| مقـالات
صورة الشاب الذي حاول الانتحار والتي نشرتها «الجزيرة» يوم الأحد الماضي كانت فرصة مواتية لأن يتضاعف الحديث وتشتد سخونته عن مشاكل الشباب وصبر الشباب واحلام الشباب ومستقبل الشباب.. وهي عناوين لمؤلفات طويلة بالامكان تدوينها وبيعها وكسب الملايين من ورائها وليس المليون الواحد الذي تلوح به بعض القنوات كما يلوح الصياد لأسماكه بطُعم سمين.
ومحاولة الشاب الانتحار وجسده الملقى على الأسفلت الأسود بثوبه المتناهي البياض، يؤكد حقيقة التضاد في الحياة، تلك الحقيقة التي خلقها الله سبحانه ليختبرنا في صبرنا عليها وكيفية تعاملنا معها، فإن كان الوجه الذي تمنحنا إياه الحياة هو أبيض مبتسم نضر متهلل فكيف نحمد ونشكر وكيف نكبح جماح رغباتنا في التمادي في الترف واللهو والاستنعام الدائم والتلذذ الذي لا يداخله تأمل وحمد وشكر. وإن كانت الحياة تمنحنا وجهاً كالحاً تتدفق منه الاحزان والمحن، فإن صبرنا عليها هو اختبار لنا ولقدرتنا على التحمل وسط رؤية آخرين يفرحون ويتهللون وينعمون بالمال والصحة.. إن هذا التناقض هو الاختبار الحقيقي لمعدن الانسان ويحتاج النشء لمن يعلمه ويدربه على الصبر والرضا الإيجابي بما قسمه الله. ولا يمنع ذلك من تدريبه على السعي إلى تحسين أوضاعه والخروج من مآزق مشكلاته بالعمل والدأب، فرغبة التغيير رغبة كامنة في كل شاب يجب أن توجه التوجيه الايجابي ليسعى الشاب لتعديل مسارات حياته الى الايجابية والتفاعل.
* * قلت لأبي: كيف كان الشبان في زمانكم يصبرون على قلة فرص العمل وعلى الفقر وعلى القفر والصحراء الساخنة وليس فيها من أسباب الراحة ما يمكن لشاب أن يتنعم بحياته وبشبابه في أوارها الساخن أو جليدها البارد.
فقال: «الموت مع الجماعة رحمة».
كنا جميعاً نبحث عن العمل وكنا جميعاً بأحلام واحدة وكانت دروب الحياة سفراً نجتازه كلنا ومن يسير في المضمار بخطوات أكبر يجني أكثر.. لكننا كنا جميعاً داخل المضمار.. اما الشباب اليوم فهم خارج المضمار..فكيف يتسابقون..وكيف يفوزون. إنهم بانتظار فرصة عمل او بانتظار قبول في جامعة وفي طرقات الانتظار ثمة من يضعف إيمانه كثيراً ويتسلل إليه الإحباط وهي مسئولية تربوية يلزم ان يتعهد بها المجتمع أبناءه الشباب ويعدُّهم لتحمل المآزق المرحلية والتي لا شك أن دولتنا ولله الحمد ساعية في حلولها.. فالسعودة مشروع قائم سيحمل له المستقبل الكثير من الاتجاهات الناجحة. ودعم الموهوبين مشروع هو الآخر سيوجه المجتمع إلى رعاية الخلاقين وعدم الركون الى التعليم النظري فقط وها هي القروض التي أقرَّها سمو ولي العهد لأبنائه الشباب ستعينهم على تعديل مسارات أحلامهم. المشكلات في بداياتها تحمل نوعاً من الارتباك في إيجاد الحلول، لأنها مفاجئة خاصة في دولة نامية مثل المملكة، فبطالة الشباب وتضخم معدلات خريجي الثانوية جاءت مفاجئة للمخططين. لكننا الآن أمسكنا بأول الطريق وقريباً بإذن الله ستسعى الدولة بكل أجهزتها إلى إدخال الشباب جميعاً إلى حيث المضمار!
fetmaalotaibi@ayna.com
|
|
|
|
|