| الثقافية
في هذا الكتاب يدرس المؤلف العلاقة بين الفكر الديني والفلسفي تاريخيا، وماهية تلك العلاقة، كما يحاول ان يبين المنطق الداخلي الذي يحكم الفكر العربي الاسلامي، وفضله على الفكر الفلسفي، وذلك من خلال المبدأ المؤسس لتحقيق الوحدة بين الفكرين الفلسفي والديني، فيتساءل عن طبيعة الفكر الفلسفي، ولماذا يغلب عليه الانطلاق من العلوم الطبيعية الى العلوم الشرعية، ولماذا يغلب على الفكر الديني الانطلاق من العلوم الشرعية الى العلوم الطبيعية، ثم لماذا اهملت النخب الفكرية الاسلامية والعربية، وخاصة اولئك المتبنين للمذهب العلماني، الدور الذي لعبه الفكر الاسلامي في الفكر الفلسفي؟ هل كان هذا مصادفة، او انه نتيجة تأثر هذه النخب بالوصف والنتائج التي طرحها المستشرقون عن هذا الفكر؟ او ان الوضع المهيمن الذي صارت اليه الحضارة العربية الاسلامية على مستوى الفكرين الديني والفلسفي، جعلهم يتصورون ان هذا الفكر ماهو الا مصب يتجمع فيه تأثير الحضارات السابقة «اليهودية، المسيحية، الهندية، الجاهلية ، العربية» دون مبدأ ذاتي موحد؟ او هو وعاء يتحدر من تلفيق لتأثير الحضارات المتأخرة عنها دون مشروع ذاتي موحد أيضا؟
انها دراسة فلسفية طرحت تساؤلات كبرى، وأفردت لملاحقة اجاباتها عدة فصول مهدت لها باستعراض عميق لمراحل تاريخية قديمة، وموقع المرحلة العربية الاسلامية من الاشكالية التأثيرية للحضارات السابقة.
من الكتاب: واذن فالمشكل الذي صار كان مدار الصراع بين الغرب الاوسط والشرق الاوسط، او بين نظرة المسيحية للوجود وللعلاقة بين المطلق والانسان، ونظرة الاسلام اليهما، اي: الصراع بين فلسفتيهما في الوجود والقيمة.. ونظرة الاسلام اليهما، اي: الصراع بين فلسفتيهما في الوجود والقيمة، ما يزال مشكلا مطروحا، بل هو قد صار اكثر حدة مما كان، لكونه هو جوهر الصراع الجاري حاليا في قلب كلتا الحضارتين ذاتي المنبع الواحد والمآل الواحد، لسخافة المقابلة بينهما: في الحضارة العربية الاسلامية وفي الحضارة الاوروبية المسيحية انه الصراع بين ضربين من ضروب التوحيد بين الفكرين الفلسفي والديني.. وفي مكان آخر من الكتاب:
لكن المرحلة الوسيطة «العربية الاسلامية» حددت الاساس الموحد للمقومات جميعا، الاساس الذي يحرر الانسانية من مآزقها، أعني: الموجود الآية والعقل المؤول غير المطلق وغير المتنافي مع الموجود الشيء والعقل المحلل غير المطلق كذلك، واعتبار جوهر الاعجاز الديني من طبيعة فنية في كل المجالات بما في ذلك مجال التشريع الذي صار يخضع للاجتهاد الاجماعي المبدع في المجال الحقوقي، لكن هذه المنزلة التي ننسبها الى حضارة الاستخلاف، والحل الذي ننسبه الى الفكر الاسلامي، قد يبدوان لذوي الفكر السطحي مجرد وسطية ممجوجة تكتفي بالتلفيق بين الحلول، فتكون حلولا وسطى لا معنى لها الا بما تستمده من الامور التي تتوسط بينها، ومن ثم فانها تبقى دائما تابعة لاحدى وساطتها لذلك فلابد من تعريف مفهوم الوسطية الاسلامية ودلالتها الفلسفية العميقة.
|
|
|
|
|