| شرفات
في ظل الجهود العربية المبذولة لفتح الملف العنصري الاسرائيلي وفضحه أمام المجتمع الدولي خلال المؤتمر العالمي ضد العنصرية الذي عقد مؤخراً بديربان صدر حديثاً عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان كتاب بعنوان «فلسطين/ اسرائيل، سلام أم نظام عنصري» للكاتب الفلسطيني مروان بشارة تناول الكتاب أهم ملامح النظام العنصري الاسرائيلي وانعكاساته على الشعب الفلسطيني مدعما بالعديد من التقارير والاحصاءات وتعرض لقضايا القدس واللاجئين والمستوطنات ومستقبل المواجهة بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
وربط الكاتب بين الانتفاضة الفلسطينية التي تشهدها الأراضي المحتلة والممارسات العنصرية الاسرائيلية كنتيجة طبيعية لهذه الممارسات وقال إنها تعبير بليغ عن الفشل الذريع لعملية السلام الوهمية مع اسرائيل والمحنة التي يعانيها الشعب الفلسطيني تحت وطأة الاستعمار الاسرائيلي ولذلك فهي ليست مشكلة أمنية بقدر ما هي رسالة سياسية واضحة يجب على المجتمع الدولي الاصغاء لها والبحث عن سبل لحلها.
نظام عنصري
كما ربط الكاتب بين النظام العنصري الذي كان قائماً في جنوب أفريقيا والنظام العنصري الاسرائيلي مؤكداً أن اسرائيل عندما فشلت خلال اربعة عقود من التطهير العرقي والمذابح والحروب في ان تحل مشكلة الفلسطينيين لجأت إلى سياسة الفصل العنصري والحصار والقهر كما حدث في جنوب أفريقيا إلا أن الانتفاضة الفلسطينية الأولى مثل ثورة سويتو قبل عقد من الزمان في جنوب افريقيا كانت كالصحوة التي أيقظت العالم على حقيقة أن العنصرية لايمكن أن تستمر للأبد واستطاعت ان تشل الحركة اليومية لقوات الاحتلال وهنا لجأت اسرائيل إلى الفصل الجغرافي والسكاني للبقاع الفلسطينية البائسة.
وعلى عكس ما حدث في جنوب افريقيا حيث توقفت أساليب الفصل العنصري وتوقف استيلاء البيض على الأراضي فور بدء المفاوضات زادت الأعمال العنصرية في فلسطين مع بدء المفاوضات. لقد طردت حكومة الأبارتهايد في جنوب افريقيا السود من مزارعهم وأجبرتهم على السكن فيما أسمته (الأوطان) ومنحت البيض أراضيهم وكذلك طبقت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة نفس سياسات التطهير العرقي في أراضي فلسطين.
ويؤكد مروان بشارة على أن اسرائيل ليست لديها استعداد لانهاء نظامها الاستعماري والعنصري كما فعلت جنوب افريقيا خاصة مع غياب دى كليرك أو ديجول اسرائيلي يستطيع أن يضع حداً نهائياً لنظام الأبارتهايد والاحتلال الاسرائيلي.
قضايا الوضع النهائي
واستعرض الكاتب قضايا الوضع النهائي في عملية السلام (القدس واللاجئين والمستوطنات) كدلائل بارزة على النظام العنصري الاسرائيلي مؤكدا أن مسألة اللاجئين هي القضية الوحيدة التي تربط مابين حربي 1967 و1948م ولذلك فمعالجتها شرط اساسي للوصول الى اتفاق نهائي خاصة وان عدد اللاجئين وصل الى ما يقرب من خمسة ملايين لاجىء لم تسمح اسرائيل إلا بعودة بضعة آلاف منهم على مدى عشر سنوات.
وفيما يتعلق بقضية القدس أشار الكاتب إلى أن محورالخلاف في هذه القضية هو المدينة القديمة وما يحيط بها والتي يطالب الفلسطينيون باعادتها اليهم مشيراً الى محاولات اسرائيل المستمرة لتهويد المدينة المقدسة عن طريق تطويقها بالمستوطنات.
وأكد أن اسرائيل هي التي ستحقق مكاسب جمة في حالة التوصل الي حل عادل بشأن القدس أولها الأمن والاعتراف الدولي لسيادتها على القدس الغربية ولذلك يجب النظر الى قضية القدس على انها مصدر قوة بدلاً من كونها عقبة في طريق المفاضات والسلام.
وبالنسبة للمستوطنات أشار الكاتب إلى ان اسرائيل منذ بداية عملية السلام عام 1933 وهي تمارس الاستيطان في الأراضي المحتلة بلا هوادة مما أضعف جميع احتمالات الوصول إلى حل عادل للصراع الاسرائيلي الفلسطيني فقد استمر التوسع في المستوطنات بمنتهى القوة وبدون اعتراض من التسعينيات وتسارع إيقاعه بعد عملية السلام في تحد صارخ لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي واتفاقيات السلام فالاستراتيجية الاسرائيلية التي تهدف إلى الحفاظ على المستوطنات انما تهدف إلى ضمان أكبر قدر من التوسع الاسرائيلي في التحكم في الأراضي والموارد الاقتصادية الموجودة داخلها.
وقد أدى تحكم الاسرائيليين في مصادر المياه والكهرباء بالاضافة إلى نشاطها الاقتصادي المتزايد في المستوطنات إلى نظام شبيه بنظام التمييز العنصري حيث يخضع العرب واليهود لنظام قانوني مزدوج وتمييز في كل نواحي الحياة. والأكثر من ذلك أن هذه المستوطنات أصبحت مكاناً لدفن المخلفات الصلبة ونقلت إليها اسرائيل الكثير من صناعاتها الملوثة للبيئة.
وفي الوقت نفسه برز المستوطنون الاسرائيليون في الأراضي المحتلة كأحد أكثر العناصر عنفاً منذ السبعينيات فقد أنشأ وا قوات مسلحة خاصة بهم وأقاموا منظمات ارهابية مساندة للجيش الاسرائيلي وشرعوا في قتل الفلسطينيين الأبرياء والهجوم على ممتلكاتهم.
مستقبل المواجهة
وتطرق الكاتب إلى سياسة الولايات المتحدة ازاء عملية السلام مؤكدا أنها لم تكن تمثل بشكل أو بآخر الوسيط النزيه أو صانع السلام في المنطقة فقد وضح تأييدها الشديد لاسرائيل ودعمها لها واعطاؤها حصانة ضد أي ضغوط دولية اذا ما رفضت الاتفاقيات وانتهكت قرارات الأمم المتحدة التي كانت أساسا للمفاوضات ولذلك فالمساهمات التي تقدمها الولايات المتحدة لاسرائيل تجعلها مسئولة قانونيا مثلها مثل اسرائيل عن انتهاكات الأخيرة للقانون الدولي واقامة نظام للتمييز العنصري.
وفيما يتعلق بمستقبل السلام والمواجهة الفلسطينية يتوقع الكاتب ان تستمر اسرائيل ومن ورائها واشنطن في الضغط من أجل التوصل إلى اتفاقات مؤقتة طويلة الأجل إلا أن السنوات السبع الأخيرة علَّمت الفلسطينيين ان اسرائيل غير جادة في تطبيق أي اتفاق مؤقت ولذلك فلن يوافق شعب فلسطين الا على اتفاقيات عادلة قابلة للتنفيذ.
وأي تنازل فيها سيقابل بالاحتقار والرفض واذا استمرت اسرائيل في التمادي فستأخذ المواجهة طابع العداوة المعلنة وأمام اسرائيل فرصة ذهبية تاريخية لتتوقف عن العنف وتتقدم باعتذار تاريخي للشعب الفلسطيني وتعترف بالحق الفلسطيني المشروع في أراضيه والا فلن يتوقف العنف في المنطقة بل سيزداد يوماً عن يوم حتى تصل الأمور إلى حل.
علي البلهاسي
|
|
|
|
|