| عزيزتـي الجزيرة
منذ أن يولد الانسان إلى ان يموت وكل فترات حياته هي اوقات يعيشها من الضعف والاحتياج، فقد نجد صعوبة في التعامل مع الطفل في السنوات الاولى من عمره، فهو لا يفهم كل ما يجري حوله، ولا كل ما يقال له ولا يستطيع التعبير عن كل ما بداخله، يقول (ل. كوخ) في كتابه مناهج دراسة سلوك الاطفال الصغار ونموهم: «تنطوي دراسة الاطفال الصغار على صعاب ومشقات كثيرة فليس لنا ان نتوقع من الطفل الرضيع أو حتى من الطفل في المرحلة السابقة للمدرسة أن يفهم معظم ما يوجه اليه من تعليمات أو يتبعها فضلا عن ان يستطيع الاستجابة اللغوية» إلى أن يقول للدلالة على ضعف الطفل في سنيه الأولى) والطفل في المرحلة السابقة للمدرسة مخلوق عاجز.
ثم يمضي الصغير في طفولته الضعيفة في احتواء أسري أو عائلي وتشكل له الدمى أو الالعاب عالمه الخاص، فيحرك العابه الصغيرة السيارات والطائرات في مكانها المناسب المكان الذي استطاع بقدرته التخيلية أن يراه حقيقة، يقول (برنار فوازو) في كتابه نمو الذكاء عند الاطفال: (نلاحظ على الصبي أو الصبية ميلاً إلى الأوهام وأحلام اليقظة والكسل والتراخي ومما يثير القلق أن تبدو عليهما مظاهر الخوف من المجهول والرغبة في عدم الانتقال من عالم الطفولة).
ثم يصطدم الطفل ببعض الواقعية عندما لا يحقق له طلب أو عدة طلبات، ثم ان عليه تنفيذ كل التعليمات والأوامر في البيت والمدرسة وفي كل مكان، ويستمر في ذلك إلى أن يدخل مرحلة المراهقة الصعبة، وهي المرحلة الانتقالية من الطفولة الى الشباب، ثم تبدأ مرحلة الشباب، مرحلة القوة، وفيها يتفاجأ الإنسان بواقعية الحياة وصعوبتها،
فالمتطلبات كثيرة إلى جانب الرغبة في تحقيق الأمنيات، وإن وصفت وعرفت هذه المرحلة بالقوة والتميز العمري وتطلع الأمة إليها واعتمادها عليها في تحقيق الآمال والطموحات، إلا أنها لا تخلو من الاحتياجات اللامنتهية، ومن الصعوبات والمعوقات والازمات أحيانا والتي رأيت بأنها أشكال من الضعف.
وقد ذكر الدكتور (حامد عبدالسلام زهران) في كتابه علم نفس النمو الكثير من مشكلات الشباب منها:
ـ مشكلات الصحة والنمو: كبر الحجم أو صغره عن العادي، زيادة الوزن او نقصه من العادي (وقد يتطلب حل هذه المشكلة التزام بحمية غذائية طويلة المدى غير مرغوبة)، اضطراب النوم، نقص الشهية، عدم القدرة على الاسترخاء.
ـ مشكلات انفعالية: القلق والتوتر، تقلب الحالة الانفعالية، الشعور بالفراغ والضياع، الخوف من النقد (وقد يكون من أسبابها: عدم التحدث والتعامل بوضوح وصراحة وبساطة، وإعطاء الامور اقل او اكثر مما تستحق).
ـ المشكلات الدراسية: النسيان وضعف الذاكرة، الطريقة الخاطئة في الاستذكار، اضاعة الوقت، نقص القدرة على استخدام المكتبة، الشك في قيمة المواد التي تدرس له، الحاجة الى المساعدة في اختيار الدراسة (وكل ذلك ملاحظ ومشاهد بين الطلاب).
ـ المشكلات الاجتماعية: نقص القدرة والارتباك في المسائل والمواقف الاجتماعية (ويظهر ذلك في عدم حرص الفرد على الحضور في المناسبات الاجتماعية، وقلة التواصل بين الاقارب)، نقص القدرة على الاتصال بالآخرين، قلة الاصدقاء، نقص القدرة على اقامة صداقات جديدة.
ـ مشكلات المهنة والعمل: نقص الإرشاد المهني، قلة المساعدة في اكتشاف قدرات الفرد (ويظهر ذلك في بعض المشكلات التي قد تواجه الموظف او العامل) الحاجة إلى الكسب المادي الآن.
( المشكلات الجنسية: القلق بخصوص الاضطرار لتأجيل الزواج لظروف خارجة عن إرادته، الرغبة في الزواج الآن (وقد يرغب الكثيرون من الشباب في الزواج المبكر ولا يستطيعون، لعدم توفر المال اللازم لتحقيقه والاستمرار فيه).
ـ مشكلات الدين والأخلاق: الحاجة إلى الإرشاد الديني (فالفهم الخاطىء للدين قد يضر بالفرد ومن حوله)، الضلال وعدم اقامة الشعائر الدينية، القلق بخصوص الإصلاح.
ويحاول الشاب او الكبير أن يصل الى الشيخوخة وبسبب تخوفه منها تأمين المستقبل، تأمين مستقبل الضعف يسعى لمستقبل يتميز بالراحة او الرفاهية في نفس الوقت الذي يكون فيه هذا الإنسان كبير السن دخلته عوامل الضعف والتردي في طاقاته وقدراته، ويرى الدكتور (فؤاد البهي السيد) بأن مرحلة الكبار هي مرحلة الرشد والشيخوخة وهي تمتد من 21 سنة إلى ما بعد 60 سنة حتى نهاية العمر، ويقول في كتابه الأسس النفسية للنمو: (تعد مرحلة الكبار مرحلة النضج واكتمال الشخصية وضعفها وانحدارها هي ربيع العمر وخريفه وهي تتطور بالفرد من رعاية الاسرة الى الاستقلال الذاتي وكسب الرزق والى مسؤولية تكوين أسرة جديدة ورعايتها والإشراف على توجيهها.
في هذه المرحلة تصطدم أحلام المراهقة بالواقع ولهذا يجب ان يعلم الكبير كيف يكيف آماله لمظاهر البيئة التي يعيش فيها.
ويقول: (نعيش حياتنا، حياة الكبار، فنسعد بالقوة العارمة التي تعتلج نفوسنا الشابة وفي أعماقنا خوف مستتر كامن من الشيخوخة المقبلة، خوف من ان تأخذ منا الحياة ما أعطت وان تتبدل من بعد قوة ضعفا).
ثم يتكلم عن مرحلة الشيخوخة التي يرى أنها تمتد من 60 سنة الى نهاية العمر، وعن المخاوف التي تعتري الكبار وحالتهم النفسية فيقول: وعندما يضعف جسم الفرد في منتصف العمر وبدء الشيخوخة، فإنه ينطوي على ألوان جديدة من الخوف لم يألفها من قبل.
يخاف من الشيخوخة نفسها، ما تحمل من مرارة، وخوفه من الشيخوخة هو خوفه من اقتراب النهاية.
ويخاف الفرد من المرض لخوفه من الموت، فلم تعد صحته من القوة بحيث تقاوم الأمراض المختلفة التي قد تصيبه في شيخوخته، وهو في مرضه كثير الهواجس والأوهام، يستغلق عليه الأمر ويقوده الظن إلى ظنون).
هذا ويختلف الناس في فهمهم لعوامل الضعف التي تواجههم، فتأتي تصرفاتهم وردود أفعالهم متباينة، وأعتقد أننا نستطيع التغلب على الكثير مما يعترض مسيرة حياتنا بالايمان ثم بقوة الإرادة.
سعد عبدالله السويحب
|
|
|
|
|