| المجتمـع
* تحقيق : وسيلة محمود الحلبي
الابتسامة نفحة أريجية تنبثق من بين شفاه الأطفال لتزرع لغة البراءة المتداولة في عالم لا يعرف الغش ولا الخداع، تكبر الأمنيات وتنمو التطلعات وتزدهر العطاءات في سهول الطفولة الخصبة يانعة الغرسات، والطفل يولد على الفطرة وأبواه يرسمان سلوكه ويلقنانه ديانته ويساعدانه على تكوين عاداته وأخلاقه، والمدخل لمعرفة قواعد وأصول إعداد أطفالنا لحياة سعيدة يكون في التعرف على نفسية الأطفال ومعرفة حاجاتهم، وكيف ندخل السعادة إلى قلوب أطفالنا.. هذا موضوع كبير الأهمية وله عدد كبير من المداخل، وما الأثر النفسي الذي يعود على الأطفال من جراء منعهم من شيء معين يحبونه أيضاً موضوع طويل جداً سنتحدث اليوم عن معرفة الأثر النفسي الذي يعود على الأطفال من جراء عدم اصطحابهم إلى حضور حفلات الزواج مع أمهاتهم.. حيث جرت العادة منذ سنوات مضت ان يكتب على البطاقة «ممنوع اصطحاب الأطفال» أو «ممنوع دخول الأطفال» أو «نتمنى لأطفالكم نوماً هنيئاً» والجمل الثلاث تعني عدم اصطحاب الأطفال وحضورهم حفلات الزواج في هذا الموضوع التقينا بالعديد من الاستاذات والاختصاصيات واستاذ علم نفس.. فإلى ساحة الحوار.
هذا الأمر يزعجني
* الأستاذة وفاء عمر مدرسة وأم لأربعة أولاد تقول: من المعروف اصلا ان الأطفال يحبون الأفراح وما يصاحبها من مراسم البهجة ومتعلقون جداً بأمهاتهم.. وفعلا كثير من الدعوات التي تصلني مكتوب عليها عبارة «عدم اصطحاب الأطفال».. وهذا يؤثر في نفسي وفي اولادي.. حقيقة لم اصطحب الأربعة معي ولكن اصغرهم سناً «3» سنوات كيف بالله اتركه في المنزل واذهب لحضور فرح يستمر إلى منتصف الليل.. فبهذه الطريقة إما ان اذهب وأبقى قلقة طوال الوقت وعلى اتصال دائم بالمنزل او اعتذر عن الذهاب وأبقى مع أولادي.
آثار على نفسية الطفل
* وجدان أزموز موظفة تقول: إن هذه العبارة المؤذية للأطفال والمحببة لأصحاب الحفل عملت ضجة كبيرة لدى الأمهات وأطفالهن فمن ناحية الأمهات قلق عصبي ونفسي لترك الأم أطفالها وذهابها إلى حفلات الزواج حيث اولاً: ممكن ان تؤدي الواجب وتعود إلى أولادها او تعتذر عن الحضور وتذهب لتبارك في يوم آخر، أو انها تكون غير مبالية فتترك اطفالها مع الشغالة وتذهب إلى الصباح وتعود تعبة تنام طوال اليوم التالي، أما من ناحية الأطفال فمن الأطفال من لا يهمه الذهاب من عدمه، ومن الأطفال من يبكي ويتأثر ويصرخ ويمسك بجلباب أمه يريد الذهاب معها، وممكن ان تكون هي بدورها متحمسة للذهاب فتضرب ابنها ليسكت ويبقى في المنزل مما يؤثر نفسياً عليه فيمرض وترتفع حرارته ويبتعد عن الناس ويكره الخروج والاختلاط، وهناك من الأطفال من يُجبر امه على أخذه معها وعند بوابة مكان الفرح تحدث المشكلة حيث يرفض الحارس دخول الطفل بناء على تعليمات أصحاب الفرح فيبكي الطفل ويتأثر ويصرخ ويستنجد ويعود مع والده إلى البيت أو مع السائق.
وهنا أيضاً تنتج أمراض نفسية تعود على الطفل بالأسى والحزن.
* الأستاذة رجاء عايدية إدارية في مدرسة تقول حول هذا الموضوع الهام: بالطبع هناك اثر نفسي يعود على الطفل من جراء عدم اصطحابه للأفراح أو أي مكان آخر فيه حفل زواج وكذلك هناك أثر نفسي كبير يعود على الأم أيضاً خاصة إذا لم يكن في منزلها من يجلس مع هذا الطفل وعندها سيكون الحل الوحيد هو عدم تلبية الدعوة للجلوس مع طفلها الذي سيفقدها ويفقد الأمان إذا ذهبت أمه ليلاً وتركته في المنزل، وخاصة الأفراح في هذا الزمن لم تعد كالسابق تنتهي في وقت مناسب بل نراها تمتد إلى ما بعد الفجر أحياناً.. فالأفضل في هذه الحالة هو الاعتذار والجلوس مع الطفل لئلا تحرج نفسها والآخرين.
يمكن إقناع الطفل
* عبلة المرزوق طالبة جامعية تقول في هذا المجال: قد تكون هذه العبارة إلى حد ما صائبة لأن مثل هذه الحفلات تكون مرتبة ومجهزة ولا داعي لحضور الأطفال حتى لا يحدثوا الفوضى في المكان ويسببوا الازعاج للحضور فمن باب أولى ان يترك الطفل في المنزل مع شخص مؤتمن ومناسب أفضل له ولأمه التي تقلق راحتها عند حضوره معها لكن ومع هذا قد يسبب ذلك للطفل نوعاً من الحرمان فيتضايق لعدم وجود أمه معه خاصة عندما يكون الطفل صغير العمر، ولكن إذا كان الطفل مدركاً وكبيرا نوعاً ما فلن تجد الأم صعوبة في تركه في المنزل وافهامه سبب تركه، وانها لن تغيب عنه كثيرا وستعود له بما لذ وطاب من أنواع الحلويات.
مشاركتهم مهمة
* الأستاذة خالدة بدوي من مركز المثوية «مديرة مركز الأسنان» قالت: في اعتقادي ليس هناك مبرر لمنع الأطفال من حضور حفلات الزواج بل بالعكس هم جزء من المجتمع فلابد ان يكون لهم دور فعال في كل أدوار المجتمع الايجابي والسلبي، كتقبل الطفل لمراسم الوفاة والفقدان، كذلك تقبله في الافراح بأنواعها زواج، حفل ولادة، حفل نجاح، وغيرها من أنواع الحفلات، فعند حضور الطفل لمراسم حفل زواج ممكن ان تُحل له الكثير من الالغاز ويجد الاجابة على كثير من الأسئلة التي يفكر بها في حياته فمثلاً: كيف وجدت اسرته وكيف تكونت، وكيف سيكون هو في المستقبل.. وكثيراً من التساؤلات والأشياء المبهمة ممكن ان يرى لها إجابة في حضوره حفل الزواج ورؤيته للعروسين حيث تصل إليه الإجابات بطريقة مشوقة وجميلة وفي جو تسوده البهجة والحبور والفرحة، فقضاء وقت ممتع وجميل ورؤيته لكل التجهيزات والاستعدادات يؤدي به إلى حالة نفسية سعيدة جداً عكس ما يكون عليه حالة إذا منع من الذهاب لحضور مثل هذه المناسبات، وعلى الأم ان تجلس صغيرها بجانبها بأدب جم لئلا يزعج الآخرين.. فالأطفال هم البهجة ولابد ان يحضروا افراحنا لأنهم بداية الفرح في حياتنا، وأقول للجميع: لا تحرموا الاطفال متعة الفرح برؤية العروسين.
رأي علم النفس والاجتماع
* الأستاذ فايق محمد زند الحديد أستاذ علم نفس من جامعة دمشق ومقيم بالرياض: «ممنوع اصطحاب الاطفال».. هذه هي العبارة الوحيدة التي مازالت وستبقى شائعة ويُعمل بها في جميع المجتمعات في الوقت الحالي.. لذلك لا أجد هناك أي آثار نفسية تعود على الطفل من جراء منعه دخول صالات الأفراح لأن أطفالنا كبروا وترعرعوا وتفهموا أيضاً بشكل ايجابي تلك العبارات وذلك المنع حتى ان الكثير من الأطفال يكونون سعداء لذلك بهدف انتهاز الفرصة المتاحة لهم واجتماعهم مع باقي اقرانهم وتمتعهم بكثير من اللعب واللهو والحرية التي يكونون فيها خارج نطاق الرقابة المشددة من الأم.
أما الأطفال الاناث فهناك بعض التوجه الفكري لديهم سواء دخلن الصالة أم لم يدخلنها وهذه النقاط الفكرية المتحركة التي تجول في خاطر الأنثى هي ان تتمنى على نفسها ان تكبر بسرعة وان تقوم بأي عمل من أعمال الكبار وان تقلد أمها في لباسها ووضع المكياج وهذا ما يطلق عليه أحلام اليقظة لدى الصغار.
إيجابيات وسلبيات
* الاخصائية الاجتماعية الأستاذة فاطمة محمد السلوم مديرة المركز الشامل للإناث تقول في هذا الموضوع: إن عبارة «الرجاء ممنوع اصطحاب الأطفال» لها حسناتها وسيئاتها ولها ايجابياتها وسلبياتها.. ولكن في اعتقادي ان ايجابياتها اكثر من سلبياتها.. فإن عدم وجود الأطفال في الحفلات بشكل عام يدعو إلى وجود تنظيم بديع، وانضباط للمكان وراحة للحاضرين وهدوء وراحة بال من ضجيج الأطفال وبكائهم وشغبهم في المكان.. كذلك من الإيجابيات على الطفل عدم ارهاق الطفل بالسهر لوقت متأخر من الليل لأن هذا يضر بصحته فما ذنب الطفل ان يسهر إلى الفجر مع أمه في حفل ما، فالحفلات ليست ملاهي وليست مكاناً للتنزه، وانصح الأمهات ممن لا يجدن من يرعى أطفالهن أثناء غيابهن في حفل أو مناسبة ان تعتذر عن الحفل وهذا لن يضيرها أبداً.. وإذا استطاعت ان تترك الطفل في أيد أمينة ومخلصة فلا حاجة لها باصطحابه معها إلى مكان الحفل المدعوة إليه وإذا كان الطفل متعلقاً بشكل كبير بأمه عليها ان تعتذر وتبقى معه في المنزل فذلك أفضل لها وله..
|
|
|
|
|