أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Friday 14th September,2001 العدد:10578الطبعةالاولـي الجمعة 26 ,جمادى الآخرة 1422

الثقافية

قصة قصيرة
الثكلى
تعثرتُ بعصاها الغليظة التي كانت تعترض طريقي فوقعت ارضا مفترشة كتبي فنظرت خلفي فاذا بها امرأة مسنة ترك الزمن بصماته القاسية على ملامحها... واضنت السنون جسدها الضعيف واخذت تتكىء على العصا وخاطبتني بصوتها الخافت المتقطع: اعذريني بنيتي.. لم ارك، وان كان هناك من عتب فليكن لبصري الذي ضعف واصبح مهددا بالزوال.. فابتسمت ونفضت الغبار المتراكم على ثوبي وهممت بجمع كتبي قائلة: لا عليك.. انا بخير وقبل ان استأذنها بالرحيل.. امسكت بيدي وشعرت بشحنة من القلق والخوف الزائد في قلبها المسن وشاهدت خيوطا من الالم ترتسم فوق جبينها وظلالا من الحزن تطل من عينيها وما هي الا لحظات حتى ملأت تجاعيد وجهها بماء عينيها وقالت باكية: اسدي لي خدمة واقرئي هذه الورقة التي بحوزتي.. فسألتها مستفسرة: من دفعها اليك؟؟.. تنهدت ومسحت دموعها بكفّيها المرتجفتين وتمتمت قائلة: ابني.. سألني ان امكث هنا بانتظاره عند شجرة اللوز واذا طال غيابه وانطوت الساعات دون مجيئه اطلب من احد المارة ان يقرأ لي عنوانه المدون بالورقة ويوصلني اليه.. فأمسكت بالورقة، اضحت بالية مما اجتاحها من قطرات الدمع والعرق، مجعدة وكأنها شاخت بطياتها.. التصقت عيناي بسطورها.. تجمدت شفتاي عند كلماتها فتاهت مني حروفها او ربما تهت انا بين حروفها..؟؟!! سألتني مرة اخرى والقلق يعتصر قلبها الحاني: اخبريني.. ارجوك انا قلقة عليه لقد طال غيابه.. اخشى ان مكروها اصابه.. هززت كتفي وانا في يم عميق من الافكار المتناقضة الهوجاء.. اخذت ارتجف كورقة في مهب الريح العاصفة.. اغمضت عينيّ ورجوت اللحظات ان تكون كابوسا عابرا ولكن لم اجد لرجائي صدى سوى صوت الحقيقة وتلك هي الحقيقة..!!
فجاء صوتها ليخترق حجب الصمت وهول الموقف وينتشلني من حيرتي القاتلة وتمتمت: لِمَ يرفض الجميع مساعدتي ولا يدلوني على العنوان؟؟!
واستأنفت حديثها بصوت يغلفه الرجاء: ارشديني الى عنوانه اريد الاطمئنان عليه .... دفعت الورقة اليها وتعثرت بعبراتي المخنوقة قائلة: اعذريني.. لا اجيد القراءة .. التوت ملامح وجهها مرتسمة خيبة الامل في عينيها وتركتني متكئة على عصاها وضاعت في زحام المارة لتسأل عن عنوان ابنها الذي نقل عنوان مسكنه الى دار العجزة...!!!
همسة:
عندما تدفن التضحية في غياهب الانانية.. ولا يقوم القلب الا بوظائفه الطبيعية ويموت الاحساس ويتجرد الجسد الا من النرجسية، عندها فقط.. تموت الانسانية..
فوزية حسن - بيشة

أعلـىالصفحةرجوع
















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved