إكرام الضيف صفة اتصف بها العربيّ وخاصة سكان الجزيرة العربية قبل الإسلام وبعده. وقد حثنا ديننا الحنيف على إكرام الضيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:« من كان يؤمن بالله واليوم الآخرفليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» وقد قيل حول إكرام الضيف أشعاراً كثيرة نبطية وعربية لايسمح المجال لذكرها. وللضيف حقوق كثيرة وكذلك عليه حقوق فمن حقوقه إكرامه والترحيب به وتقديم الميسور وكذلك حمايته في محارم البيوت كما هو متعارف عليه قديماً. وما قصة نويشي الحربي إلا واحدة من عشرات القصص وأما الحقوق التي على الضيف فمنها التأدب وسترالعيوب التي قد تحصل من مُضيفه «المعزب» كالتقصير وقصة هذا الأسبوع تقول بأن رجلاً اسمه عيد كان شجاعاً وكريماً حل عليه أحد رجال البادية ضيفاً وكان هذا الضيف معه حصان أصيل.
بقي هذا الضيف ماشاء الله أن يبقى عند عيد وفي صباح ذات يوم وبعدما تناول القهوة والحليب وفك ريقه«ما يُسمى الآن بالفطور» ودع الضيف مُضيفه ثم سار في طريقه كان هناك رجل يُدعى «القحص» وأشتهر بالحيافة وكان هذا الرجل قد راقب هذا الضيف ليأخذ حصانه مما جعله يعمل له كميناً في طريقه. فلما مرَّ به هذا الضيف خرج عليه فجأة وأنزله من على ظهر حصانه ثم طخَّه مرتين ثم القاه على الأرض وركب الحصان وهرب. بقي الضيف على الأرض وقتاً وبعد أن استعاد قواه ونشاطه رجع إلى «معزبه» عيد لأنه لم يخرج من محارم بيته. فلما وصل إلى عيد سأله ما الخبر؟ فقال الضيف:
القحص من مر الليالي سقاني
ياطخة طخن على الوجه ياعيد
قطع يده ياشوق صاف الثماني
وإلا اذبحه كان أنت تدري المناقيد
ثم أخبره بالقصة كاملة. قال عيد للضيف: أنت تبقى في بيتي حتى يعود اليك حصانك ثم ركب عيد فرسه وأخذ سلاحه واقتفى أثر«القحص» وبعد أيام عثر عليه في مكان ما وهو جالس في مجلس كبير وقد ربط الحصان أمامه. وقف عيد على رأس «القحص» وأشهر سلاحه قائلاً: لقد أضعت ماء وجهي عند ضيفي وقدطلب مني ضيفي أحد أمرين. اما قطع يدك أو ذبحك لكنه بدأ بقطع اليد بقوله: «اقطع يده ياشوق صاف الثماني» وأنا سوف أبدأ بالأولى فارفع يدك لأقطعها.
حاول «القحص» أن يقاوم لكن الحضور وهم يعرفون العُرف المتعارف عليه طلبوا من «القحص» أن يرفع يده اليمنى لينال جزاءه وفعلاً رفعها فقطعها عيد ثم استاق الحصان وجاء به إلى ضيفه وسلمه اليه.
أقول لقد استمعت إلى هذه القصة من عدة رواة منهم مَنْ انتقل إلى رحمة الله ومنهم مَنْ هو حي يرزق. فمنهم مَنْ قال بأن عيداً هذا هو عيد بن هديريس صاحب العوشزية ومنهم مَنْ يقول لا أعلم. فمن لديه إيضاح حول اسم صاحب القصة وموقعها فعليه مشكوراً أن يفيدنا لأننا نبحث عن الحقيقة ليس إلا. وإلى قصة اخرى في موضوع آخر في الأسبوع القادم إن شاء الله . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.