| المجتمـع
* الرياض تهاني الغزالي:
خلق الله آدم ولم يتركه وحيداً اهداه ابتسامة ربيع عندما خلق له حواء وجعل بينهما مودة ورحمة لتستقر الحياة وتعم السكينة، ولم يخلق الله حواء من رأس آدم حتى لا تتعالى عليه، ولم يخلقها من قدمه حتى لا يمتهنها بل خلقها من بين ضلوعه حتى تظل دائماً بين ضلوعه يحتويها ويحميها من ظروف الحياة المتقلبة.
والمألوف ان يسكن آدم الى حواء وتطمئن هي بوجوده، ولكن لماذا ينقلب هذا المألوف في أيامنا، لماذا تلك الحرب الباردة وهذا التحفظ شبه المستمر بين كيانين يكمل كل منهما الآخر.
هل بسبب خروج المرأة الى العمل، أم بسبب شعور كثير من الرجال بأن استقلالية المرأة من الناحية الاقتصادية جعلها ترفض تبعيته وبذلك تذبح رجولته وتجعل البيت ساحة للقتال والمنافسة على أمر لو اراد الله ان يكون للمرأة لكان، ولهذا رصدنا الآراء لمعرفة ان كان هناك حرب باردة ، ومن المحق، الرجل أم المرأة فالاستاذة فهدة الدخيل ترى ان الأفكار الهدامة هي المسؤولة عن إشعال الحرب الباردة بين ازواج وزوجات هذا العصر وتقول ان خروج المرأة للحياة العامة بعد حصولها على قدر كاف من التعليم أهّلها للعمل في مجالات الحياة المختلفة وجعلها تنساق وراء بعض الأفكار الهدامة التي لا تتلاءم مع قيمنا التي تربينا عليها وحثنا عليها الدين الإسلامي،
والتي تدعوها الى التحرر من تبعية الزوج بصورة جعلت بعض النساء لا همّ لهن الآن إلا منافسة الزوج في إدارة أمور الحياة الزوجية اعتقاداً منهن ان ذلك حق بعد ان صرن يشاركن في مصروف البيت، مما أشعل فتيل حرب خفيفة بين الزوج والزوجة،
ولهذا انبه مثل هؤلاء الزوجات ان رغبتهن هذه تحرمهن من الاستمتاع بالاحتياج لشريك الحياة الذي هو وحده فقط يجعل للحياة مذاقاً أحلى وهدفاً أسمى.
على حين ترى الطالبة نورة محمد، الطالبة بكلية الطب ان الفهم الخاطئ لمفهوم الرجولة عند البعض هو المسؤول عن إثارة المشاكل بين الأزواج وبالتالي حدوث الطلاق في حالة استمرارية تلك المشاكل وتضيف: لولا الفهم الخاطئ لبعض الازواج لمفهوم الرجولة ما انتشرت المشاكل بين الأزواج.
فللأسف هناك فئة من الأزواج تعتقد ان الرجولة هي فرض سيطرة عمياء او أوامر غير متبصرة، ولذلك تجد تلك الفئة تسعى للحد من طموح الزوجة الراغبة في اكمال دراستها مما يجعل فتيل الحرب تشتعل بين الزوجين، متناسين هؤلاء الازواج ان الفتاة اليوم مختلفة بسبب انتشار وسائل الإعلام التي جعلتها لا تعترف الا بلغة الحوار كحلقة وحيدة للتفاهم، وهذا ما شرعه الدين من قبل ولهذا ادعوهم لتذكر قول الرسول الكريم: «خيركم خيركم لأهله».
وتشاركها في الرأي كذلك الاخصائية الاجتماعية سارة القحطاني التي ترى ان تصاعد المشاكل بين الزوجين يشير الى معنى واحد انهما لا يتعاملان بالمنطق الديني الصحيح الذي يدعو الى حسن العشرة وبالتالي تنتفي صفة المودة والرحمة، ويدخل العناد ليحل محل التسامح، وهذا ما هو واضح الآن جلياً، بعد انتشار فئة من النساء غريبة علينا وهي المرأة القيادية، فإن كانت المرأة قيادية فماذا يكون الرجل.
شعارات مرفوعة
بينما ترى الباحثة الاجتماعية اعتدال عبدالله ان فكرة الحرب بين الرجل والمرأة فكرة وهمية فتقول لا أتصور ان تكون هناك حرب بين الرجل والمرأة فالحرب معناها منافسة بين اثنين متساويين في كل شيء وصراع بينهما من أجل الحصول على شيء معين، ولست أدرى هل هناك تكافؤ كامل بين الرجل والمرأة؟ ان لكل منهما دوره الخاص به ثم ما هذا الشيء الذي يتصارعان للوصول إليه؟
انها مجرد شعارات ترفعها المرأة ويرددها الرجل، فلا هي تعرف ماذا تريد ولا هو يعرف ماذا يريد ويظلان يطحنان بعضهما من أجل لا شيء. وكل ما أطلبه ان يعرف كل منهما بالضبط ما يريد من نفسه ومن الآخر.. وألا تحاول المرأة التخلي عن أنوثتها بحجة كسب الحرب فهذا هو أقصر الطرق لخسارة كل شيء.
الخروج للعمل السبب
أما الرجال فرأيهم في الموضوع كان كالتالي فأحمد العبدالكريم قال: هناك أشياء لابد من الاعتراف بها ان الرجل عموماً والرجل الشرقي خصوصاً يسعده ان يشعر بأن زوجته له وحده لا يشاركه احد فيها وخروج الزوجة للعمل قد يشعرالزوج بأن هناك ما ينتزع منه اهتمام زوجته، فهي تهتم بعملها وتحبه ولذلك تثور الغيرة في نفسه فهو يريد اهتمامها له هو وحبها دون منازع.
كما ان مسؤولية حماية الزوجة من أي سوء هي المسئولية الكبرى التي تسعد الرجل. وخروج المرأة من البيت لأي سبب بمفردها يجعله احياناً يخطئ في الطريقة التي يقنعها بها من أجل عدم الخروج مما يجعل المرأة تتخذ موقفاً يتسم بالعدائية تجاه الزوج مما يثير رغبتها في التحرر من قيوده.
على حين يرجع خالد الشهري وهو شاب في مقتبل العمر ومحاسب بإحدى الشركات أسباب ظهور حرب باردة بين أزواج هذا العصر الى عدم فهم المرأة لفكر الرجل فيقول: البحث عن الاستقرار بداية التفكير في الارتباط بالجنس الآخر وهو الهدف الأسمى لكل علاقة بين رجل وامرأة.
فالرجل دائماً يبحث عن استقرار وجداني وكياني ويجد ذاته في الارتباط بشريكة تخفف عنه عناء الرحلة الطويلة.
ولو حاولت المرأة التعمق في نظرتها للرجل وتحليل نفسيته لما وجدت تلك المشاكل التي لم تكن موجودة من قبل في جيل آبائنا وأجدادنا، والرجل بطبعه وهذا ما قد يخفى على معظم النساء يسعى بكل جهده للاستمتاع بهدوء الحياة واستقرارها وهو بذلك لا يتصف بالأنانية، كما ترميه حواء،بل هو الهدف الصحيح لاستمرار رحلة أطول بشكل أفضل فهو يحب نفسه ويحترمها وينتظر من شريكته ان تحبه وتحترمه، وحتى يتم الحب والاحترام لابد ان تتوافق الطباع وتتشابه، ولذلك يسعى الرجل ليطبع زوجته بطابعه فتتهمه الزوجة بالسيطرة والتحكم رغم انه يهدف من هذه العملية ان تتقارب وجهات النظر حتى لا تحدث الخلافات.
ويقول الدكتور خالد محمد استشاري الطب النفسي: النساء الآن في أمريكا بدأن يطالبن بالعودة للبيت، بعد ان أصبحت المرأة مثقلة بأعباء العمل ومواعيده الصارمة، ولهذا نجد ان الإسلام رسالته بينت كيف انه رفع كدح العيش حتى تتفرغ لرعاية زوجها واولادها وهذا ما تصبو اليه الآن المرأة الغربية ولهذا ادعو المتزوجات اللاتي يثرن المشاكل مع ازواجهن بحجة انهن متعبات وان ثقلهن اثقل من ازواجهن ان يعدن الى البيت فوراً تجنباً لمزيد من المشاكل التي قد تكون وخيمة في بعض الأسر وتجربة زوجتي خير برهان على ذلك فبالرغم من نجاحها كطبيبة إلا انها آثرت البقاء في البيت بعد إنجاب طفلنا الأول حتى تتفرغ لرعايته.
فكل ما هو مطلوب نظرة موضوعية من المرأة وعدم التحدي من الرجل حتى تسير الأمور على خير ما يرام.
ولذلك تنصح الاخصائية الاجتماعية مها الدخيل بالتالي وتقول: الرجل طفل كبير وهذه حقيقة والمرأة تستطيع الحصول على مطالبها لو شرحت للرجل انها لا تفرض تلك المطالب ولا تقصر في واجباتها من اجل مكاسب شخصية اذا شعرالرجل بذلك فهو أول من يشجع زوجته على تحقيق أحلامها ولكن أهم ما يرجوه ألا يتأثر بيته وأولاده بأحلام زوجته في تحقيق أهداف خاصة بها. وانوثة المرأة في نظر الرجل تكمن في اعطاء الاهتمام الأول والأكبر للبيت والزوج والأولاد، وهذا ما يتفق مع طبيعة المرأة السوية، أما احساسه بأنها تنافسه فهذا ما يخلق عنده الحرب كل صورها.
أما رأي علم الاجتماع في هذا الأمر فلخصته الدكتورة هدى الخيال استاذة التخطيط الاجتماعي في عدة نقاط أهمها:
احياناً يكره الرجل تفوق امرأته ويشعره ذلك بتحديها لرجولته فهي تنافسه.
هناك الرجل الذي يكره ان يشاركه أي شيء في امرأته حتى لو كان عملاً مفيداً.
وهناك الزوج الذي يتصور ان خروج زوجته للعمل يعد تنازلاً عن احتياجاتها له فقد استقلت اقتصادياً.
ولكن الخطأ قد يقع على المرأة في كثير من الأحيان.
فطريقة تعاملها مع زوجها تؤثر على حياتهما معاً مما قد يصيبه بالعناد والتحدي لكل ما تطلبه حتى وان كان مطلباً سليماً.
فالسيدة التي تطلب حرية لابد ان تعرف مسؤولياتها كامرأة تحافظ على دينها وحيائها وسط المجتمع. ولست أرى في خروج المرأة للعمل أي عيب ما دام هناك تفاهم وثقة.
فالمسألة ليس حرباً فالحياة ابسط من ذلك بكثير، وكل هذا في الأخير يتوقف على مدى مرونة المرأة، ومدى نضج الرجل فكرياً ليزن بعقله المتفتح أمور حياته ولا يتصلب برأيه في أشياء تافهة لمجرد اثبات انه صاحب الأمر والنهي.
|
|
|
|
|