| محليــات
*الرياض واس:
أكد فضيلة الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى أن من الظلم ان يعتدى على غير جانٍ وان يقتل غير مجرم.
جاء ذلك في حديث لفضيلته لتلفاز المملكة العربية السعودية حول حكم شريعة الإسلام في مثل ما حدث من اعتداءات على الولايات المتحدة الامريكية مبينا ان شريعة الإسلام شريعة كاملة تستوعب كل حدث وفيها حل لكل مشكلة وفيها بيان حكم كل نازلة.
وأكد معاليه انه لا غرابة ان تعلن المملكة العربية السعودية عن استنكارها وعدم رضاها للاعمال التي تعرضت لها بعض المنشآت في الولايات المتحدة الامريكية موضحا ان المملكة ولله الحمد مملكة اسلامية وبحق يحكمها نظام الإسلام وتحكم شريعة الإسلام واصول عملها وانظمتها مقيدة بأن ألا تخالف الإسلام فإذا استنكرت مثل هذا العمل فإنما تفعل ما تفعله من واقع دينها ومن موقفها الإسلامي.
وفيما يلي نص حديث فضيلة الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى:
ايها المشاهدون الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الحمد لله على كل حال والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والحمدلله الذي كل شيء بقضائه وقدره. في خضم هذه الاحداث التي طرأت وفي مجالات اضطرابات الرأي والفكر وفي امر ما حدث من كارثة على الولايات المتحدة الامريكية كثر السؤال والتساؤل عن حكم مثل هذه الاحداث في شريعة الإسلام.
لاشك ان شريعة الإسلام الشريعة الكاملة التي تستوعب كل حدث وفيها حل كل مشكلة وفيها بيان حكم كل نازلة فما من نازلة تنزل على البشر إلا وفي شريعة الإسلام حكمها وبيان ابعادها ومن ذلك هذه الاحداث التي طرأت ومما كثر السؤال عنه من خاصة وعامة انما هو ما هو حكم الشريعة في مثل هذه الاحداث هل في ذلك جواز في شريعة الإسلام، وهل مثل هذا العمل يقره علماء الإسلام فيقال عن بيان حكم الإسلام في ذلك ما ينبغي أن يقال. ولان علماء الإسلام لابد ان يتحدثوا عن الاحداث ويبينوا احكام الشريعة الاسلامية فيما يطرأ من نوازل وما يلم في المسلمين أو في غيرهم من ملمات.
لاشك ان كل أمر فبقضاء الله جل وعلا قدره ومع ذلك فاحكام الشريعة تستوعب كل حدث الله جل وعلا أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين وهو الحكم العدل حرم الظلم على نفسه وجعله بينه وبين العباد محرما.
وقد ثبت عن نبي الله صلى الله عليه وسلم فيما يروى عن ربه جل وعلا أنه قال سبحانه «ياعبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا».
ان من الظلم أن يعتدى على غير جانٍ وأن يقتل غير مجرم والنبي عليه الصلاة والسلام نبي الرحمة نبي الشفقة نبي الاحسان المبعوث إلى البشرية بل إلى الثقلين الجن والانس أوضح المعالم وكان في الغزو والجهاد والقتال إذا جهز السرية أوصاهم الا يقتلوا وليدا ولا امرأة ولاهرما ولا متعبدا في صومعته أي ان الإسلام لا يبيح قتل الا من يقتل ويقاتل ويعتدي على المسلمين.
ولهذا فإن مثل الجرائم التي تقع ولا تفرق بين رضيع وامرأة ومسن ومسنة ومريض وصحيح وتأتي على المال وأهل المال ان هذا العمل يعد من الجرائم العظام والفواحش الخطيرة لأن هذا ينظر اليه في شريعة الإسلام بأنه من الفساد في الارض واهلاك الحرث والنسل وهذا أمر حرمه الإسلام حرمه الله وحرمه رسوله صلى الله عليه وسلم والنبي لما رأى امرأة مقتولة في الغزو قال «ماكانت لتقاتل» أي أن قتلها أمر ممنوع منعا باتا.
ولهذا فإن ماحدث مما شاهدته في العرض الذي عرضته وكالات البث العام مما حدث على تلك العمارات من الضرب التي تداعت له العمارة فصار الناس اثر ذلك كأنما القيامة قامت وكأن الفزع فزع قيام الساعة وظهر على وجوه الذين يركضون هنا وهناك الذهول.
ان من يحدث مثل هذه الجرائم يعد في النظر الإسلامي من أخطر الناس جرما واسوأهم عملا ومن يظن ان أحدا من علماء الإسلام العارفين بمقاصد شريعة الإسلام المطلعين على مقاصد القرآن وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم يظن أنه يجيز مثل هذه الاعمال فانما يظن سوءا.
ان المسلم لا يليق به أن يشمت حتى بالعدو إذا ظلم فالظلم غير مقبول والعدوان الانفرادي أمر محرم فظيع على من ليس مستحقا للعقاب فكيف إذا وقع الجرم بالذي شوهد وتردد صداه وافزع النظر اليه من نظر كيف يقال عن ذلك أن أهل الإسلام يقرون مثل هذا العمل.
انهم وهماء وادعى من مسوغ مثل هذه الحوادث لا يصح ان تقبل وان تسوغ في ميزان الإسلام أن الله جل وعلا يقول في القرآن الكريم في خطابه للمسلمين «ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى».
ولذلك العدل قامت به السموات والارض وايقاع عقوبة جماعية لاتتفق بأي وجه من الوجوه مع ميزان العدل ولا توضع في كفة الوزن الا انها في كفة الظلم والعدوان الفاحش لأن قتل فرد بريء لا ذنب له جرم عظيم فكيف إذا كان الجرم واقعا على فئات عظيمة وأعداد كبيرة ورضع وأطفال ونساء حبالى حتى ربما وضعت المرأة حملها من هول الفزع كأنما قامت قيامة الساعة.
ان هذه المناظر المرعبة التي شوهدت من آثار ذلك الاجرام مناظر لا يقرها عقل مسلم ولا يعتد بفعل من فعلها ولو كان نابتا منبتا اسلاميا في بلد اسلامي العبرة بما يقوله أهل العلم والعبرة بما تقرر في أحكام الشريعة الاسلامية وان لامثال هذه الجرائم من الجرائم الخطيرة.
والمملكة العربية السعودية عندما نظرت في يوم من الايام أمر اختطاف الطائرات قبل أن يختطف للسعودية أي طائرة قرر علماؤها تحريم هذا العمل ولم يفرقوا بين اختطاف طائرة ركابها مسلمون وبين طائرة ركابها غيرمسلمين بل رأوا أن الظلم أمر محرم وأن العدوان على الناس وارهابهم بغيرحق من أعظم الفواحش في الارض والفساد فيها.
ان مثل هذه الامور لاغرابة أن تعلن المملكة العربية السعودية استنكارها وعدم رضاها عن ما حدث وعن من أحدث لأن المملكة العربية السعودية مملكة اسلامية ولله الحمد وبحق يحكمها نظام الإسلام وتحكم شريعة الإسلام واصول عملها وأنظمتها مقيدة بأن الا تخالف الإسلام فإذا استنكرت مثل هذا العمل فانما تفعل ما تفعله من واقع دينها ومن موقفها الإسلامي الذي تقف فيه لانها دولة الحرمين وبلاد منبع الرسالة فلا غرو أن تستنكر الفواحش وان تستهجن اجرام المجرمين وأن تندد بإيواء كل مرتكب للاجرام أو يرضى بجرمه.
ان الانسان المسلم العارف مقاصد الشرع العالم ما تنطوي عليه الشريعة الاسلامية من الشفقة والرحمة لعباد الله يرى أن هذه الاعمال من أخبث الاعمال واشدها ضررا على بني الانسان.
ومما طرح علي من الاسئلة وهي كثيرة قبل أن أقبل بأن اتكلم ولكن تحت ضغط كثرة الاسئلة والرغبات في أن أتحدث ويعرف موقف القضاء في المملكة العربية السعودية ولان يتكلم من هو في قمة مسؤولية القضاء رأيت أن أبدأ وأبين أن هذا العمل هو عمل منكر ولكن الحقيقة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال «لا يجني جان إلا على نفسه» أي أن اجرام المجرم أو عبث عابث لا يصح أن يشغل غيره ومما قيل لي وقد سألتني إحدى الصحف قبل هذا الموقف أمام هذه الكاميرا وبينت أن هذا العمل الفظيع عمل لا يقر.
كما أن هذا العمل الفظيع لا يمكن أن يولد بغضاء أو حقدا وانتقاما على المسلمين الذين لم يرضوا ولم يقروا هذا العمل أو يحمدوه لأن مقتضى العدل ونواميس العقل تستلزم أن لا يؤخذ احد إلا بذنبه وان لا يحاسب انسان أو جماعة على ذنوب غيرها لانه كما هو مقر في شريعة الإسلام وكما هو قول نبي الهدى محمد صلى الله عليه وسلم «لا يجني جان إلا على نفسه» ولأن القرآن يقول «ولا تزر وازرة وزر أخرى» أي لا تتحمل وازرة وزر أخرى ولايحمل بريء ذنب مسيء ولا يعاقب مسالم كاف الاذى بسبب اجرام مرتكب جريمة.
ومما أثير عما قد يقال أو تردد في بعض وسائل الإعلام عن الشعب الأمريكي وما قد يكون ينظر للمسلمين الموجودين في أمريكا من أصل أمريكي أو من وافدين إليها من العرب أو غيرهم وهل هذا مما يقبل عقلا ذكرت وأذكر هنا أنه لايتوقع أن الشعب الأمريكي الذي يقول عن نفسه أنه من أبرز حماة الديمقراطية وحامل لواء العدل لا يعقل أن ينظر إلى مواطنيهم أو ضيوفهم من العرب والمسلمين ومن غير المسلمين من العرب أيضا لا يمكن أن ينظر إليهم الشعب الأمريكي مع ما هو فيه من مناعة وما يفترض فيهم العقل ومعرفة التجانس وتذكر ما قد حدث في أيام المحن لا يمكن ان ينظر إلى غير المسيء بنظرة للمسيء فإنه لا يستوي المجرم مع غير المجرم ولا يحمل مسالم موالي ذنب وجريرة معتد ظالم.
اننى أؤكد أن مثل هذا العمل غير مقبول في الإسلام والمحت إلى أن النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم في القتال وأن الناس في القتال في الغالب لايفكر المتقاتلين في أيام الحروب ما لا يصيب آثار الحرب من اضرار وسفك لدماء من لم يشارك ما عدا أن الإسلام يمنع من قتل من لم يشارك في الحرب ويمنع قتل الوليد أي الاطفال الذين لم يكونوا مقاتلين ويمنع قتل النساء ويمنع قتل الشيوخ ويمنع قتل من تفرغوا للعبادة من الرهبان في صوامعهم فدين ينظر الرسول المبعوث به لهذه الشعوب والافراد والجماعات هذه النظرة لا يمكن أن يقر اتباع هذا الدين مثل هذا العمل الفاحش انه عمل خطير وانه عمل من النوازل النادرة التي لم تكن معروفة في الزمن القديم وطرقها يحتاج إلى أن تعالج معالجة من جميع النواحي معالجة المجرم وما رضى باجرامه وأقره عليه وأيده وأمده والنظر في الاخذ بالاسباب الواقية من تكرر مثل هذا الاجرام والاسباب يعرفها العقلاء والباحثون عن الحلول وتوقي الاخطار والاخذ بأسباب منع الحوادث لا يعوزهم الوصول إلى الحل السليم والوقاية التامة
ولاشك أن الشريعة الاسلامية جاءت بالوقاية خير من العلاج ولا يختص هذا بمرض الابدان بل يعم مرض الابدان والمجتمعات والشعوب فالوقاية من الاخطار والأخذ بالاسباب التي لا تعرض للاخطار أيضا من مقاصد الشريعة الكاملة ومن متطلبات أهل سداد الرأي والفكر السليم والعقول الراجحة.
لا أحب أن أستمر في حديث ولكني أؤكد أن الامة الاسلامية بقياداتها العلمية وقياداتها السياسية وأذكر القيادة العلمية قبل السياسية لأن الامر أمر بيان حكم الشريعة لايمكن أن تقر مثل هذه الاعمال.
كما أنني أعتقد أن المجتمع الأمريكي والغربي أجمع لا يمكن أن ينظر إلى مثل هذه الاحداث بأن من ينتسبوا إلى أي دولة وهو خارج عن ارادة دولته في تصرفه أن تؤاخذ دولته وتعادى لاجل عمل قام به من لم يستشرها ولم يعلمها ولم يخبرها لانني لا اتوقع أنه احدا من مرتكبي هذه الجريمة الفاحشة الشنعاء أنه يمكن أن يكون أطلع أحد من رجال دولته على أي قصد من هذه المقاصد ولذا لايتوقع.
واننى اقول على المسؤولين في كل مكان أن يحسنوا الظن بمن يواطنوهم الآن لاسيما وأن المواطنة في الولايات المتحدة وفي غيرها صارت لكثير من المسلمين ممن أصولهم من تلك البلاد وممن وفدوا إليها والاسلام لا يفرق في اخوته بين جنس وجنس ولا لسان ولسان ولا لون ولون في هذه العقيدة.
أكرر مرة أخرى أن هذا العمل الذي تعرضت له الولايات المتحدة الامريكية بهذه الفظاعة والوحشية المتناهية التي هي أبعد من عمل الوحوش وأبعد من عمل ما قد يسمى جماعات أرهاب أو فصائل أجرام بل هو عمل بالغ الخطورة أقول انه في غاية الفحش والسوء.
وأسال الله جل وعلا بأسمائه وصفاته أن يقينا في دنيانا كل سوء وأن يهدي كل ضال إلى الصواب وأن ينصرالحق وأهله وأن يخذل الباطل وأهله وأن يجعل أعمالنا كلها في مرضاته سبحانه وتعالى وأن يلطف بنا لان من لم يلطف به الله فلا معين له.. وصلى الله وسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجميع اخوانه من الانبياء ورسله وجميع المتبعين للحق الصادقين في اتباعه.
والحمد لله رب العالمين ولا حول ولاقوة إلا بالله العلى العظيم.
|
|
|
|
|