أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 15th September,2001 العدد:10579الطبعةالاولـي السبت 27 ,جمادى الآخرة 1422

مقـالات

زوجة ثانية
بعد زواج دام عشرات السنوات ... أبناء وبنات قارب عددهم عدد فريق كرة القدم، جاءها متلعثما، يقدم خطوة ويؤخر أخرى.. تنظر إليه صامتة، سيخبرني بكارثة، عشرات السنوات وأعرف طبعه، وأعرف فيمَ يفكر دونما سؤال، أعرف أنه سيقول لي شيئاً يكدرني، ماذا سيقول؟ ابننا البكر اختلف مع زوجته مرة أخرى؟ هل تراه طلقها هذه المرة؟ لا أعتقد!! بالأمس كانوا هنا، كانت الأوضاع مستقرة والأمن مستتباً، ماذا إذاً ابننا في أمريكا انخفض معدله؟، لا أعتقد فقد بدأ في مرحلة تحضير الرسالة، تجاوز المواد التي أقلقتنا، ماذا إذاً؟ أهو عريس جديد؟ البنت مصرة على إكمال تعليمها الجامعي.. ووافقناها بل وشجعناها ...؟ ابننا الذي نسعى إلى نقله من وظيفته الحالية إلى هنا ليكون معنا في نفس المدينة؟ أم أن أهل البنت التي خطبنا لابننا الأوسط قد رفضوا بعد الموافقة؟؟ لا أعتقد فلم تكن الفرحة تسعهم بهذا النسب!! ماذا إذاً!!.. كل هذه التساؤلات مرت في ثوانٍ.. حتى وصل إليها وجلس بجانبها..
مدت له فنجان القهوة.. وعادت تناوله صحن «السكري»، ماذا بك؟ هل أنت متعب؟ مريض؟ لا .. لا شيء، وساد الصمت لدقائق، كان خلالها يتنقل بين القنوات، ولم يستقر على قناة واحدة لأكثر من ثوانٍ... ماذا بك؟ سألت مرة أخرى؟
ترك الريموت كنترول من يده ..... الصوت مرتفع، أخذت الريموت لتخفض الصوت، فمدّ يده إلى يدها.. وأمسك بها،وقال لها ... قررت الزواج ...، سحبت يدها من يده وسقط بينهما الريموت كنترول ومازال صوت التلفزيون مرتفعاً.
ماذا؟؟ تتزوج؟ لماذا؟ ومنذ متى راودتك الفكرة ...؟ هل قصرت معك بشيء؟ أبعد هذا العمر؟ ولماذا الآن؟ ما الذي ينقصك؟ وبدأت في البكاء.. وانهمرت دموعها، لماذا هل حصل مني تقصير؟ والعشرة؟ تزوجتك وأنا طفلة وأنت أكبر بقليل .... عشنا طفولتنا معا، وقضينا شبابنا سوياً، والجزء الأكبر من كهولتنا ... ماذا بقي في العمر لتشرك معي امرأة أخرى؟؟؟
قال لها .. حاشاك التقصير ..، قد كنت نعم الزوجة، ونعم الأم ..، وكما تقولين ما بقي في العمر شيء.. ولذلك فأنا أرغب أن أعيشه بالطول والعرض ... أرغب في استغلاله، في تجديده إن جاز لي القول، والشرع حلل لي أربعاً ... أي أنني أستطيع أن أجمع معك ثلاثاً أخريات.. وهمست ... اجمع إن شئت ما الفرق بين واحدة أو ثلاث، وأنا من يجدد لي شبابي الذي أفنيته في خدمتك؟ لم يسمع ما قالت .. قال لها سيكون لك الدور الأرضي، ولها الدور الأعلى، ستكونين البيت الأول، ضيوفي ضيوفك، وأنت الأولى، أنت الحب الأول، أما هي فمجرد مساءات ليس إلاّ، وسوف أحضر لك غرفة نوم جديدة وألبسك من الذهب ما شئت، وأخرج من جيبه ساعة وحاول أن يضعها في يدها، فقالت ما قيمة الوقت الآن وما أهمية الأيام؟
لم يكن بوسعها الاعتراض أو الرفض بعد هذا العمر ... وإلى أين المفر .. هو الزوج والأخ وبقية العائلة بعد أن رحل أغلب أفراد عائلتها إلى الدار الآخرة.
سامحك الله ... لم تزد على ذلك.
وكان العرس، وحضرت العروس، فتاة في عمر حفيداته، لا ذنب لها في الحقيقة سوى أن حظها العاثر ألقى بها في كنف شخص في عمر جدها ... لا يملك من مقومات الزواج السعيد سوى المادة ... وإن لم تكن من المقومات الأساسية.
في يوم أتى إليها بعد غياب استمر أكثر من مساء تبعه مساءات ومساءات ... أتى إليها أيضاً بخطواته المتثاقلة، وحيث لم تعد بينهما أي أمنيات مشتركة، ولا خواطر متبادلة، لم يرد إلى ذهنها أي شيء ... كانت تنظر إلى عينيه فقط، جلس أمامها هذه المرة .. وأخرج من جيبه ورقة مطوية ومد بها إلى يدها .. الشيخ أخبرني بأنه من شروط الجمع بين الزوجتين أن أكون عادلاً بينكما، وأنا لا أستطيع أن أكون كذلك بعد أن مللت التنقل بين الأدوار.
وضعت ورقتها في يدها، وعدلت من جلستها، وسحبت ثوبها ليغطي ما بدا من أقدامها، شعرت بأنها غريبة عن رجل كان هو كل عمرها، يعرف كل تفاصيلها، وحاولت النهوض حتى لا يرى دموعها، فقد بات غريباً من اللحظة .... وقبل أن تقوم من مقامها ..... مالت على جنبها .... واستمر هو في عدالته التي زعم.
منيرة أحمد الغامدي

أعلـىالصفحةرجوع


















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved