| الاقتصادية
تحقيق : صلاح الحسن
مع تزايد عدد محطات البنزين وانتشارها في مدينة الرياض وظهور أكثر من خمسين حالة تسرب في خزانات المحطات القديمة ذات الامكانات الضعيفة والذي لم نستطع تأكيده حتى الآن وحول ما يشوب عمل المحطات من ريبة وشك في عملية التخفيضات والعديد من الاستفسارات بشأن ذلك أجرت «الجزيرة» هذا التحقيق الذي التقت فيه مع مدير عام الدفاع المدني بمنطقة الرياض العميد مسفر بن مزيد الجعيد وسعادة الأستاذ فهد بن سعد الدريس مدير عام قطاع الخدمات البترولية في شركة الدريس.
وجاء هذا الحوار ليجيب عن العديد من الأسئلة وليزيح الغموض عن سر التخفيضات، وخطر التسربات، وواقع الحال في الخدمات البترولية ومدى خطورة ذلك على الفرد والمجتمع والبيئة بشكل عام فكان الحوار التالي:
ازدياد حالات التسرب:
في البداية كان السؤال عن أحوال محطات البترول الحالية ومدى ملاءمتها لتقديم الخدمات وصلاحية خزاناتها؟
الوضع الحالي يحتاج لدراسة واعادة تقييم جذرية لأوضاع العديد من المحطات العاملة وذلك لضعف أساليب التخزين وتقادم عهد الخزانات الحالية والتي هي عبارة عن توانك وقد بدأت خطورة الوضع تتضح بازدياد حالات التسرب فالرقابة ضعيفة والشكوى مستمرة من الشوائب والروائح في خزانات الوقود فهناك العديد من المحطات «محطات الأفراد» غالبيتها دون رقابة ذاتية ولا يوجد بها أدنى مقومات السلامة الأساسية «الأنابيب، الخزانات، المضخات..» فهي تفتقر للصيانة الدورية وتحتاج لملاحظة يومية في حجم المخزون والتأكد من صحة العدادات ومقارنتها بالمخزون واكتشاف الفروقات مع حساب نسبة التبخر فالعملية معقدة وتحتاج لتقنيات متطورة والأسلوب القديم التقليدي الذي يستخدمه البعض بات في حكم المنتهي وعديم الجدوى فصناعة البترول والأنابيب وتقنية المعالجة والخزانات ومضخات الدفع وأجهزة كشف التسربات الآلية في تطور دائم والوضع في تلك المحطات «مكانك راوح» لا تقنيات لا رقابة لا مسؤولية؟!!.
إن التقنية المستخدمة الآن والتي دخلت المملكة عن طريقنا تستخدم فيها خزانات معالجة مصنوعة من الفيبرجلاس من الداخل وهي المعمول بها حاليا في أغلب محطاتنا كما أنها ذات مواصفة جديدة عالميا ولم تطبق بعد في المملكة.
الصيانة وخط التلوث:
والملاحظ وبشكل عام ومن واقع خبرة في هذا المجال تمتد الى 40 عاما ان أغلب أعمار المحطات الحالية في المملكة تتجاوز 20 عاماً وهي دون صيانة دورية مما يتسبب في تآكل الخزانات والأنابيب وظهور رواسب من شأنها ان تنعكس بشكل سلبي على محرك السيارة والبيئة ومسألة الصيانة في الغالب تنتهي عند التسليم والخطورة في ذلك ظهور العديد من حالات التسرب في مجمعات الصرف الصحي مما يؤثر وبشكل مباشر على خزان المياه المخصصة للشرب وتعريض صحة الانسان لخطر مؤكد وقد حدث ذلك في مرات عديدة ولا داعي للتحديد؟.
جهات الرقابة:
ان الرقابة والصيانة الدورية تحتاج لمتابعة من عدة جهات للتأكد من صلاحية الخزانات والأنابيب وكذلك مستوى ونسب المواد في البنزين والشوائب العالقة به وهذه الجهات محصورة الآن بالدفاع المدني من حيث السلامة واشتراطاتها وهم في الحقيقة فاعلون في ذلك ولهم صولات عديدة وتعاونا معهم في الكثير من أمور المواصفات واعداد اللائحة والجهة الأخرى وهي مصلحة المياه وهم معنيون كذلك بالأمر لتعلق التسربات مباشرة بشبكة الصرف الصحي والمياه والجهة الأخرى والتي لا تزال بعيدة عن موضوع الرقابة واقصد هنا رقابة على مستوى نظافة البنزين والتأكد من خلوه من الشوائب فهذا حاصل ودون رقيب وان حصل كشفه فهو في نطاق ضيق ومحدود جدا لتقنية الموضوع وحساسيته وهذا موضوع آخر والجهة القادرة عليه هي شركة أرامكو والأمر الآخر هو وجود بعض المغاسل الخاصة بالسيارات والتي تقدم خدماتها «تغيير زيوت، تشحيم..» دون وجود مصائد فرز للزيوت ما يؤدي لاختلاطها مع المياه في شبكة الصرف الصحي وخطر وصولها وتسربها لخزانات المياه المخصصة للشرب وهذا الفرز مطلوب ووضعه خطير جدا.
التلاعب و سر التخفيضات:
* ذكرت في معرض حديثك موضوع الخلط، فماذا تقصد بذلك؟
الخلط يأتي من بعض المحطات الفردية والتي في الغالب تكون تحت غطاء التستر وتديرها عمالة فهم يعمدون لعمل تخفيضات وأحيانا دون ذلك يوزعون هدايا ومع ذلك فهم يحققون هوامش ربحية عالية علما ان حقيقة الربح في ظل تحديد السعر لا تتعدى الست هللات في اللتر وقيمة الهدية تصل الى ثلاث هللات على أدنى تقدير وهذا يعني ان الربح الحقيقي لا يتعدى في الألف لتر ستين ريالا بيعاً أضف الى ذلك أجور العمالة والكهرباء والماء والصيانة والأمور الادارية فكيف يعقل ان تغطي 3 هللات هذه المصاريف مع حساب ان معدل البيع 10000 لتر في يومين ونصف؟!
والحقيقة تكمن في خلط مادة الديزل مع البنزين وبنسبة 10% وبذلك ترتفع نسبة الربح الى ما يقارب الضعف على اعتبار ان 10% منه بسعر 37 هللة وهذا يعطي ما يقارب 47 هللة ربحاً وهذه العملية حاصلة في غالبية المحطات الفردية التي تديرها عمالة.
وهو ما يفسد ظهور حالة من التخفيضات في العديد من المحطات بالرغم من التحذيرات المتلاحقة من الجهات المعنية والتي لا تستطيع في واقع الحال متابعة كل المحطات المنتشرة وعلى أدنى وضع في مدينة الرياض. فالهدايا الترويجية والتخفيضات لعبة أحسبها سيئة بل تتعدى ذلك.
والأدهى ان عملية الخلط من الصعب اكتشافها فهي لا تظهر إلا بعد فترة طويلة فالخلط يتسبب في تقليل أداء المحرك وسرعة التآكل وخفض عملية الاحتراق داخل الماكينة مما يؤدي لظهور العوادم وبشكل خطير.
وعملية المراقبة في هذا الشأن مفقودة تماما وقد يكون من الأجدى والضروري ان تكون هناك رقابة من قبل شركة أرامكو حيث هي الجهة المخولة لعملية قياسات النسب في البنزين والحق ان هناك محطات لديها رقابة ذاتية لأمانتها ولامتلاكها تقنية القياسات البترولية من بداية الانشاء وحتى الصيانة الدورية وشركة الدريس تعمل بشكل مراقب وتقدم دروساً علمية وعملية في هذا المجال لبعض القطاعات ذات العلاقة والحق ان هناك خطوات حثيثة وجادة وخاصة من قبل الدفاع المدني في هذا المجال وقد قام مؤخرا بإصدار أنظمة وتعليمات تتواكب مع معطيات التقنية الحديثة في مجال الخدمات البترولية وتحتاج فقط لتأكيد بعملية الرقابة الدورية بعد التشغيل.
مفهوم الخدمات البترولية:
* في الحقيقة لقد شرعت أبواب عديدة وعلامات استفهام خطيرة وضربت أمثلة عديدة فهل لنا ان نعرف المفهوم الشامل للخدمات البترولية؟ وما هي مسؤولية المحطة؟ والى أي حد تعني هذه الخدمات؟
الخدمات البترولية مفهوم قديم جدا وتطبيقه وللأسف معدوم وبدرجة لا تكاد تراه فحال أغلب المحطات يعتمد على الربحية البحتة دون أدنى مسؤولية تجاه هذا القطاع والمجتمع بشكل عام فهذه الخدمات تشمل التوفير والرعاية والتعاون والارشاد ولا تتوقف بمجرد البيع فقط فهناك أمانة تحتويها رسالة الخدمات البترولية وهي نابعة من المسؤولية الفردية ومبدأ التكاتف والنصح النابع من شريعتنا الاسلامية السمحة ونحن والحق يقال نسعى للرفع من مستوى الخدمات المقدمة واحترام كامل المسؤوليات الملقاة على عاتقنا وتأمين كل حاجات هذه الخدمة وبشكل ميسر ومتاح للجميع مع اعتبار تحقيق هامش ربحي معقول يتناسب مع ضمان استحواز جودة الخدمة المقدمة وهو بسيط جدا ومفهوم الخدمات يشمل البنزين، الديزل، المواد المضافة للمحركات، الزيوت، قطع تنقية الشوائب، «المصافي» وتمتد حتى تشمل الصيانة لاطالة عمر محرك السيارة بحدود الحفاظ على صحة الفرد والبيئة.
وتغطي الخدمات التعويض الناتج عن حدوث حالات الطوارىء لا سمح الله والأهم من ذلك هو الصدق في التعامل ومحاسبة النفس.
جهود لجنة النقل:
* الى أي مدى ترون جهود لجنة النقل في الغرفة التجارية؟ وهل هناك نشاط لها؟
حقيقة أعضاء لجنة النقل بالغرفة ناقشوا العديد من الأمور وهم يسعون لتبني الأفكار ونقل وجهات النظر للجهات المعنية وتم كذلك مناقشة موضوع زيادة هامش الربح من شركة أرامكو ووزارة التجارة لايجاد شيء من التناسب في ظل التطورات المتلاحقة على مدى العشرين سنة الماضية فالنسبة ثابتة علما ان الأسعار في الخدمات الأخرى والمعيشة اعتقد أنها متحركة وباتجاه الأعلى والجهود في اللجنة وان كانت محدودة فهم يبدون رغبة وحرصاً للتطوير والتجديد.
عدد المحطات وانتشارها:
* كيف ترون انتشار المحطات وكم تقدرون عددها؟ وما هو حجم الاستهلاك اليومي من الوقود في مدينة الرياض؟
تاريخ المحطات في مدينة الرياض يعود الى عام 1965م فقد كانت أول محطة تجارية في نهاية شارع الريل من جهة الشرق وكانت يدوية ومنها انطلقت المحطات في الانشاء حتى وصلت الآن إلى ما يقارب 1000 محطة تقريبا منتشرة في احياء الرياض واختلفت بشكل جذري يتناسب مع الطابع العمراني المتغير ودخلت عليها تقنيات جديدة تهتم بالبيئة وتحافظ عليها ومعها اختلفت العديد من المفاهيم كما هو حاصل في أغلب القطاعات فالنهضة التي نعيشها هي نهضة حضارية اتسمت بالأصالة والسرعة فالحكومة أعزها الله بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض حفظهم الله حرصت على الرقي والتجديد وفق منطلقاتنا الشرعية وسعت لتوفير كافة سبل النجاح وعلى جميع الأصعدة.
أما عن الاستهلاك اليومي فتقديره بالتحديد صعب جدا ولكن ومن واقع الخبرة الميدانية فالتوزيع على مستوى مدينة الرياض قد يصل الى 1000 شاحنة يوميا معدل حمولتها الفردية 300 ألف لتر أي بإجمالي 300 مليون لتر يوميا تقريبا.
تحرير الأسواق والالتزام:
واعتقد ان سوق الخدمات البترولية قد بدا في منعطف جديد فظهرت الشركات والكيانات التجارية وهذا توجه الأسواق العالمية وهو ما يتناسب مع تحرير الأسواق فقد عملت على التحضير للمنافسة الخارجية وبانتشار جغرافي يعطي التواجد لخدماتنا بشكل أفضل والتزام بجودة تضمن السلامة للجميع وفق رؤى اقتصادية مدعومة بدراسات أكاديمية وميدانية تتيح لنا رؤية مستقبل هذه الصناعة بشكل دقيق وأقرب للواقع.
الى ذلك قال مدير عام الدفاع المدني بمنطقة الرياض العميد مسفر الجعيد ان عدد المحطات بالدفاع المدني 784 محطة موزعة جغرافيا الى قسم شمال الرياض 107، قسم وسط الرياض 78، قسم جنوب الرياض 97، قسم شرق الرياض 278، قسم غرب الرياض 189، وهناك لائحة تنظم كيفية انشاء المحطة روعي معها معايير عديدة كالمسافة بين المحطة المراد انشاؤها والمحطات القائمة وكذلك مناسبة الموقع بالاضافة الى مساحات محددة لكل فئة من المحطات.
وأشار الى ان المستوى الانشائي للمحطات القائمة حديثا جيد نظرا لمراعاة العديد من معايير السلامة الانشائية كاستقلالية التفريغ وفصلها عن الخزان وعن منطقة الطرمبات و ان هناك تجاوزات من قبل أصحاب المحطات تؤدي الى تدني مستوى السلامة بالمحطة وعلى سبيل المثال لا الحصر عدم التقيد بتعليمات تجهيز خزانات الوقود بالاضافة الى إحداث تعديل على المخطط عند الانشاء دون أخذ الإذن المسبق من الأمانة والدفاع المدني مما يؤدي كما أسلفنا الى تدني مستوى السلامة بالاضافة الى المحطات القديمة التي لا يوجد بها معايير السلامة الانشائية مما يؤثر على وضع السلامة بها فيما يتعلق بالمستوى الوقائي فتدني مستوى التشغيل لبعض المحطات وعدم ادراك مالكيها لأهمية الصيانة وتدريب العمالة على الطرق الصحيحة للتشغيل وكذلك معرفة التدابير السليمة عن الطوارىء يؤدي الى تدني مستوى المحطة.
وعن الأسباب التي تؤدي الى التسربات البترولية من محطات الوقود أوضح ان قدم بعض خزانات الوقود ببعض المحطات، وعدم التقيد بالتعليمات أثناء انزال الخزانات عند الانشاء وعدم استخدام التوصيلات الخاصة بالسوائل البترولية، واستخدام المواد البترولية في منطقة لتغسيل السيارات مع عدم وجود مصيدة الزيت أو تنفيذها بشكل غير جيد وعدم تنظيفها بشكل دوري، ووجود خزانات لجمع الزيت التالف غير مصمتة مما تؤدي الى نزوح السوائل البترولية خارج حدود المحطة، واستخدام منطقة تجميع مياه الصرف بما فيها منطقة التغسيل بخزانات غيرمصمتة مما يؤدي الى وجود تهريب لزيوت وتعرض مرافق الخدمات الأخرى لتلف.
وأشار الى الأمور الاحترازية ضد مشكلة تسرب المواد البترولية حيث تتم مطالبة المحطات بعمل فحوصات وقياسات فنية عند تجديد رخصة المحطة وذلك بغية التأكد من عدم وجود أي تسربات في المحطة كما تم تشكيل لجان من الجهات المعنية بأمر من سمو أمير منطقة الرياض لمتابعة مثل تلك المحطات والعمل على معالجتها.
وعن دور المواطن في مساعدة الدفاع المدني قال ان دور المواطن والمقيم في مساعدة ودعم الدفاع المدني في هذا المجال هو التقيد بتعليمات السلامة عند التعبئة من المحطات كعدم التدخين أثناء التزود بالوقود وكذلك اطفاء المحرك، والابلاغ عن أي مخالفات من شأنها تشكيل خطورة على المحطة وعلى المستخدمين لها.
وأكد الجعيد ان هناك متابعة مستمرة لمحطات الوقود نظرا لخطورتها حيث تشمل المتابعة مدى فاعلية أنظمة السلامة ومدى معرفة العاملين لها بالاضافة الى التأكد من عدم وجود أي مخالفات من شأنها تشكيل خطورة على الموقع كالتمديدات الكهربائية وكذلك تقييد الأنشطة الملحقة بالمحطة بضوابط السلامة، مشيرا الى تفهم صاحب محطة الوقود بالدور الذي يؤديه الدفاع المدني وأنه اثر في مستوى أداء المنشأة فالدفاع المدني يسعى جاهدا لما فيه صالح المحطة من إبعاد المخاطر وتوفير وسائل السلامة لها وهذا التعاون يختلف من محطة الى أخرى إلا أنه بشكل عام مقبول ونطمح للمزيد من هذا التعاون.
كما ان هناك متابعة مستمرة من العاملين بالميدان لتلك المستودعات وهي تخضع للأولويات حسب خطورتها مما يشكل خطرا على الغير كنوع المخزون المستخدم وكذلك لضخامته ويشكل خطرا على ذاته وعلى نشاطه ويشكل خطرا على الدفاع المدني في المقدرة على احتواء الموقف عند وقوع الخطر فهو ما يعطى له الأولوية في الازالة ونظرا لكون مبيعات الجملة أصبحت تتركز في وسط المدينة وكذلك لوجود الأحياء القديمة التي تم نزوح الساكنين بها الى أحياء أخرى ساهم في انتشار مثل تلك المستودعات إلا أننا كما أسلفت نعمل حسب الأولويات التي ذكرت.
|
|
|
|
|