| مقـالات
ها نحن نعيش هذه الأيام مع بداية العام الدراسي الجديد 1422 1423ه وها هم أبناؤنا يعيشون هذه العودة المحمودة إلى المؤسسات التعليمية التي عند مطلع كل عام تدب فيها الروح، وتثبت عليها الأنظار، ونتطلع إلى تلك المجالات العلمية التي تعكسها حالة الإعداد لبلوغ غايات التقدم العلمي المنشود لدعم النهضة التنموية في ربوع بلادنا خاصة التقنية منها لتتمكن من الصعود قدما إلى مصاف الدول التي سبقتنا في هذا المضمار، وإزاء ذلك فنحن نعلم أن الأمر جد هام لنسرع الخطى على الدرب الصحيح.
والحقيقة عزيزي القارئ إن الدولة تنفق بكفاية على المؤسسات التعليمية لتقوم بدورها المنوط بها في العملية التربوية، وتطوير المناهج كي تساير العالم المتقدم، ومحاولة مواكبته وليس اللهاث وراءه أو مجرد متابعته.
وإن سعي المؤسسات التعليمية كي ترسم أهدافاً تنموية واضحة تعتمد على تنمية الفرد الذي هو أساس تنمية المجتمع، وهذا هو الهدف الأساسي للعملية التعليمية، ويحتاج هذا المنحى لإرادة قوية في العمل على تنمية المعلم بحيث يتمكن من مواكبة علوم وتكنولوجيا العصر، وهو عصر المنافسة العلمية والتكنولوجية وانهمار المعلوماتية. فما هي إذن اتجاهات المؤسسات التعليمية إزاء ذلك؟، وخاصة أن لدينا من الباحثين العلميين في جميع مجالات العلم والمعرفة حجما يكفي لنشاط كبير في مجالات البحوث التطبيقية وصولا لنتائج يمكن في ضوئها وضع توصيات ممكنة التحقيق تأمينا لمستقبل الأجيال الواعدة حملة لواء المستقبل التنموي والتقدم العلمي والتطور في المجالات الإبداعية المختلفة.
وبهذه المناسبة عساه يكون مقبولا أن أتقدم بتوصية لكل من وزارة المعارف، ووزارة التعليم العالي، والرئاسة العامة لتعليم البنات، أن تقوم إذ لم يكن قد تم بتشكيل لجان فنية لتفقد أحوال المؤسسات التعليمية وما ستؤول إليه مسيرة العام الدراسي الجديد، على أن تضع هذه اللجان في اعتبارها أن تقدم مقترحاتها وتوصياتها مبنية على جميع البيانات والمعلومات الكافية، واستطلاع الآراء حول عدة موضوعات نذكر منها: كثافة الفصول، ليس بالاقتصار على مرحلة واحدة بل تشمل كافة مراحل التعليم على اختلاف مستوياتها ونوعيتها، والمساحة الزمنية المخولة للفترات الدراسية ومدى تناسبها مع حجم المؤسسات التعليمية، وانتشارها عبر المناطق، وأيضا محاولة التيقن من حجم الدراسات العملية في مجمل المقرر لمقارنته بالدراسات النظرية، وهل ثمة موازنة أم أحدهما يطغى على الآخر؟ ولماذا وما هي سبل تصحيح الوضع؟ وما هي إمكاناته؟ ومدار تطبيقه؟ وما مدى تناسب المختبرات والمتوافر بها من أجهزة ومواد والكادر الفني العامل بها، وكذلك المكتبات وما تضمه من كتب وقواميس ومراجع تتناسب مع المستوى التعليمي، وشأن ذلك شأن الساحات الرياضية والأجهزة المتوفرة بها.
يضاف إلى ذلك من أعمال اللجان الفنية المقترح تشكيلها التعرف على ما يلزم المؤسسة التعليمية من احتياجات فعلية ومقابلتها بالتطور المستمر في الحقل التعليمي، وأيضا التعرف على مدى تناسب المناهج الدراسية مع مدة الدراسة التي يستغرقها كل فصل دراسي مع توافر تكنولوجيا التعليم المناسب والوسائل الإيضاحية ومدى توافر الجهاز التعليمي من الكوادر الوطنية، ثم تفقد المرافق التي تضمها المؤسسة التعليمية، والتعرف على مدى كفايتها وأحوالها ومدى صلاحيتها وتوافر أجهزة الصيانة وأساليب المراجعة الدورية عليها وتفقد أحوالها ووضع خطط الإحلال والتجديد وكذلك دراسة أسباب وعوامل التدرب من التعليم في المرحلة الأساسية.
ولعله يكون مناسبا أن تخصص لجنة من هذه اللجان للبحث في المستوى الأكاديمي والخبروي للمعلم ومقابلته بالمستوى المادي الذي يحصل عليه باعتبار أن المعلم هو المرتكز الأساسي في العملية التعليمية وأيضا فلتبحث اللجنة في كيفية اكتساب المعلم لهيبته ونيل الاهتمام الأكبر من قبل طلابه باعتباره المرجعية السلوكية لهم، والنموذج المقتدى به بينهم لينعكس هذا على هيبة التعليم واحترام المتعلمين وتقدير القائمين على المؤسسات التعليمية، فهم بدورهم يضطلعون بمهمة إعداد الأجيال التي تشارك عن طواعية في تحمل أعباء التنمية في مجتمعها.
ولعله من بين هذه اللجان لجنة أخرى تتركز مهمتها في البحث في سبل تطوير التعليم الفني بما تشمله من تخصصات فنية متعددة يعوزها سوق العمل ويحتاجها الاقتصاد الوطني، والاهتمام بوضع وسائل للتطوير التكنولوجي، وإعداد معلم هذا النوع من التعليم، والعمل على صقل قدراته وإكسابه المهارات اللازمة في فرعه العملي وتدريبه بالداخل والخارج قبل ممارسته العمل لرفع مستواه وتمكينه من التفوق في مجاله، وذلك أسوة بما يتم في الكثير من القطاعات التعليمية الأخرى.
ويأتي عمل هذه اللجان المقترحة في ظل التداعيات والتطورات المتلاحقة في كافة مواقع ومؤسسات المجتمع، وأيضا في العلاقات الاجتماعية السائدة، وكذلك في الممارسات الممتدة على المستوى السياسي والثقافي والاجتماعي.
على أي حال فإن هذه التوصية تأتي تعبيرا عن انفعالات وتساؤلات وخلجات تدور في صدر الكاتب خاصة ونحن في عام دراسي جديد، والأمل في مزيد من النماء والتطوير والتحديث لمؤسساتنا التعليمية.
وإن كان قد سبق هذه اللجان المقترحة فعسانا كمواطنين نطلع على نتائج أعمالها عيانا جهارا لتطمئن قلوبنا على المصير العلمي لفلذات أكبادنا.
|
|
|
|
|