أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 12th September,2001 العدد:10576الطبعةالاولـي الاربعاء 24 ,جمادى الآخرة 1422

العالم اليوم

تطويق أنشطتهم يعود جزئياً إلى جهود الحكومة
هل نبذ المتشددون العنف في مصر أم يلتقطون أنفاسهم؟
* القاهرة من عصمت صلاح الدين رويترز:
نحو أربع سنوات من الهدوء أعقبت ست سنوات دموية ولا يزال الجدل قائما حول ما إذا كانت مصر قد نجحت في استئصال شأفة الجماعات المتشددة أم انه الهدوء الذي يسبق العاصفة،
فعلى الرغم من عدم وقوع اعمال عنف تذكر منذ عام 1997 يقول محللون انه ليس من الواضح بعد ما إذا كانت الجماعات المتشددة قد تخلت عن اهدافها عن طريق العنف أم أن الامر لا يعدو فرصة لالتقاط أنفاسها وانتظار الاوضاع المواتية،
ولا يزال موضوع التشدد من الموضوعات الحساسة في مصر التي مر عليها 20عاما منذ اغتيال الرئيس انور السادات على ايدي متشددين،
وكانت أكبر عملية تشهدها مصر قبل الهدوء الحالي هي المذبحة التي قتل فيها أعضاء في الجماعة الاسلامية 58 سائحا أجنبيا وأربعة مصريين في منتجع الاقصر بجنوب البلاد في نوفمبر تشرين الثاني عام 1997 بعد أربعة أشهر فقط من توجيه بعض زعمائها نداء إلى وقف اطلاق النار،
وكان القادة السجناء للجماعة الاسلامية (أكبر المنظمات من نوعها في مصر) قد أعلنوا من زنزاناتهم في سجن طرة في يوليو/تموز من نفس العام مبادرة لوقف العنف من جانب واحد، ولم تفشل مذبحة الاقصر دعوتهم السلمية،
وفي مارس/آذار عام 1998 ألقى قادة الجماعة الاسلامية المقيمون في الخارج بثقلهم وراء نداء زملائهم السجناء لوقف اطلاق النار منهين رسميا ست سنوات من العنف الذي راح ضحيته نحو 1200 شخص معظمهم من الشرطة والمتشددين،
لكن محللين وباحثين قالوا ان اعلان الهدنة لم يكن السبب الوحيد وراء الهدوء الذي ساد بعد مذبحة الاقصر قائلين ان الحكومة نجحت نجاحا كبيرا في توجيه ضربات قوية للجماعات المتشددة،
ومع غياب برامج حكومية لإعادة دمج اعضاء الجماعات السابقين في المجتمع تقول منظمات لحقوق الانسان ان السجون لا تزال تعج بأعضاء فعليين او مشتبه بهم وانهم يواجهون مستقبلا غامضا،
ويؤكد بعض الباحثين وأعضاء سابقون في الجماعات المتشددة ان الحكم على ما إذا كان المتشددون قد تخلوا عن خيار العنف يختلف باختلاف الجماعة محل الحديث وأن ما ينطبق على الجماعة الاسلامية لا يسري على جماعات التيار الجهادي التي تتسم بقدر أكبر من السرية وأنه حتى داخل الجماعة الاسلامية يوجد معسكررافض للهدنة،
وقال الخبير الامني فؤاد علام ان الجماعات المتشددة تواجه اوقاتا عصيبةحاليا وان كانت افكارها ما زالت رائجة مما يعني أن هذه الجماعات قد تنشط مرة أخرى،
واضاف قائلا لرويترز «ساعدت عوامل على تفكك وانكماش هذه الجماعات في الفترة الاخيرة، ، ولكن لم يقض على الفكر لأن هذه القضية أكبر كثيرا من أن تواجه بإجراءات بوليسية فقط إذ يجب أن تواجه بإجراءات شاملة لتصحيح الافكار»،
وقال «طالما الفكر موجود فعندما تزول هذه العوامل سيعيدون تنظيم أنفسهم وترجع موجة أخرى من العنف»،
وقال علام وغيره من الباحثين ان نجاح السلطات الامنية تمثل في توجيه ضربات وقائية ضد المتشددين والقبض على عدد من قياداتهم وقتل عدد آخر في مواجهات مسلحة وتجفيف مواردهم المالية وتطوير قاعدة معلومات ساعدت في محاربتهم،
وسبق اعلان قرار قادة الجماعة في الخارج ما وصف بأنه انقلاب على أميرالجماعة المتشدد رفاعي أحمد طه قام به قادة من الجيل الثاني أكثر ميلا إلى نبذ العنف،
وتقول مصادر داخل الجماعة ان طه لا يزال يتمتع بنفوذ قوي رغم استبعاده من رئاسة مجلس شورى الجماعة،
كما تفجرت خلافات في الوقت نفسه تقريبا داخل تنظيم الجهاد (ثاني أكبرالجماعات المتشددة الذي كان يتزعمه أيمن الظواهري عام 1998) بعد اعلان تحالف بين الجهاد وتنظيم القاعدة بزعامة اسامة بن لادن،
وبعد قليل من اعلان التحالف قتل مئات الاشخاص في تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا، وألقت واشنطن باللوم على بن لادن،
واحتج المعارضون لتحالف الظواهري مع ابن لادن بأن هذا التحالف وضع الجهاد في مواجهة مع الولايات المتحدة وأجهزة مخابراتها العتيدة،
وبعد تفجير السفارتين بدأت تقارير تتحدث عن قيام السلطات في دول بشرق أوروبا وجمهوريات روسية سابقة وفي بلدان عربية بالقبض على العديد من قيادات الجهاد وتسليمهم إلى مصر،
ويقول خبراء ان دخول الولايات المتحدة في المواجهة مع الجهاد خارج مصر كان له أثر شديد في اضعاف التنظيم،
وقال ناشطون على صلة وثيقة بتنظيم الجهاد وهو الفصيل الاساسي الذي يمثل فكر الجهاد انه توجد مجموعات صغيرة تعتنق هذا الفكر «كامنة» داخل البلاد ومستعدة لشن هجمات في الوقت المناسب وانها كانت على خلاف مع الظواهري المقيم في الخارج حاليا بشأن ملاءمة توقيت بدء حملة العنف للاطاحة بالحكومة في أوائل التسعينات،
وقال أحد المصادر «توجد مجموعات على خلاف مع الظواهري بشأن ضرورة العمل الآن ولكنها تنتظر تحسن الوضع بالنسبة لها لبدء تحركها»،
وأضاف قائلا ان أعضاء هذه الخلايا «أناس عاديون جدا مندمجون في المجتمع بانتظار صدورالاوامر»،
وأكد عضو سابق في الجهاد يقيم في الخارج وطلب عدم نشر اسمه ان مسألة التمويل لا تمثل مشكلة لأن مثل هذه الهجمات لا تكلف الكثير،
وشكك ضياء رشوان بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في رجحان هذه التقديرات قائلا ان الخلايا الموجودة داخل البلاد أصبحت قليلة العدد ومتناثرة وفقدت دعم التنظيم لها في النواحي المالية وفي مجال المعلومات والتنسيق والاتصال،
ولكن خبيرا اوروبيا متخصصا في هذه الحركات طلب عدم نشر اسمه قال انه رغم نجاح السلطات الامنية في احتواء الجماعات المتشددة ورغم صعوبة الاتصال بين الخلايا المتفرقة في أنحاء البلاد فلا تزال هناك مجموعات صغيرة تؤمن بالعمل الذي يعتمد العنف وان هذه المجموعات الصغيرة تكون عادة أكثر تشددا وتماسكا من المنظمات الكبيرة، ، وأكثر عنفا،
وأضاف ان اعتبارات مجموعات التيار الجهادي مختلفة عن تلك التي تحكم قادة الجماعة الاسلامية فالأولى ليس لديها قواعد شعبية ولا تهتم ببناء مثل هذه القواعد لأنها خلايا سرية تعتمد على العمل العسكري وعلى تجنيد افراد في القوات المسلحة حيث ترى أن القوات المسلحة هي الطرف الوحيد القادر على احداث تغيير في البلاد،
وكانت الجماعة الاسلامية وتنظيم الجهاد قد وحدا صفوفهما في تنظيم واحد اغتال أعضاؤه من الجيش الرئيس أنور السادات أثناء عرض عسكري في السادس من اكتوبر/تشرين الاول 1981 ،
وقال الخبير الاوروبي إن مجموعات الفكر الجهادي لم يكن لديها برنامج لنشاط الدعوة وليس من المحتمل أن تتبنى مثل هذه البرامج وبالتالي فإن حريتها محدودة في القيام بأي أنشطة خلاف نشاطها السياسي،
وقال الخبير الامني علام ان الجماعة الاسلامية نفسها لم تنبذ العنف مطلقاو انما عملت على تعديل بعض طروحاتها بالتوقف عن مهاجمة السياح والمنشآت الاقتصادية،
وأضاف «هذه أقاويل «عن الهدنة» يروج لها البعض لاغراض خاصة»،
وكانت هجمات المتشددين على السياح التي بلغت ذروتها بمذبحة الاقصر قد أضرت بشدةبصناعة السياحة في مصر والتي تشكل أحد المصادر الاساسية للنقد الاجنبي، وبدأ قطاع السياحة يستعيد عافيته،
ولكن معظم الخبراء يرون أن الجماعة الاسلامية بحكم نشأتها كجماعة للدعوة قد تحولت بالفعل إلى مجال الدعوة لتفرغ فيه طاقتها وان كان الامر يعتمد على ما إذا كانت السلطات الامنية ستسمح لها بممارسة هذا النشاط،
وقال الباحثون ان المؤيدين لمبادرة وقف العنف كانوا يأملون في تجاوب الحكومة المصرية معها بالافراج عن زملائهم من السجون والسماح للمقيمين في الخارج بالعودة وفتح الباب امامهم للقيام بالانشطة الدعوية، وهو ما لم يحدث فيما يبدو،
وقال رشوان ان الحكومة لم تحرز أي تقدم في استيعاب أعضاء الجماعات الذين تخلوا عن العنف مستشهدا بمحاولة بعضهم تأسيس أحزاب سياسية رفضتها لجنة الاحزاب وهي لجنة حكومية مسؤولة عن السماح بقيام الاحزاب السياسية أو رفضها،
وأضاف «مشكلة افساح المجال للقيام بدور سياسي هي المشكلة الاساسية الان لانه يوجد تيار كبير ترك العنف ولم يجد له دورا في السياسة»، وكان أعضاء سابقون في الجهاد قد تقدموا بطلب تأسيس حزبي الشريعة والاصلاح عام 1999، ورفضت لجنة الاحزاب الطلبين،
وقال خبراء ان على الحكومة المصرية ان تدرك ان الاستراتيجية التي استخدمتها في التعامل مع الجماعات المتشددة والتي لا تتضمن استيعابهم في المجتمع غير قابلة للتطبيق على المدى البعيد ضد الحركة الاسلامية لأنها تتعارض مع قدرة البلاد على تنمية الليبرالية السياسية والديمقراطية،
وقال «على الحكومة ان تعيد تشكيلها «الحركة الاسلامية» لتصبح مفيدة في اطار جهود الحكومة لمحاربة الفساد والامية والمخدرات»،
ويقول المحللون ان سنوات الهدوء الاخيرة لا تزال تخفي احساسا بالتوتر فمن الممكن ان يثير أي حادث عادي مشاعر القلق والخوف من تجدد اعمال العنف،
فعندما طعن مصري سائحة يابانية عند الاهرام في مارس/اذار الماضي ظهر هذا التوتر إلى السطح واعقبه شعور بالارتياح لأن الرجل لم يكن إلا لصاً،
وتكرر السيناريو نفسه عندما اختطف مصري اربعة سياح ألمان قرب الاقصر في ابريل/نيسان قبل ان يظهر انه كان يحاول استخدامهم ورقة ضغط في نزاع قضائي مع زوجته الالمانية على حضانة اطفاله،
ولكن ما دامت قضية التشدد قائمة بدون حل في مصر سيثير كل حادث سطو مسلح وسرقة أو أي عمل آخر من اعمال العنف ضد السياح علامة استفهام: هل هذه هي بداية العاصفة؟

أعلـىالصفحةرجوع



















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved