| الثقافية
هاهي آيات القرآن الكريم التي تليت منذ (1400) سنة ونيف، تعطي معاني ودلالات وكأنها تنزلت الآن! وذلك من خلال هذه الدراسة العميقة للدكتور الانصاري، عن الرؤية القرآنية للمتغيرات الدولية والعربية، والتي تطرح عبر فصولها قصة الاسلام والعروبة والعصر، بمنظور مختلف تستلهم فيها الآيات القرآنية، وتوضح كيف ان القومية حقيقة آلية وطبيعة وفطرة اجتماعية انسانية مشروعة في الحدود التي شرعها الله، وما انحرافات هذه القومية أحيانا إلا مثل كل الانحرافات عن الفطرة التي تحدث عنها القرآن، فالاسلام بحكمته وواقعيته لم ينكرها، بل وضع لها الضوابط التي تقيها الانحراف، وكذلك العروبة لم تحقق يوما الانتشار الذي حققته بامتداد التقريب الى مناطق شاسعة لو لم تستلهم روح الاسلام، وتنضبط بضوابطه، وتبتعد عن محاذير الاستعلاء العنصري كما ان الوعاء العربي من لغة وثقافة ينطوي في صميمه ومحتواه على قيم اسلامية وعقيدة ونظام، فلكل قومية محتواها وعقيدتها.
وقد عني الكتاب بتوضيح الخطأ الذي وقع فيه مفكرو القومية عندما استخدموا تعبير «العقيدة القومية» فالقومية ظاهرة اجتماعية ولغوية وثقافية، ولكنها ليست عقيدة، ولابد لها من عقيدة تستهدي بها، وعندما تتحول هي ذاتها الى عقيدة تقضي على نفسها كما فعلت النازية، كما اوضح المؤلف خطأ المفكرين الدينيين، عندما ذهبوا للطرف الآخر من التجاوز للحقيقة وألغوا القومية نهائيا ثم وضعوا الاسلام في حرب معها دون مبرر، خلافا لمنطق الاسلام المشار اليه ودعا المؤلف الى «قومية مسلمة» في اطارها الطبيعي، وذلك لتكوين رابطة اسلامية اعم من القوميات الاخرى، في اطار الاسلام الذي هو ارحب من اي نظام سياسي ديني محدد.
من الكتاب: يكاد يكون قانونا ثابتا في التاريخ العربي الحديث، هو باختصار: انه مع كل فترة انحسار وتقهقر للحركة العربية الاسلامية العامة الجماعية، الشاملة الموحدة لهذه الامة، تنمو وتشرئب وتتكاثر حول مستنقع الانحسار والردة طفيليات ونباتات سامة، هي ذاتها في كل فترة انحسار، وفي كل حقبة انحطاط، وفي كل خريف للردة، فما ان تقع هذه الامة، تحت سيطرة عدو غاشم او مستعمر استيطاني، او حروب طائفية «وهذه كلها ظاهرة واحدة لا تتجزأ» ما ان تقع هذه الردة السياسية للحركة العربية الاسلامية، حتى تنمو حولها، الطفيليات والنباتات الشيطانية التالية:
* الدعوة الى احلال اللهجات العامية محل العربية الفصحى.
* الدعوة الى الغاء الحرف العربي واستبداله بالحروف اللاتينية.
* الدعوة إلى إلغاء النحو العربي.
* انتشار الشعر العامي وانحسار الشعر العربي بمختلف اشكاله ومدارسه.
* غياب الفنون الادبية الحقيقية الرفيعة من رواية ومسرحية ومقالة واقصوصة، والعودة الى ما يسمى بالمحاولات التجديدية الزائفة.
* اختفاء ثقافة وفكر القضايا الحياتية والحضارية الكبرى وغلبة ثقافة وفكر الخلافات والمذاهب الفرعية والشكليات التافهة.
* تصاعد الحديث فجأة عن الحضارات المحلية البائدة، التي تخطاها التاريخ، واحيلت منذ زمن طويل الى المتاحف وقاعات الآثار. وكأنها حضارات المستقبل، والقصد من ذلك في منتهى الوضوح: دفن الحضارة الحية الوحيدة القابلة للنهوض على هذه الارض، الحضارة العربية الاسلامية، واحياء الميت من تلك الآثار المحلية البائدة.
تحويل الاسلام من مفهومه الحضاري العظيم ومن منطلقاته الالهية والروحية والتحريرية، كما جاءت في كتابه السماوي المنزل على رسوله الكريم، وكما تبلورت في سيرة الرسول الاعظم وصحابته وتابعيه، تحويل هذه الثروة الروحية والحضارية، الي جدل وخلاف بين جماعات متناحرة، هي ابعد ماتكون عن روح الجماعة الاسلامية الواحدة.
|
|
|
|
|