| الاخيــرة
لم يكن في نيتي كتابة هذه المقالة في هذا الوقت خاصة وأني قد (أكثرت على القراء ببعض ما عندي) ولم أكن أريد ان أخوض في مواضيعها المختلفة والمتخالفة، غير أني عدت ورأيت أن من واجبي أن أدلي بما لدي من (دلاء) قد تكون ملأى وقد تكون نصف ذلك وقد لا يكون بها شيء. كما وأني رأيت أن عدم الكتابة فيما سيأتي رغم يقيني أنه قد أُشبع أخذاً وقولاً لهو تقصير قد يطالني كمسلم أولاً وأخيراً وكمواطن، وعربي وبشر بعد أخيراً تلك، وأنه لا بد من بحث مثل هذه المواضيع وبجدية وإخلاص الآن... والآن بالذات، وقبل فوات (بواقي) الأوان.
فلنستعرض قدر الاستطاعة الوضع الديني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي وما يتبعه من متعلقات مع محاولة توضيح ما أرمي إليه كي يكون ذا فائدة ولو يسيرة. وسأحاول الإيجاز بما لا يضر صلب الموضوع. أقول إذا وضعنا الأمور الأربعة السابقة إلى ما قبل ألف وأربعمائة وأربعة وثلاثين عاماً ونصف تحديداً...!!! في الميزان نجد ان العالم وبأسره، شرقه وغربه، شماله وجنوبه ووسطه، قد عاش ما قبل ذلك حياة همجية في كل أزمنته وبكل أبعاد الهمجية، وإن أُلبست أثواباً زاهية في خارجها... ولدى كل شخص في اغلب الغالب إلا قلة تزيد أو تقل عن اثنين في المليون! وليستعرض من يريد ماضي أي جزء من هذا العالم يختاره في أي زمان يشاءه ويبرهن بأن الراحة والنعيم والعزة قد عاشها شعب من الشعوب مدة طالت أم قصرت على شرطين:
الأول: ان تكون تلك الراحة وذلك النعيم وهاتيك العزة هي حقيقية وليست مزيفة.
والثاني: ان يكون منصفا أياً كانت ملته أو اتجاهه وأنا.. وأنا أضع نفسي كمحاول بأن أكون (بويحث) وأنا... وأنا أحاول بأن أكون (مخلصاً) في قولي، أقول بأعلى صوت بأني أُشهد الله بأن العالم ومنذ أن خلقه الله وإلى هذه الساعة عاش فترات طويلة... طويلة.. طويلة مظلمة شديدة الظلم والظلمات حتى وإن بدت في صور عديدة توهم من هو جاهل أو مغرض أو ساذج بغير ذلك، إلا في عهود بزغ فيها نور السماء في صدور الرسل والأنبياء واتباعهم.
إن التاريخ يشهد بظلم (كل) حُكم وجد على هذه الأرض في أيام ما يسمونها حضارات إنسانية مضت فرعونية كانت أم سومرية، بابلية كانت أم إغريقية، فارسية كانت أم رومانية، ولا يمكن لعاقل مطلع ان يقول بإنصافها. وكشف عوراتها متاح لكل باحث وكل من يقول بعدلها فلينظر إلى نتائجها في زمانها وليعرف أسباب زوالها.
وليناقشني من شاء لكي يثبت لي عكس ما ذكرت وفي أي موقع هو من مواقع المسؤولية كان، أو متخصصا في أي علم كان، أو منِّظراً لأي اتجاه كان رغم ضعفي وقلة حيلتي بأن البشرية قد سعدت بغير تعاليم السماء. ولست عالماً أو شيخاً أو حتى طالب علم متمكن عندما أدعو للمنازلة في هذا الموضوع ولكن يقيني وإيماني اللامحدود بما ذكرت يجعلني أثق بقدرتي لما دعوت إليه.
نأتي لعالمنا ما قبل اليوم، ولنبدأ منذ قرن تقريباً من هذا الزمان وبدون تفصيل وبشكل مجمل، ماذا حدث من أحداث أوصلت العالم الآن إلى ما هو فيه وعليه من بؤر فساد ديني واجتماعي واقتصادي وسياسي مسَّ معنويات كل البشر دون استثناء، وأثر بهم وأشقاهم وأرهقهم، اللهم إلا حفنة أقل من قليلة ممن اتقى الله في نفسه وفيمن وما حوله... كم من معنويات (محبوطة) وكم من قيم (مذبوحة) في زماننا هذا والذي كلما تقدم في علومه فقد من قيمه وشيئاً مما يظن أنه من سعادته الشيء الكثير. وكما نعرف بأنه لم يحدث في تاريخ البشرية المعروف واحد على مليارات الله أعلم بها من تقدم حدث لهذا القرن الميلادي وما حدث في الخمسين سنة منه أضعاف أضعاف ما حدث في السابق من التقدم في العلوم في جميع وجوهه وما يحدث الآن، وابتداء من الثلاثين سنة الأخيرة قد فاق كل ما كان قبله إلى أن وصل الأمر في السنوات العشر الأخيرة بأن العلوم التقنية قد فاقت كل ما كان قبلها مجموعا ومنذ التاريخ المعروف، وبرغم ذلك فإن شقاء الإنسانية قد زاد وعمَّ.
إن حقوق الإنسان والتي يحكي ويتحاكى بها كل متعلم بفن من الفنون وينظِّر لها كل منظر، دون ان يضعوا حكم الله في اعتبارهم، وينفذها كل منفذ، يجعلنا نقف ونتساءل: أينها عندما يُطلب منهم تطبيقها على غيرهم من الشعوب المبتلاة بفقر وجهل ومرض على وجه الأرض هم من نادى وينادي بحقوق الإنسان السبب الأول لها، وللحق فإن السبب ما قبل الأول بالنسبة للمسلمين يعود إلى تفريطهم في دينهم. إن تلبيسهم بما يسمونه حقوق الإنسان والذي تكفل به الإسلام كاملاً وهم يتصايحون بها نجد أنهم هم أنفسهم يعطون الحق لذلك الإنسان البائس، والذي يدّعون بأنهم حماة لحقوقه، أقول يعطونه الحق بل الباطل بأن يلحد ويكفر ويفسق ما دام يعبر عن نفسه!! إنهم وهم ينسون (حق) الله عليهم يريدون التدليس على كل من لديه إيمان وبصيرة، بأن ذلك حق من حقوقه! وقس عليها أيها القارئ حقوق أنفسهم عليهم، والتي يدمرونها يومياً بأفكارهم وطريقة حياتهم، وحقوق أهليهم وذوي قرابتهم والتي هضمت عندهم، وليس سراً بأن الغرب ومن يدور في فلك أفكاره قد نخر الفساد الأسري والعصيان للآباء والأمهات، بل الوقاحة في التعامل معهم، وكذلك حق غيرهم من الناس. ومن عاش معهم أو خالطهم يدرك ما أعنيه بالضبط. إنهم وهم باسم الإنسان يريدون منا في هذه البلاد خاصة ان نغير ونتغير وندير ظهورنا لكل أو بعض تعاليم ربنا، بعد ان فعلوها هم قبلنا، وفعلها بعدهم وللأسف، أكثرية المسلمين، أقول يريدون ان نتبنى نظرهم فيما أسموه باطلاً حق للإنسان، ونحمد الله أننا كمسلمين لانعبد إلا إلهاً واحداً، وهم يعبدون من دونه الشهوات وغيرها، وما هو معروض (في السوق) العالمي من كثرة جدل ولغط عن الديمقراطية والتي يرى المنادون بها بأنها العدل وعلى الطريقة الأوروبية والأمريكية ال ... أي شيء غير إسلامي، أصبحت أسلوباً وليست هدفاً، بل أساليب تشوش على أهدافهم يمنة ويسرة فنراهم حيناً وهم يمارسونها بكل شكل ولون يؤدي إلى نوع من الفوضى، بل في مرات عديدة إلى فوضى كاملة. ولا أراني في حاجة لاستعراض ما أعنيه لسببين: 1 أني قد تطرقت إليها بشكل شبه مسهب منذ فترة.
2 يعلم من (يضطر) لقراءة هذه المقالة من (العارفين) مدى ما في حقوق (إنسانهم) هم من كذب وزيف، أما من كان من (المتعيرفين) فقد يتوهني وأتوهه.
من العجيب أننا نسمع ونرى كل يوم وكل ساعة ارتفاع الأصوات في هذا العالم الآن وهم ينظّرون في الاقتصاد وفي الاجتماع ويتصايحون بفساد الأمور على هذه الأرض وكل يتهم الآخر بالظلم وكلهم وعلى وتيرة واحدة يقولون لا نجاة للعالم إلا... بما ينادون به. وهم ومنذ أزمنة وهم ينادون ويطبقون ما ينادون به يقعون في جرف ومنه لهاوية قادمة سواء شعروا أم هم لايشعرون وعرفوا أم هم لايعرفون.
إن هذه الفوضى في العالم خاصة الغربي منه والضياع الذي يعيشونه، هل يروق لذي عقل يحب أهله وبلده ناهيك عن ربه ودينه بأن يجرنا إليها؟
إن انفتاح العالم على بعضه الآن هل يرجى منه خير لنا بما نؤمن به وبما تربينا وربينا أبناءنا عليه؟ ويزداد الأمر خطورة وتعقيداً عندما نعلم أن عندنا من ينادي بما ينادي به أولئك الانفتاحيون من شرور لا تخفى على عاقل أو مخلص. ويا ترى إلى أين سيذهب بنا مثل أولئك والذين نراهم ومع الأسف يسرحون ويمرحون هنا وهناك بل في إعلامنا خاصة المقروء منه!!... ولا أرى جدية في إيقافهم أو حتى التصدي لهم أو أقله إقناعهم!!.
أراني وأنا أختم أعيد التحدي بفساد الأرض ومن عليها إن لم تتبع ما استطاعت من أوامر ربها وكلما (استطاعت) صلحت.
رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية
|
|
|
|
|