أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Sunday 16th September,2001 العدد:10580الطبعةالاولـي الأحد 28 ,جمادى الآخرة 1422

مقـالات

ماذا تعني زيادة أعضاء مجلس الشورى؟!
إبراهيم بن عبد الله السماري
مجلس الشورى من المؤسسات المهمة في الدولة، ومن أهم وظائفه مساعدة الدولة على تقوية بنائها التنظيمي والارتقاء بمستوى أداء مؤسساتها، بما يحقق الأهداف المنوطة بها والطموحات المعلقة عليها ولاسيما ما يتعلق منها بخدمة المواطن.
في ضوء هذه الحقيقة المقررة تتجلى حقيقة أخرى مهمة جداً هي أهمية تلمس مجلس الشورى لتطلعات المواطن وهمومه، والبحث عن علاج لمشكلاته والصعوبات التي تواجهه في تعامله مع مؤسسات الدولة التي أوجدت أساساً لخدمته، ولاسيما ان المادة الثالثة والأربعين من النظام الأساسي للحكم تعطي كل فرد الحق في مخاطبة السلطات العامة فيما يعرض له من الشؤون.
يمكن وصف العلاقة بين مجلس الشورى والمواطن بأنها في مجملها علاقة ذات طبيعة اتصالية متجددة، ومن ثمّ كان لابد من ايجاد أكثر من قناة اتصالية تنتقل من خلالها مستجدات العملية الاتصالية.
من المؤكد والمشكور في ذات الوقت ان مجلس الشورى عُنِيَ بتعدد القنوات الاتصالية بإتاحته الفرصة لبعض المواطنين لحضور بعض جلسات المجلس. ولكن هذا ليس هو الطموح المرجو لأن المنتظر ان يفتح الباب لبث جلسات المجلس لعموم الناس عبر التلفاز مباشرة فهذا البث ذو أثر كبير في بناء العملية الاتصالية، إذ عن طريقه يطمئن المواطن إلى قدرات أعضاء المجلس وحرصهم على المصلحة العامة في معالجتهم للموضوعات التي يناقشونها.
وهناك لجنة العرائض التي تستقبل شكاوى المواطنين وآراءهم وتصوراتهم ومقترحاتهم وتدرسها ثم تحيلها لإحدى لجان المجلس أو لبعض أعضائه. ولأني لا أملك معلومات إحصائية عن عدد العرائض المقدمة وعدد العرائض التي استفيد منها وطريقة الاستفادة منها.
وهكذا فإن الحكم على جدوى هذه اللجنة وأهمية عملها يظل ضرباً من التخمين فحسب. والمأمول ان يبادر المسؤولون في المجلس إلى نشر مثل هذه المعلومات والإحصاءات لأهميتها في بناء علاقة اتصال سليمة، ولما تبثه من التشجيع في نفوس الآخرين والحث على الإبداء بعد ثقتهم في ان مقترحاتهم وآراءهم تحظى بالعناية المرجوة.
ومن صور اهتمام مجلس الشورى بالعملية الاتصالية مشاركته في المناسبات العامة عن طريق المحاضرات والندوات العامة، وغير ذلك في مناسبات اجتماعية أخرى.
وبرغم هذه الجهود الاتصالية إلا أن هناك علامات استفهام فيما يتعلق باستثمار المجلس للوسائل التقنية الحديثة وعلى رأسها شبكة الانترنت، فالمجلس له موقع على الانترنت، ولكنه موقع يصدق عليه وصف الموقع الإعلامي فحسب؛ لأنه ليست له طبيعة اتصالية بأية صورة ولايتيح للإبداء أية مساحة. فالبريد الالكتروني محجوب ولايمكن لمتصفح الموقع ان يتخاطب أو يتحاور مع مسؤولي أو أعضاء المجلس من خلاله، ولا يمكنه ان يطرح أسئلة أو أن يتلقى إجابات عن طريق هذا الموقع كما هو مقتضى طبيعة العملية الاتصالية السليمة بين طرفين هما المرسل والمتلقي.
لا أدعي أنني أعرف سبب حجب البريد الالكتروني وبالتالي حجب قناة مهمة من قنوات الاتصال بين المجلس والجمهور. ولكن ربما أتوقع انه بسبب ما قد يرد المجلس عن طريق البريد الالكتروني ممن لايعرفون طبيعة الشورى الإسلامية وتطبيقاتها في الواقع، ولكن هذا السبب إذا صح ليس مسوغاً لحجب العملية الاتصالية بين المجلس والجمهور في الداخل أو في الخارج، فالذي أتصوره ان هناك حقائق نؤمن بها ولايضيرنا إذا شكك فيها الغير، بل المفترض أن نحاول إقناع هذا الغير بصواب ما نحن عليه ما دمنا نؤمن بأنه الحق والصواب، وإذا كان أهل الباطل لايملون من الدفاع عن باطلهم فإن أهل الحق أولى بالدفاع عن الحق، ولنا في رسل الله أسوة حسنة فهذا نوح صلى الله عليه وسلم دافع عن الحق الذي جاء به من ربه حتى قال له قومه: (يانوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا).
بل ربما تحول هذا العمل إلى فريضة كفائية لازمة، وبالتالي لابد ان نضاعف الجهود في هذا المجال في سبيل تحقيق الأداء الأمثل لهذه الفريضة اللازمة لا أن نقطع الاتصال بالآخر.
نعم نحن ندرك ان العملية الاتصالية في هذه الحالة ستكون صعبة وستتطلب وجود إمكانات ومهارات قادرة على الحوار والإقناع ولكننا ندرك كذلك ان هذه متوافرة في المجلس.
ولتفعيل هذا الجانب يمكن وضع عدد من عناوين البريد الالكتروني بأسماء أعضاء المجلس لأن المفترض ان كل عضو لديه نهاية طرفية يمكنه من خلالها الدخول إلى الانترنت فيستفيد من شبكة معلوماتها لاثراء معرفته وتوسيع مداركه.
أو وهو الأفضل في رأيي ان تكون عناوين البريد الالكتروني بعدد اللجان المتخصصة في المجلس، تعليمية وإعلامية واقتصادية وسياسية وهكذا... ويتولى الأعضاء المختصون الرد على الرسائل الواردة. والذي أعلمه أن وقت الأعضاء يسمح بمثل هذا العمل، والدليل نشاطهم خارج جدران المجلس.
كما يمكن عند الحاجة الاستعانة باخوان لهم من ذوي الاطلاع والفكر من المتخصصين في العلوم الشرعية والقانونية في مواقع أخرى كالجامعات مثلاً.
وإذا كان من المؤكد ان العملية الاتصالية عبر وسيلة الانترنت تحتاج إلى تكثيف ومضاعفة الجهود فإن المؤكد كذلك ان المجلس غني برجاله الذين يفيضون حماسة وإخلاصاً وقدرة في مختلف المواقع. فما المسوغ إذاً لترك وسيلة اتصالية مؤثرة؟
وفي الدورة الثالثة صدرت القرارات السامية بزيادة أعضاء المجلس إلى مائة وعشرين عضواً بعد ان كانوا تسعين عضواً. وكانت هذه الزيادةموضوع تحقيق صحفي قامت بإعداده مجلة «الشورى» التي يصدرها المجلس ويرأس تحريرها الاستاذ محمد بن عبدالله المهنا وأثيرت خلال ذلك التحقيق عدة أسئلة كان على رأسها السؤال البدهي: ما الذي تعنيه هذه الزيادة؟
وفي تصوري ان الذي تعنيه زيادة أعضاء مجلس الشورى هو أن صاحب القرار كان على علم بضرورات محددة تتطلبها آلية عمل المجلس ليحقق الأهداف المرومة منه في الدائرة التي تدخل فيها اختصاصاته. ولاريب ان رئاسة المجلس قد وضعت أطراً معينة أمام صاحب القرار لتفعيل أداء المجلس وتوسيع دائرة مشاركته في البناء الإداري والاجتماعي بمختلف مجالاته الصحية والاقتصادية الخ...
فكانت استجابة المقام السامي بزيادة عدد الأعضاء إدراكاً واعياً لأهمية عمل المجلس وتثميناً للتفاعل الجماهيري مع مناشطه المختلفة.
هنا لابد من تسجيل ملحوظة مهمة وهي أنه في بعض الدول الشقيقة المجاورة التي تصغر بلادنا مساحة ويقل عدد سكانها عن سكان بلادنا نجد ان عدد أعضاء مجالسها أكبر من عدد أعضاء مجلس الشورى لدينا بعد زيادته الأخيرة مما يعني ان الحاجة لاتزال ماسة إلى زيادة أخرى وربما تكون كبيرة لتسريع أداء المجلس مع شمولية معالجته لأعماله المتشعبة.
ومن الأسئلة التي يمكن ان تثار حول زيادة أعضاء مجلس الشورى: ما مدى تأثير هذه الزيادة على توسيع دائرة المشاركة في القرار؟
ولأني لا أود ان أعطي الأشياء أكبر من حجمها الطبيعي أقول: إن زيادة عدد أعضاء مجلس الشورى لاعلاقة له بتوسيع دائرة المشاركة في اتخاذ القرار؛ لأن توسيع هذه الدائرة مرهون بنوعية المشاركة في القرار والمساحة المتاحة لها، كما تتأثر بالقطاعات التي يمثلها الأعضاء (تجارية صناعية زراعية سكانية الخ...).
وهذان الأمران في رأيي لم يتأثرا بالزيادة العددية لأعضاء مجلس الشورى. ولكن برغم هذا يمكن القول: إن استطلاع رأي 120 شخصاً أفضل من الاكتفاء برأي 90 إذا تساوت الكفاءة في الفئتين.
ثم يبقى سؤال مهم هو: ما مدى انعكاس هذه الزيادة على أداء المجلس ولجانه؟
وسأكون صريحاً فأقول: إن الزيادة لا علاقة لها بكفاءة الأداء. فكفاءة الأداء مرهونة بأمرين، أولهما: كفاءة ومهارة الأعضاء المختارين ونحن نتوسم فيهم خيراً وسننتظر خيراً.
وثانيهما: كفاءة الآليات التي يدار بها المجلس وعن طريقها تستثار كوامن قدرات عضو المجلس وتفعيل أداء المجلس ذاته وفق أسس علمية وتنظيمية متفوقة والحكم على تطور هذه الآليات في الدورة الثالثة لايزال مبكراً فلماذا تستبق الأحداث؟
وهناك أمر مهم يتعلق بالآليات المطلوبة هو ضرورة قصر فعاليات المجلس على ماهو بحاجة إلى رأي ومشورة مؤثرة وتدخل مثمر. فمثلاً يمكنني ان أسأل: ما فائدة مناقشة لجان المجلس وهيئته العامة لأداء جهاز حكومي إذا كان المجلس لايملك أدوات دعم هذا الجهاز أو مطالبة الجهات التنفيذية بتوفيرها إذا ظهرت له الحاجة إلى شيء من ذلك؟
والاستفادة الواضحة من زيادة عدد الأعضاء ستكون في لجان المجلس؛ إذ سيخف العبء على الأعضاء ولكن الذي يحقق الاستفادة المرجوة ليس عدد أعضاء اللجان وإنما هو مدى استعداد أعضاء المجلس لبذل وقت أطول في خدمة أعمال المجلس. لا أعني حضور الجلسات فحسب ولكن أعني بالدرجة الأولى التحضير للجلسات بدنياً وفكرياً.
وسوف أضرب مثالاً واقعياً لأهمية وضرورة التحضير الذهني قبل البدني ففي جلسة من جلسات نقاش أداء جهة حكومية سأل أحد الأعضاء: ما الفرق بين هيئة التحقيق والادعاء العام وبين هيئة التحقيق والتأديب؟ فهل يعني هذا ان بعض الأعضاء لا يقرؤون ما سيناقشون أو أن مهاراتهم الحوارية ضعيفة، أو ان انشغالهم بأعمال أخرى خارج المجلس أثَّر عليهم، أو أنهم يقصدون من الجلسات إطالة أمد النقاش فحسب؟
ثم بعد ذلك يمكن ان يسأل سائل: هل ما ذكر هو سبب من أسباب عدم حرص المجلس على بث نقاشاته عبر التلفاز مباشرة أسوة بدول أخرى مجاورة؟
المؤكد ان البث المباشر للجلسات ضرورة من ضرورات الآليات المطلوبة لتفعيل أداء المجلس جماهيرياً كما هو حادث في البلاد الأخرى؛ لأنه وسيلة مهمة للتواصل بين المواطن وممثليه في المجلس. وهو المعيار الأقرب للصواب عند الحكم على أداء وكفاءة أعضاء المجلس. كما أنه سيشجع الأعضاء على الإعداد الجيد قبل مواجهة الجمهور عبر البث المباشر.
إن مجلس الشورى برغم دورتيه السابقتين ودورته الحالية لايزال في طور الإعداد والتطوير إلى الأفضل إذ لم يمض عليه عشر سنوات في ثوبه الجديد. وقد حقق الكثير من الانجازات وسننتظر منه الكثير والكثير.
وبالله التوفيق،،،،
alsmariibrahim@hotmail.com

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved