| الثقافية
إن بناء الدولة ليس سوى شكل من اشكال مركزة السلطة السياسية وهو يتم وفق نماذج مختلفة جدا بين مجتمع وآخر. والدولة هي حصيلة تاريخ هو تاريخ اوروبا الغربية، وعصر النهضة، وتشير هذه البديهة التاريخية الى ان الواقع الدولي هو قبل كل شيء حل لازمة ما، محددة في الزمان والمكان. وهنا لا يمكن ان يفهم ظهور الدولة في اوروبا الا انطلاقا من تحليل للظروف التي ميزت سياق بناء مركز ما وسط مجتمعات القارة العجوز، وبالتالي للمعطيات الخاصة التي رافقت سياق تقسيم العمل الذي توطد فيها.
في هذا الكتاب، يعالج المؤلفان موضوع الدولة في النظرية الاجتماعية، والدولة في التاريخ، ودور الثقافة في الدولة وكيف انتشرت الدولة من أوروبا الى المجتمعات التابعة.
وعن الرؤية الجديدة للدولة، يقول المؤلف: ان النموذج السوسيولوجي، المستعار في الآن ذاته من الوظائفية ومن المنطق الفيبري يبني، بشكل طبيعي تماما، كل تحليله على الانفصال التدريجي الذي يفصل حقل العلاقات الاجتماعية الخاصة عن حقل السلطة العامة، تكرس الدولة في هذه الرؤية تكون مجال عام مميز يمتلك صيغة خاصة لمشروعيته وكذلك الشروط التي توفر له اشتغالا مستقلا، انطلاقا من هذه المعطيات باتت مجمل العناصر المميزة تقليديا للدولة مدرجة من جديد وظهرت الدولة في وظيفتها المنظمة لعلاقات السلطة العامة، وتأكدت كجماعة بشرية تنظمها علاقات المواطنية، وتبدو كأنها تتمتع بمؤسسات عامة ودائمة حلت مكان المجموعات المحلية هذه المصادر الاولى للولاء وبدا تكوينها تاريخيا كجانب من سيرورة العقلنة التي أثرت بجميع المجتمعات الداخلة في عصر الحداثة.
وهي تبدو بهذا المعنى وكأنها ترد على الممارسة المنافسة للصيرورات الاربع التي تحتل مكانا مركزيا في علم الاجتماع الوظائفي : التميز التدريجي للبنى الاجتماعية، استقلاليتها، عالميتها، تمأسس شتى الاجراءات النابعة من هذه التغيرات، والتي تشرط تحقيقها يجد نشوء الدولة الذي تم تصوره على هذه الشاكلة نفسه وقد ادرج مجددا في رؤية تطورية تجعل من دولة الرفاهية welfare state النقطة التي اليها سيؤول تطور المجتمعات السياسي.
|
|
|
|
|