| الثقافية
مشت أمل بخطى أثقلها انصرام الأعوام المتعاقبة ميممة شطر حديقة المنزل المغطاة بباقات الزهور والورود مختلفة الأشكال وزاهية الألوان وامتزج أريجها بشقشقة عصافيرها التي ترفرف على أنغام حفيف وريقات نباتاتها التي اتخذتها النسمات العابرة أوتارا تعزف موسيقا شجية وبدت كخميلة بللها ندى فينبعث أريجها كشذى مسك، أخذت أمل مكانها بين الزهور في تعاسة وفتور فعانقتها نسمة عليلة باردة آوتها بنفس عميق فتداعى جسمها النحيل منطويا أرضا فافترشته كثوب بال لا يستر لابساً ولا يقي جالساً وأسرت النسمة بدفء الى سويداء قلب أمل فآواه بصفرة الزعفران واكتسى بدنها بقشعريرة ترحيبة بالنسبة فبدت أمل كعصفور يصفف ريشه قد بلله مطر فغفت هنيهة ثم فاقت على حركة خفيفة فاتحة عينيها المرهقتين ورمقت ألوانا زاهية وما أدراك ماهيه فراشة آية في الجمال قد حطت أمام عينيها قيد أنملة فوق وردة متمايلة فرحا ومهتزة طربا فحلق قلب أمل سرورا بذلك المنظر مشاركا برقصات خفيفة وخفقات لطيفة فتأملت وتألمت وأطالت فزاغ بصرها مما أثار كوامن دفينة مكبوتة بمرارة الحرمان وموشحة بآلام الأحزان، ذرفت دموعاً ثم هملت كحبات لؤلؤ راسمة خطين على وجنتيها بصحة ما تعانيه. إنها تحلم فقط متى تصبح كحمامة حديقتهم التي دائما تحط فوق أفنان شجرة السدر ساجعة بألحانها العذبة نائحة بموسيقاها الشجية فيهفو قلب أمل قبل أملها فقد أصبحت كطائر يهفو للتحليق بلا أجنحة تريد الأمومة فكبلت مظلومه، إنها تنشد نصفاً طال انتظاره لتستذري به وكرا وترزق بفلذة تغمرها بدفء الحنان وسكون الجنان فيفعم قلبا كان ياما كان في جوف نصف إنسان.
لقد انصرم ربيعها الثلاثون ذابلا كفتيلة قنديل همدت فذرتها الرياح، لا مأوى يدفئ زمهرير فؤاد قاس أو يجمع شتات جسم بالأسى كاسٍ، عمرها يمر كبرق صيف في مزنة عابرة. إنها أسيرة شروط أوهام الأهل فحرمت الزوج وفديتها هي تنفيذها بالكامل دون اعتراض أو تراض. ويبقى سوار طفولتها حول ذراعها رمزاً لخيالها الناحل من الرأس الى الكاحل.
أبو عبداللّه عايض القحطاني - الرياض
|
|
|
|
|