| تحقيقات
*
* الرياض عبدالله بن محمد العماري
يعد سوق حراج ابن قاسم احد اشهر الاسواق الشعبية بمدينة الرياض بل شهرته تعدت الى اوسع من ذلك حيث انه معروف الآن على مستوى المملكة ولذلك فهو غني عن التعريف..
الجزيرة اجرت تحقيقاً تقمص فيه المحرر شخصية «شريطي» لتكشف لقرائها العديد من خفايا عالم «شريطية ابن قاسم» فالى حراج ابن قاسم..
التجهيز والاستعداد
لم يكن يحتاج التجهيز لتقمص شخصية سوى ان يقوم المحرر بتقليد بعض حركات الشريطية ومحاولة اتقانها، والزميل المصور كان بالفعل هو الجندي المجهول لهذا التحقيق وذلك بسبب كاميرته الخفية التي لم يشاهدها حتى المحرر نفسه.
اتجهنا الى احد المواقع التي تكثر فيها المزايدات على ما يجلبه رواد السوق من بضائع واثاث مستعمل حيث كان المتنكر على هيئة «شريطي» وبدأنا في الحديث مع مجموعة من الشريطية بالسوق وذلك حتى نندمج بين الشريطية وكأننا منهم ومن ابناء السوق وكان مجمل الحديث يدور عن التذمر من حالة السوق وهي افضل وسيلة للوصول الي عقول وقلوب شريطية ابن قاسم.
اتصال هام وتمثيلية
وفي اثناء حديثي تلقى احد الشريطية اتصالاً من ابنه ليخبره انه اقترب من السوق واحضر معه البضاعة التي اشترياها قبل ايام بابخس الاثمان ليعيدا بيعها في السوق مرة اخرى.
بعد ان اعلمنا الشريطي بما جرى في المكالمة الهامة استأذننا نحن معشر الشريطية ليذهب لمقابلة ابنه في مكان اتفقا عليه فدفعنا فضولنا لمتابعته وحدثت مفاجأة حين وجدنا الشريطي المذكور هو صاحب البضاعة يحرِّج عليها وكأنه سمسار لا علاقة له بالبضاعة وانما كل ما يريده هو الحصول على دلالته بينما مثَّل ابنه دور صاحب البضاعة حيث اجاد تمثيل هذا الدور باتقان حيث يتطلب دور البائع الصبر وعدم الاستعجال في البيع ولم يكن هذا الشريطي لوحده هو وابنه حيث عاونهما بعض الشريطية على المزايدة «بالرغم من انهم لا يريدون الشراء» وذلك على طريقة «شدلي واقطعلك» وبعد ان وجد هذا الشريطي السعر الممتاز والمشتري الطيب الغافل اشار الى ولده باشارة خفية متفقين عليها وهي تعني الموافقة على البيع وما ان تلقى الولد اشارة ابيه حتى سارع الى الموافقة على البيع لذلك الطيب الذي انطلت عليه فصول ومشاهد هذه التمثيلية العجيبة.
ولم يكتف الشريطي صاحبنا بالمبلغ الكبير الذي غُبن فيه المشتري المسكين بل اخذ يطالب المشتري بالدلالة مقابل سعيه في البيعة وكأنه كالمنشار طالع آكل نازل آكل.
المهمة بدأت
بعد فصول هذه التمثيلية التي كتب قصتها واخرجها الشريطي ابو سعد بدأت المهمة والتي كان يجب ان نتقنها حيث انه لا مجال لاي خطأ هنا وبعد ملل الانتظار لقدوم سيارة محملة بالبضائع لأقوم بالتحريج عليها حيث لم يتبق على أذان المغرب سوى نصف ساعة وانا لم اقم بدور السمسار او الشريطي على اي سيارة بالرغم من كثرة السيارات فكلما اتت سيارة اخذ الشريطية يهرولون لملاحقتها والظفر بالتحريج على ما فيها من بضائع كما ان بعض الشريطية يكونون متفقين مع من يجلب البضائع المستعملة حيث انها تكون في الاصل للشريطي نفسه أو ان له نسبة فيها.
قررت بعد ذلك ان استخدم الاساليب التي يستخدمها شريطية ابن قاسم وكان لما فعلت اثر حيث امسكت بأول سيارة وما ان بدأت بالتحريج على ما كان فيها من اثاث مستعمل حتى التف علي العديد من الشريطية واخذوا يزايدون على البضاعة المعروضة وذلك في محاولة للظفر بهذه البيعة بسعر بخس ومن ثم اعادة بيعها في السوق على طريقة أبي سعد وولده حيث ان اكثر الشريطية يستخدمون هذا الاسلوب فيقومون بشراء بعض الاثاث المستخدم وكافة الاشياء المجلوبة للسوق خلال ايام كساد السوق كأيام وسط الاسبوع او ان يكون بائع البضاعة قليل الخبرة حيث يقومون باقناعه بطرق سنشير اليها فيما بعد، نرجع الى السيارة المحملة بالبضائع والتي كنت انا اقوم بالتحريج عليها حيث اخذ الشريطية يزايدون عليها حتى اخذ بعضهم في الانسحاب شيئا فشيئاً حتى بقي اثنان منهم حيث ظهر لي انهما يعاندان بعضهما البعض بل ان السعر يقفز خمسين ريالاً من كل واحد منهما الا ان احدهما انسحب وترك المجال للآخر وانا بدوري كنت اقوم بدور السمسار بكل حرفنة فمن الصراخ على الزبائن بالمزايدة والتركيز على واحد منهم الى شد البائع والصراخ في وجهه بأعلى صوت لكي يبيع مالديه من بضاعة اضافة الى شد ملابس البائع والضرب على مالديه من اثاث بقوة والالحاح عليه بالبيع ولكن صاحب البضاعة رفض البيع حيث لم يقتنع «بالسومة» ومعها ضاع كل التعب وطارت الدلالة.وحينما هممت بترك هذه السيارة والبحث عن سيارة اخرى تقدم الي الشريطي اياه وطلب مني اقناع صاحب البضاعة بالبيع وقال سيكون سعيك مضاعفا اذا وافق ولكن ايضا هذه لم نفلح فيها وكأنك يا أبا زيد ما غزيت.
أول سعي
بعد ان تركت هذه السيارة لم يكن هناك وقت كافٍ للبيع والشراء لانه لم يتبق على أذان المغرب سوى دقيقتين حزمت امتعتي وقررت العودة في اليوم التالي «يوم الخميس» وما ان دخلت السوق حتى ظفرت باول سيارة لاقوم بالتحريج عليها واخيراً حصلت على اول سعي مقابل اتمام البيعة وكانت حصيلتي حوالي 35 ريالاً فيها.
وبعد تعب وكد كانت حصيلة يوم كامل من الصراخ وملاحقة السيارات هي مئة وعشرون ريالاً وهي حصيلة ممتازة لفترة من بعد صلاة العصر حتى أذان المغرب.
السعر مضاعف
من المشاهد التي لفتت نظري هي الحاح احد الشريطية على احد القادمين الى السوق لبيع مكيف مستعمل لبيعه اياه بمائتي ريال واخذ الشريطي يدعي انه سيستخدمه وانه ليس من شريطية السوق وما ان اشترى هذا المكيف حتى حمله الى احد المحلات وعندما سأله زبون عن سعر المكيف حتى اجاب ان سعره خمسمائة ريال اي بربح ثلاثمائة ريال.
واجتمع مجموعة من الشريطية على احد القادمين الى السوق لبيع بعض الاثاث المستعمل لديه وقاموا بشراء مالديه من اثاث بسعر غُبن فيه كثيراً وقام كل واحد منهم بدفع مبلغ معين على سبيل المشاركة في البيعة.وفي احدى السيارات التي كان الدلال يقوم بالتحريج عليها تدخلت للمزايدة بطلب من احد الشريطية وحينما وقف اعلى سعر علي ووافق البائع على السعر التفت حولي فلم اجد الشريطي صاحبنا مما اوقعني في حرج شديد أمام البائع والدلال لم اجد بداً الا ان اذهب مدعياً انني سأحضر النقود ولكن الدلال لم يقتنع بالعذر مما دفعه الى ملاحقتي ولكن الهروب افضل وسيلة للخلاص من ايدي الدلال.
كاميرا أبو سنجة للبيع
عند خروج الزميل المصور علي من الحراج تقدم اليه احد الشريطية ليلح عليه بيع الكاميرا ولكن الزميل ابو سنجة تخلص منه بذكاء.
أساليب ملتوية
يعتمد الشريطية غالبا على عدة اساليب الا ان اشهرها هو ذكرهم لعيوب البضاعة للبائع بطريقة غير مباشرة كأن يتحدث الشريطية الى بعضهم البعض ولكن بصوت عال لكي يسمعهم البائع ويحاولون ايضاً التشويش على البائع بالصراخ وشد ملابسه وضرب السيارة بقوة حتى يوافق على البيعة.
|
|
|
|
|