| المجتمـع
إعداد وتحقيق: علي يحيى الراجحي- مكتب جازان:
تعد مشكلة البطالة والتأخر الدراسي من اهم المشكلات المعاصرة التي تعاني منها المجتمعات العربية المعاصرة اثر تكدس وتزايد اعداد العاطلين عن العمل في كثير من البلدان العربية وقد اصبحت هذه الظاهرة هي الشغل الشاغل للقطاعات الرسمية ولكثير من الباحثين والاكاديميين في تلك البلدان وذلك ادراكاً لما قد يترتب عليها من انتشار الجريمة وظهور بعض العادات والطقوس الغريبة والدخيلة على المجتمعات العربية والاسلامية.
هذا وقد اصبح مجتمعنا السعودي ينظر الى قضية البطالة بعين الاعتبار للحد والعمل على استئصالها والقضاء عليها وذلك بدراسة اسباب وجودها وعوامل انتشارها وايجاد الحلول الكفيلة بازالة تلك الاسباب والتي نذكر منها على سبيل المثال غزارة اعداد الخريجين من الجامعات والكليات مع انعدام الفرص الوظيفية لكثير منهم الى جانب عدم تعاون القطاع الخاص على هذا الصعيد وقلة الوعي بالعمل المهني وعزوف كثيرين من الطلاب عن مواصلة دراستهم. الجزيرة طرحت هذه الظاهرة على عدد من المعنيين والباحثين وكانت حصيلة ذلك ما يلي:
في البداية تحدث للجزيرة الشاب عبدالرحمن بن يحيى عبدالله قائلاً ان صعوبة مناهج المرحلة الثانوية وطول اليوم الدراسي بها وما يترتب على ذلك من سأم وملل يعتبر من اهم اسباب عزوف عدد من طلاب هذه المرحلة عن الدراسة وتوقفهم عن التعليم اضافة الى صعوبة حصولهم على وظائف مناسبة لينتهي الامر بهم الى الجلوس في منازلهم دون عمل او وظيفة ويناشد عبدالرحمن القائمين على التعليم ضرورة اعادة النظر في مناهج التعليم لاسيما المرحلة الثانوية واعتماد مبدأ التخصص وذلك بان يدرس كل طالب المواد التي تتناسب مع ميوله ورغباته خصوصاً وان ذلك سيساعد على استمرار جميع طلاب هذه المرحلة في الدراسة دون اية عراقيل تذكر وسيسهل عليهم مواصلة تعليمهم الجامعي بنجاح ليتسنى لهم الاسهام في بناء وطنهم ويكون لكل منهم رسالة سامية يقدمها عن وعي وتفان وبنجاح.
كما تحدث للجزيرة الشاب محمد يحيى هزازي والذي ترك الدراسة مؤخراً بعد حصوله على شهادة الثالث متوسط قائلاً ان عدداً من اقرانه فضلوا البقاء في منازلهم على مواصلة دراستهم بسبب صعوبة المناهج ورتابة وطول اليوم الدراسي موضحاً ان ذلك بدوره يؤدي الى انتشار البطالة وما يصاحبها من سلبية الشباب العاطلين في مجتمعهم ويطالب اصحاب وارباب العمل في القطاع الخاص له ولبقية الشباب العاطلين باتاحة الفرص لهم للعمل في المجالات المهنية كل حسب ميوله وامكاناته ومواهبه.
من جانبه يرى الاستاذ عصام ابراهيم كساب مقيم عربي يعمل في ادارة المبيعات بمؤسسة الدحمان بجازان ان القطاع الخاص معني بتوفير فرص العمل للشباب السعودي الكفء والطموح خصوصاً خريجي الجامعات وفقاً لتخصصاتهم وبما يتواءم مع متطلبات سوق العمل ويؤكد محمد هادي مرير مدرس لغة انجليزية بالمرحلة المتوسطة ان مواجهة مشكلة البطالة معني بها الاسرة والمدرسة على السواء ذلك ان الاسرة تعد النواة الاولى في تربية الفرد ويناط بها دور توعوي ورقابي بما يعزز دور المدرسة في بناء وتكوين شخصية الفرد ليكون عنصرا ايجابياً في مجتمعه ويأتي دور القطاعين الخاص والعام بتوفير الفرص الوظيفية المناسبة مكملاً لذلك.
من جانبه يرى محمد حسين طالبي مشرف اجتماعي ان البطالة أصبحت مشكلة لها حيز ووجود وذلك على اثر تزايد اعداد الشباب الذين لم يجدوا فرص العمل المناسبة لهم اما بسبب انعدام الرقابة الفاعلة من اولياء الامور لابنائهم او بتأثير تنوع وسائل الترفيه في المجتمع كالالعاب الالكترونية والقنوات الفضائية حيث ادى ذلك الى تعثر كثير من الطلاب في مسيرتهم الدراسية وانتهى الامر بهم الى التوقف عن التحصيل الدراسي وعدم قبولهم في اي من القطاعات الحكومية او الخاصة لعدم تأهيلهم علمياً هذا الى جانب عدم توفر فرص وظيفية مناسبة للخريجين المؤهلين وسلبية القطاع الخاص في استيعابهم.
هذا ويقترح طالبي عدداً من الحلول لهذه المشكلة حيث يرى اهمية تكريس النهج التخصصي في التعليم العام بدءاً من المرحلة الاعدادية بما يسهم في رفع الوعي المهني المبكر لدى الطلاب الى جانب فتح المزيد من الوظائف وتعزيز دور الاسرة وايجابية القطاع الخاص في التعامل مع هذه المشكلة.
كما تحدث للجزيرة عبدالله بن يحيى سهلي مدير مدرسة الاحد المتوسطة بجازان عن البطالة باعتبارها احدى اهم مشكلات العصر الحديث التي تعاني منها جميع المجتمعات العربية وغير العربية على السواء.
حيث يقول في هذا السياق تعتبر ظاهرة البطالة واحدة من اهم المشكلات التي تعاني منها جميع مجتمعات وبلدان المعمورة العربية وغير العربية وقد بدت هذه الظاهرة بافرازاتها وتبعاتها تلوح في افق مجتمعنا السعودي وذلك بفعل تزايد اعداد الشباب الذين انقطعوا عن الدراسة وتقطعت بهم سبل الحصول على عمل اضافة الى وجود اعداد كبيرة من الخريجين من الكليات والجامعات لم تتهيأ لهم فرص الحصول على عمل ويناشد القائمين على وزارة الخدمة المدنية بضرورة السعي حثيثاً في توفير المزيد من الفرص الوظيفية لجميع التخصصات بما يسهم في استيعاب الخريجين الذين يتزايد عددهم سنة تلو الاخرى كما يحث القائمين على القطاع الخاص على اتاحة المجال للشباب للعمل في المجالات المهنية وضرورة توفير الحوافز اللازمة لهم لاستغلال مواهبهم وقدراتهم.
إلى ذلك يطرح الزميل احمد بن محمد علي مشرف تربوي وكاتب بمجلة المعرفة الشهرية موضوع البطالة من منظوره قائلاً في نظرة صباحية يغلفها البؤس نجد ان كثيرا من البيوت يذهب منها نصف او ربع عددها الكلي القادر على العمل والباقي يكمل مشوار الاحلام الليلي ليقطع النهار سباتا. لماذا؟ لان البطالة كبلت بقيودها كثيراً من طاقات المجتمع فهذا جامعي بلا عمل وذلك خريج ثانوية بلا مهنة وهكذا في قطاع الذكور اما الاناث فالشهادات الجامعية النسائية اصبحت اكواماً تزيد يوماً بعد يوم واما القطاع العام فقد اغلق ابوابه ليهضم التخمة التي يعانيها منذ سنوات والمتمثلة في المكاتب التوقيعية حيث الاف الموظفين ذوي التوقيعات البارزة والذين يمثلون عبئاً على ذلك القطاع الذي يحمل بهم عذراً ثقيلاً. وأما القطاع الخاص فهو متفق في صياغة العذاب الانساني بالراتب القليل والعمل الكثير المضني لانه صادق في الانتاجية حريص على الربحية. وما يتعين الاشارة اليه في هذا الصدد هو أن هذه المشكلة لن تنتهي في يوم وليلة بل هي مشكلة ذات تفاعل تسلسلي افسادي في كل جهاته الاربع امنياً واقتصادياً واجتماعياً لينعكس اخيراً على الجميع فيكون هما وطنياً ثقيلاً.
هذا ويصنف الاستاذ احمد ظافر عطيف مدرس رياضيات بالمرحلة المتوسطة ان العوامل الكامنة وراء انتشار البطالة الى عوامل اسرية واخرى مدرسية وثالثة مجتمعية ويرى ان العوامل الأسرية تكمن فيما يلي:
- التدليل الزائد من الاسرة لولدها مما ينشأ عن ذلك شاب غير قادر على تحمل مسؤولياته.
- الضغط من قبل الاسرة على الشاب لاكمال الدراسة متجاهلين رغباته وميوله مما يسبب له نوعا من الاحباط وبالتالي عدم القدرة على مواصلة التعليم وان استطاع اخذ الشهادة فسيفشل في عمله كونه غير مستعد له ولا يوافق ميوله.
- اهمال ولي الامر في متابعة أبنائه دراسياً وقبل ذلك اخلاقياً وعدم معرفة من يصادقون.
ويواصل احمد ظافر حديثه مبيناً ان العامل المدرسي يتمثل في الفجوة الواضحة بين المدرسة والحياة العامة فيلاحظ ان ما يدرسه الطالب معلومات نظرية غير مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحياة الطالب وخاصة العملية فلابد من تركيز المدرسة على بعض الاعمال اليدوية والمهنية والتكنولوجية لمواكبة متطلبات العصر.
ويسرد العوامل المجتمعية في النقاط الآتية:
- ما زالت نظرة المجتمع تزدري ذلك الشخص الذي يحاول العمل اليدوي.
- مطالبة اصحاب المؤسسات الخاصة والمهنية والورش لمن يعمل معهم بالخبرة الكافية وهذه لا تتوفر في حديث التخرج.
- كثرة العمالة الوافدة مما تسبب في انقاص فرص العمل في سوق العمل.
كما التقت الجزيرة بالمشرف والباحث التربوي محمد بن علي السلهي وطرحت عليه موضوع البطالة الاسباب والعلاج حيث قال ان موضوع البطالة موضوع مهم لابد ان يطرق في هذا الوقت بالذات فبلدنا كغيره من البلدان يعاني مما يعاني منه حيث لوحظ في السنوات الأخيرة تفشي البطالة ولاشك ان لذلك اسباباً يمكن حصرها في الآتي:
- قلة الوعي باهمية العمل المهني ووجود حاجز من الحياء بين الشباب وهذا النوع من الاعمال.
- تكدس الشباب الخريجين في تخصصات قد تم الاكتفاء منها.
- عدم توفر وظائف تستوعب جميع الخريجين.
- يأس بعض الشباب من عدم الحصول على وظيفة مرغوبة كما يرون ذلك في بعض ممن سبقهم مما ادى الى ترك عدد منهم الدراسة.
- ضعف التعاون من جانب القطاع الخاص في توفير الوظائف للعاطلين او اشتراطه شروطاً تكاد تكون معجزة لاغلبهم.
هذا ويستخلص المشرف والباحث التربوي الاستاذ السهلي طرق علاج هذه الظاهرة بضد ما اورده من اسباب على النحو التالي:
- بذل الجهود لتعزيز الاتجاهات الايجابية الموجودة لدى الطلبة نحو العمل المهني.
- استخدام الوسائل المعينة على تحسين اعداد الطلبة وتهيئتهم للعمل ويقع ذلك على عاتق المرشدين الطلابيين والاخصائيين الاجتماعيين بالمدارس.
- زيادة الاهتمام بتوزيع الطلبة الجامعيين على الاختصاصات خاصة تلك التي ما زال المجتمع بحاجة اليها.
- التنسيق مع جهات العمل ومع ديوان الخدمة المدنية في موضوع توزيع الخريجين على مجالات العمل الوظيفي ويدخل ذلك ضمن دائرة الاهتمام بوضع الخريجين الوظيفي.
- كسر حاجز الحياء القائم ما بين الشباب والعمل المهني لاسيما ان العمل المهني شرف لكل شاب هذا وقد حثنا ديننا الاسلامي الحنيف على العمل والبعد عن الكسل والخمول لما تسببه البطالة من ظهور مالا تحمد عقباه في المجتمع.
|
|
|
|
|