعة الحال إلى انخفاض التكلفة. والدول المنتجة حتى وإن كانت متخلفة سوف تستفيد من انخفاض الأجور بجعل منتجاتها تدخل مجال التنافس وهذا بشكل حتمي سوف يؤدي إلى تنمية الإنتاج المحلي وتحسينه (ورب ضارة نافعة) مما يعني التنمية الاقتصادية المحلية دون الاعتماد على الاستيراد، فهناك بعض الدول العربية لديها منتجاتها المحلية التي تنافس بها الإنتاج المستورد سعرياً على الأقل، فالإنتاج الحيواني مثلاً مجال واسع يستطيع الإنتاج المحلي من خلاله تأمين حاجة السوق بأسعار معقولة لا تشق على المستهلك الضعيف الدخل وهو ما يعني توفير عملة صعبة للاقتصاد الوطني يستفاد منها في تأمين المستورد الذي لا مثيل له محلياً وضرورته للمستهلك الداخلي. وهكذا فإن تدني الأجور التكلفة قد ساهم في توفير عملة صعبة وساهم في تخفيض نسبة البطالة أيضاً. ولهذا السبب نجد أن بعض الصناعات المحلية في الدول العربية تدخل ميدان المنافسة في صناعة النسيج مثلاً الذي تتوفر خاماته المحلية الزراعة بالذات ثم تصنيعه كمرحلة ثانية وصناعة الجلود وغيرها من الاحتياجات المحلية الضرورية، كما أن زراعة الحبوب في الدول التي تتوفر فيها المياه وخصوبة الأرض تسد حاجات المجتمع في أكثر من قطر عربي رغم تسرب الكثير من تلك المنتجات دون تصنيع.
ومعروف أن التكلفة هي العائق الأول للمنافسة لأن المادة الخام تواجه نفس الأجور المرتفعة لتدعيم الإنتاج التصنيع بالخبرات والتكنولوجيا المعقدة التي تفتقدها الدول العربية. إذن فانخفاض الأجور حسب هذه النظرية له جانب إيجابي وليس سلبيا على الدوام كما لاحظنا في بداية هذه المشاركة وأكرر مرة أخرى بأنني لست منظراً اقتصادياً، لذا قد يحتاج الموضوع إلى معالجة أخرى بإذن الله مع تركه مفتوحاً لمن يود أن يدلي برأيه للأهمية.
للمراسلة/ ص. ب 6324 الرياض 11442
|
|
|
|
|