| المجتمـع
* تحقيق: محمد السويطي
تسعى الدولة لتطبيق السعودة في مختلف القطاعات والأعمال وبالتالي اتاحة الفرصة للمواطنين للعمل في مهن وأعمال كانت مقصورة على الأجانب، وتعددت الخطوات في هذا الصعيد فمن سعودة محلات الخضار وكذلك البقالات وبعد ذلك مراكز خدمات الطالب.. وهي جميعها تسهم في توفير فرص عمل للشباب السعودي. ولكن ماتزال هناك أعمال لم ينتبه لها الشباب ألا وهي ما يعرف بمندوب التوزيع حيث تسيطر العمالة الوافدة على هذه الأعمال ومعظمها يعمل لحسابه بطرق مختلفة.. وللوقوف على هذه الظاهرة ومخاطرها ونتائجها السلبية كان ل«الجزيرة» التحقيق التالي التقت فيه بأصحاب المحلات وبعض المندوبين ورصدت واقع هذه المهنة المربحة والتي تحتاج للسعودة..
بداية تحدث لنا المواطن نيف العامر فأكد ان ظاهرة مندوبي التوزيع خطيرة ولها انعكاسات كثيرة سلبية على الوطن والمواطن. حيث يقوم هؤلاء المندوبون ببيع كل ما يخطر على البال دون التقيد بما هو مدون على سياراتهم فتراهم يبيعون المواد الغذائية والألبسة والكماليات وألعاب الأطفال وبأسعار مخفضة وهذا يؤدي لخسارة أصحاب المحلات من المواطنين الذين يعملون في محلاتهم حيث يجدون سيارات التوزيع تجوب المدن وفيها البضائع المختلفة بأسعار رخيصة ويبيعونها للمحلات التي يديرها أفراد من العمالة الوافدة مما يسبب خسائر لأصحاب المحلات الذين يدفعون ايجارات ورواتب عمال وديكورات مقابل المندوب الذي يبيع بضاعته دون تحمل أي تبعات مالية اضافية.. ولذلك يرى المواطن نيف ان الحل يكون بتنظيم هذه المهنة وقصرها على السعوديين بحيث يقومون بتوزيع منتجات مؤسسات وشركات معروفة وبهذا نقضي على هذه الظاهرة التي تشكل خطراً «كبيراً» بوضعها الحالي.
ومن جانبه يقول المواطن سطام الخريجي: ان الموزعين الذين ينتشرون بكثرة ولا سيما في المدن البعيدة يقومون ببيع كل شيء وبأسعار أقل من السوق ولا نعرف مصدر البضاعة هل هي مسروقة او مهربة أو غير صالحة للاستعمال ومن هنا فالخطر الذي ينتج عنهم كبير وله ابعاد امنية وصحية واجتماعية فهم يحملون تصاريح تنقل وبالتالي يتنقلون في مختلف المدن دون رقيب او حسيب ويتضاعف خطرهم اذا كانوا يعملون لحسابهم حيث لا يدري كفلاؤهم عنهم شيئاً، والاحظ ان كثيراً من هؤلاء المندوبين يستعملون سيارات عليها أسماء شركات ومؤسسات تجارية متخصصة في أنواع معينة من السلع ولكنهم يبيعون مختلف المواد الغذائية والأحذية والألعاب والقرطاسية وغالباً ما تكون بضائعهم من النوعية الرخيصة التي تعرف بالمقلدة والتي يقبل عليها المشترون لرخصها مما يسبب كساداً للمحلات التجارية التي تتحمل مصاريف اضافية، ويقترح المواطن سطام تنظيم عمل المندوبين بحيث يكون جهة ما مسؤولة عنهم في البلديات او التجارة بالتنسيق مع الكفلاء بحيث لا يستطيع هؤلاء المندوبون البيع لحسابهم او التحكم بأسعار أو سلع معينة، وبالتالي ضبط حركتهم وفي هذا فائدة لجميع الأطراف المشتري وصاحب المحل وصاحب المؤسسة او الشركة وكذلك للوطن بشكل عام..
المواطن علي محمد اشار الى انه لا يثق بالباعة الجوالين لا سيما وانه قرأ في جريدة «الجزيرة» عن ضبط وزارة التجارة لعصابة تتلاعب بتواريخ الصلاحية وهذا يعني وجود أناس معدومي الضمير همهم الربح حيث يتضاعف خطرهم اذا كانت المواد التي تباع غذائية. وقد حدث مرة معي ان اشتريت من أحد الموزعين معلبات كتب عليها تاريخ صلاحية جاهز ولكن حين تم فتح العلبة تبين ان رائحتها غير طبيعية وتأكدت من وجود لصاقة اضافية كانت قد اخفت التاريخ الحقيقي المنتهي منذ فترة وهذا يتطابق مع خبر الجزيرة عن وجود اناس يتلاعبون بالصلاحيات.
من جانبه طالب المواطن خالد العتيبي بالامتناع عن الشراء من الموزعين لان بضاعتهم غير مضمونة وخاصة الأدوات الكهربائية حيث يبيعونها على انها صالحة للعمل ولكن بعد فترة قليلة تتعطل او تكون بالأساس معطلة واذا أردت ارجاعها يكون الموزع قد اختفى، لمن نشتكي اذا كان البائغ غير معروف يبيع هنا وهناك غير مبال بما يسببه. ثم كيف يسمح له كموزع بالبيع الافرادي وهو الذي يفترض به بالتوزيع بالجملة للمحلات فقط. هذا يعني ان الأمر فيه تلاعب وأنه يعمل لحسابه..
المواطن فهد سليمان صاحب محل مواد غذائية تحدث عن معاناته مع بعض الموزعين الذين يقومون ببيع مواد غذائية مختلفة بأسعار أقل من أسعار الجملة مما يؤدي لتراجع المبيعات ويضيف: لا أعرف كيف يبيعون بهذه الأسعار الرخيصة وماذا يربحون؟ وهذا يطرح السؤال عن مصدر البضائع وصلاحيتها ولا سيما المواد الغذائية. وكثير من المواد التي يبيعونها تراها تكاد تكون منتهية الصلاحية ويمنع بيعها نظامياً «ولكنهم يبيعونها ويتركون المنطقة غير مبالين بما يحدث للمشترين ومن هنا فالواجب ضبط حركتهم وتقييدها بشروط محددة وخاصة للذين يبيعون الغذائيات والمعلبات والأطعمة المختلفة حفاظاً على صحة المواطن كما أرى ان يقتصر عمل المندوبين على شركات ومؤسسات معروفة ووفق آلية واضحة كما هو متبع في سيارات توزيع الألبان والحليب وكذلك قصر هذا العمل على المواطنين فقط.
ويرى المواطن فيصل المطيري ان عمل المندوبين الجوالين في سياراتهم يشكل مخاطر متنوعة فهو من الناحية الأمنية يعني السماح لهؤلاء بالتنقل في مختلف المدن والمناطق ونسمع كل يوم عن أعمال بعض العمالة الوافدة المتمثلة في التزوير وتمرير المكالمات وتصريف العملات وهذه كلها تصبح سهلة أمام وجود أشخاص يتمتعون بحرية الحركة مثل الموزعين. ومن الناحية التجارية فهم يؤثرون على المحلات النظامية بطريقة بيعهم الملتوية وغير النظامية مسببين خسائر للمواطن علاوة على عدم اتاحة الفرصة للشباب السعودي للعمل في هذه المهنة حيث يلجؤون لمحاربتهم وبالتالي لبقاء سيطرتهم واستمرار ارباحهم.
كما تحدث العديد من المواطنين وأصحاب المحلات واتفقوا ان هذه المهنة يجب ان يتم سعودتها وضبط آلية عملها بحيث يتم كشف الباعة الموزعين الذين يعملون لحسابهم وهذا لا يكون إلا بتعاون مختلف الجهات الرقابية وأصحاب الشركات والمواطنين في مختلف المدن حتى يمكن التخلص من هذه الظاهرة السلبية وبالتالي اتاحة الفرصة للمواطنين للعمل في هذه المهنة المربحة والتي لا تحتاج لشهادات أو خبرات كبيرة حيث ان معظم الموزعين من جنسيات اجنبية لا يعرفون العربية بشكل جيد ومع هذا تراهم يعملون بنجاح.
مع الباعة
* أمجد بائع موزع معه سيارة فان قديمة تظنها لا تستطيع السير. اقتربنا وطرحنا عليه عدة اسئلة فكانت اجاباته صريحة وغير متوقعة فقد اعترف انه يعمل مع مؤسسة توزع الشامبو والصابون وأشياء مشابهة ولكنه يقوم ببيع مواد غذائية وكمالية أخرى نظراً لان السيارة المتهالكة تستطيع حمل هذه الأشياء وهو يسافر لمدن كثيرة ولذلك استغل الوضع بالبيع ويؤكد ان المواد الاضافية يبيعها لحسابه بينما المواد التجميلية فهي لكفيله كما يدعي وبسؤالنا عن السيارة اصر انها للمؤسسة!!
* موزع ثان تحدث الينا ورفض كشف اسمه أكد انه يعمل بشكل نظامي حيث يتقاضى راتباً شهرياً وعمولة على البيع فقط ولا يعمل لحسابه ولكنه لا يملك من الشركة إلا خطاب تنقل ودفتر فواتير غير مختوم وانما عليه شعار الشركة واسمها وعنوانها وهو يبيع الألبسة والاكسسوارات وادوات الزينة واشار الى ان بضاعته مضمونة من الشركة التي تكفل أي عيب فيها ولذلك فالأسعار محددة لديه كما يقول!!.
* موزع ثالث كان يقود سيارة دينا متوسطة الحجم ولكن فيها مواد متنوعة فهي تكاد تكون اشبه بالسوبر ماركت اصر انه يعمل بشكل نظامي ولحساب شركة معروفة ورفض كليا مقولة انه وغيره يعملون لحسابهم فهو كما يدعي يودع كل يوم في البنك قيمة مبيعاته في حساب الشركة ويتقاضى عمولة على البيع وبسؤاله عن وجود مواد يبيعها ولكنها لا تتفق مع أهداف الشركة التي يضع شعاراً كبيراً لها على سيارته أكد ان الشركة وسعت مجال عملها وان اللوحة الموضوعة على السيارة قديمة..!!
مافي معلوم
تحدثنا الى الكثير من الباعة الموزعين فمنهم من يتحدث بأريحية ويكشف بعض التفاصيل عن عمله وكيف يعمل لحسابه وبعضهم حين يعلمون هدف الحديث معهم وان ثمة تحقيقاً صحفياً فانهم يتمنعون كلياً عن الاجابة او يعطون اجابات غير واضحة ويفضلون انهاء المقابلة بالعبارة المفضلة «مافي معلوم» «انت ايش كلام».
ملاحظات واشارات
بعد هذه اللقاءات والأحاديث مع الكثير من المواطنين والباعة الموزعين تتضح ان الحاجة ملحة وماسة لسعودة هذا القطاع التجاري الذي يبدو صغيراً ولكنه في الحقيقة كبير وفيه عوائد كثيرة ويمكن في هذا الصدد:
وضع نظام لعمل المندوبين الأجانب بحيث يتم معرفة اسم الشركة التي يعملون لحسابها والتقيد بنوعية النشاط المسموح به وتمييز السيارات برسمات واشكال توضح وتبين وتميز كل شركة وهذا يؤدي للتخلص من السيارات متنوعة الاشكال والاحجام والشعارات التي تجوب المدن كما الآن.
يخضع كل مندوب يتبع لمؤسسة صغيرة للتدقيق من قبل الجهة ذات العلاقة التجارية او البلدية في المدينة التي يقدم اليها، وكذا تحديد مدن معينة له بحيث لا يسمح له بالبيع في كل المدن وكذلك التأكد من نوعية البضائع التي تباع وصلاحيتها بحيث لا يتاح للموزع حرية الحركة.
يمكن تقديم تسهيلات للشباب السعودي للعمل في هذه المهنة وايجاد حوافز مشجعة لاقبالهم لا سيما وان هذا العمل يحقق ارباحاً جيدة مقارنة باعمال أخرى كما لا يحتاج لشهادات عليا او خبرات كبيرة.
نقترح ان تتولى الجهات المعنية بالسعودة دراسة واقع هذه المهنة وعدد العاملين الأجانب فيها وبالتالي ايجاد تنظيم لإحلال السعوديين فيها واعتقد ان صندوق التنمية البشرية يمكن له ان يلعب دوراً مهماً على هذا الصعيد عبر تشجيع الشباب السعودي للعمل في هذه المهنة بالتنسيق مع الغرف التجارية والشركات، كما يمكن تحديد مهلة معينة لسعودة المهنة واذا تعذر ذلك يمكن تشديد الاجراءات عليها بحيث لا يمكن الترخيص إلا للمندوب النظامي الذي يعمل مع شركة معينة وبإشرافها ولحسابها حتى نقضي على التستر بكل اشكاله حيث يعد هذا العمل أحد المجالات الواسعة للتستر..
لاحظنا ان مختلف المواد يتم توزيعها مثل قطع غيار السيارات والمنظفات والعطور والساعات والألبسة والمواد الغذائية والكماليات والأدوات المكتبية وسواها..
|
|
|
|
|