| محليــات
لا أذكر أنَّني كتبتُ في الشؤون السياسية على وجه التَّخصيص، وبشكل مباشر، ولأنَّ السياسة هي مجموعة من العوامل، تنعكس في عديد من السلوكات، تعتمدالكثير من الحيثيَّات الخفيَّة والمترابطة ...، والباعثة والفاعلة...، إلاَّ أنَّ عدم وضوح هذه الحيثيَّات كان من أهم أسباب عدم خوضي في شؤونها...، فما كنتُ أحتمل الغموض، ولا الخوض فيما لا أملك حيثياته...
غير أنَّ لها مشاهد كثيرة يمكن أن يلتقطها الإنسان...، ويُهدف من التقاطها هذا الإنسانَ الذي هو عصب كيان الحياة...، والمتحرِّك على أرضها، والصانع لحضارتها، والممثِّل لها... ولأنَّ الإنسان هو محور كافَّة الشؤون الحياتية، ومن أجله أُرسلت الرسل، وأُوْضحت الرسائل، وَوُضِعَتْ التَّوجيهات الإلهية إلى كيفية سلامة قوام بقائه، كي تكون الحياة له وفق ما خُلِقَ له، ووفق ما خُلِقَتْ له ..، فإنَّ الإنسان هو مقصد القول، والذي له يتمُّ الحديث، وعنه ...
ولعلَّ المشهد السياسي في ضوء الإرهاب المخيف والخطير الذي بدأ به الإنسان يُصَوِّب أذاه إلى الإنسان ممَّا يذهل، ويدعو إلى التساؤل: كيف يتغيَّر الإنسان تجاه الإنسان، وعلى وجه التَّحديد من يملك قدرة القرار؟، وهل بالإمكان بعد أن تصعَّد الأذى إلى ألوف الأبرياء في كافة أنحاء العالم أن يفتح الكبارُ ملفَّاتهم وأن يعيدوا التَّفكير في مسلك سلوكهم تجاه غيرهم أسوةً بأنفسهم في ظلِّ هذا الدمار الذي يتعرَّض له الإنسان بآلة الإنسان؟
ومتى يتحقَّق أن يدرك هذا الإنسان أنَّ لحظات الإنسان من القيمة بحيث لا تُهدر في ترقبٍ خائفٍ، أو انتظارٍ قَلِق، ...
والسؤال الأساس، لماذا تحمل الصدور كلَّ هذا الكتمان المرعب لانبثاق تَطَرُّفٍ ناقمٍ ينصبُّ في أذى واسع الأثر، بعيد التَّدمير؟ يذهب ضحيته الإنسان في الشارع حيث البشر يمارسون الحياة في قلق أو في اطمئنان، فيستيقظون أو ينامون وهم في دمار ونار وخوف ودماء؟...
وألا يحق إعادة النَّظر في هذه المشاهد التي يذهب ضحيتها زمن الزمن في حياة الإنسان وهو لا همَّ له إلاّ البحث في كنه الحيثيّات الخفيَّة التي تجعل مشاهد الأرض على هذا النحو، وهناك توجُّه إلى إحياءِ الأرض في سلام؟!...
وهذا الإنسان الذي يبني ويفجِّر المعلومة ويخترع ويؤسِّس ويجدِّد ويطوِّر كيف يكون هو ذاته الذي يهدُّ ما يبني ويقضي على ما يخترع ويلغي ما يؤسس من خلال ما يعرف وما يعلم؟..
ثمَّ ألا يمكن البحث في إعادة غرس الرؤوس بما فيها من عيون بما تملك من حواس في تلافيف حروف سطور الملفات الخفيَّة لمعرفة دوافع هذا الشًَّر في الصدور وإعادة النَّظر في محو الأسطر المظلمة المحرِّكة للشرِّ والجريمة كي يهدأ الإنسان فوق أرضه، ولا يعود يلاحقه ظلُّ الموت في إرهاب عدم تقدير الإنسانية في زمنٍ يدِّعي فيه الإنسان إنسانيته؟.
وأظلُّ حزينة على كافَّة مشاهد الدَّمار الداخلي في الإنسان، ذلك الذي ينفِّذ دمار الخارج في الأرض التي تحمله بما فيها ما بُنى، وما صنع، وهو ذاته حيث يكون.
|
|
|
|
|