| متابعة
* لوس أنجلوس د.ب.أ:
وسط صور الطائرات التي انفجرت متحولة إلى كور من اللهب، وناطحات السحاب التي انهارت وصارت جبالا من الركام، والمآسي الفردية التي حلت بركاب الطائرات الاربع المنكوبة وأفراد طاقمها وعددهم جميعا 266 شخصا، والآلاف الذين لقوا حتفهم في مذبحة الثلاثاء الماضي، بدأت الولايات المتحدة في التعايش مع صدمة الهجمات الارهابية غير المسبوقة، بدأت قصص البطولة والمآسي والنجاة الفردية تطغى على الارهاب بشكل بالغ، بيد أن أشد قصص البطولة عذوبة خرجت من أسر الضحايا حيث حكوا عن المكالمات الأخيرة التي تلقوها من محبيهم الذين كانوا على متن الطائرات المخطوفة وذلك عبر الهواتف المحمولة.
حكت اليس هوجلان لمحطة تليفزيون سان فرانسيسكو أن ابنها مارك بنجام «31 عاما» اتصل بها من على متن طائرة شركة يونيتد إيرلاينز في رحلتها رقم 93، وهي الطائرة المختطفة الوحيدة التي لم تصل إلى هدفها، قال مارك لأمه «لقد اختطفنا، هناك ثلاثة رجال يقولون ان معهم قنبلة».
ومن مؤخرة الطائرة، اتصل رجل الاعمال توماس بيرنت وهو من سان رامون بولاية كاليفورنيا بزوجته دينا وذلك حسبما ذكرت صحيفة سان فرانسيسكو كرونيكل، قال لها إن الطائرة في طريقها إلى الهلاك، وإنهم سيموتون، وقد طعن راكب بالفعل حتى الموت، لم يستطع بيرنت أن يقف ساكنا ويدع الامور تجري في أعنتها، ونقل عنه قس العائلة قوله «أدرك أننا سنموت، هناك ثلاثة منا يعتزمون عمل شيء».
وتقول صحيفة واشنطن بوست ان جيرمي جليك «31 عاما» أجرى مكالمة مماثلة بزوجته ليزبيث، وصف جليك الارهابيين بأنهم ثلاثة رجال يضع كل منهم عصابة حمراء على رأسه ويحملون صندوقا أحمر يقولون ان به قنبلة، وقال انهم أجبروا الطاقم على الذهاب إلى مؤخرة الطائرة وأنهم استولوا على قمرة القيادة، وأنه شخصيا ومعه عدد من الركاب يعتزمون عمل شيء، ثم أبلغ جليك زوجته انه يدرك انه سيموت وان عليها أن تحيا حياة سعيدة وأن تعنى بوليدهما البالغ من العمر ثلاثة شهور، بعدها بدقائق تحطمت الطائرة وهوت نحو حقل في بنسلفانيا، الامر الذي ربما أدى لإنقاذ أرواح الآلاف لو كانت قد ذهبت إلى الهدف المقصود والذي تقول بعض التقارير انه البيت الابيض نفسه.
ومع كثرة الضحايا، من السهل إيجاد نماذج من مختلف قطاعات المجتمع الامريكي: زوجة مساعد النائب العام الامريكي وممثلة من هوليود ومنتج تليفزيوني حاصل على جوائز، ومليونير إنترنت وطيارين ومضيفين ومضيفات جويين وبائعات ورجال دين وأسر بأكملها وسيدات مسنات.
ومن على متن طائرة شركة يونيتد إيرلاينز في رحلتها رقم 175 وهي الطائرة الثانية التي ارتطمت بمركز التجارة العالمي، اتصل بيتر هانسن من ماساشوسيتس بمنزل والديه قبل أن يلقى حتفه مع زوجته سوزان وابنتهما الصغيرة كريستين.
فبيد أن أشد القصص إثارة للهلع لن تروى أبدا، فلن يعرف ما دار بخاطر هؤلاء الذين هلكوا في اللهب والجحيم المستعر الذي اجتاح مركز التجارة العالمي والبنتاجون وما كانت مشاعرهم في اللحظات الأخيرة، ولن يعرف أبدا ماذا كان يدور في أذهان أولئك الذين بلغ بهم اليأس إلى حد إلقاء أنفسهم من النوافذ القريبة من قمة البرجين المكونين من 110 طوابق.
وبرغم ذلك، فإن هناك آلاف الأسر التي تشعر بالعذاب للغموض إزاء مصير ذويها، ويعني حجم الخسائر في الارواح أن البلاء قد طال تقريبا كافة طوائف المجتمع الامريكي.
واتصلت سيدة هاتفيا ببرنامج فون ان الاذاعي في ميامي وقالت من خلال البكاء «إنني لا أستطيع تحمل ذلك، زوجي ربما يحتضر ولا أستطيع أن أمسك يده».
لكن المأساة تظهر في أجل صورها عند حطام المباني المنهارة حيث يكافح العمال ومعهم آلاتهم من خلال عمليات الانقاذ.
وأمام النطاق الذي ضربته الشرطة حول أماكن الانفجارات يقف آلاف الاشخاص الذين يتحرقون شوقا لسماع الاخبار، أية أخبار مهما كانت سيئة عن أحبائهم وذويهم.
ومن بين هؤلاء فرانسيس سويفت «63 عاما» التي تحدثت إلى ابنها «32 عاما» بينما كان يحاول الخروج من برج مركز التجارة العالمي عقب الارتطام الاول، وظلت سويفت تجوب المدينة طولها وعرضها طوال اليوم ومن مستشفى إلى مستشفى سعيا وراء أخبار عن ابنها.
وتقول الام الحزينة «بعضهم أبلغني أنهم رأوه، ولكن كان لابد أن يتصل بها هاتفيا، غدا، ربما تكون هناك أخبار».
|
|
|
|
|