| الاقتصادية
من العبارات المتداولة في الأدبيات الاقتصادية لفظ الربح، وهذا اللفظ له دلالات اقتصادية معينة، فالربح وفق المفهوم الاقتصادي هو الدخل الذي يناله صاحب المشروع نظير المخاطرة فهو بهذا يختلف عن الايجار والفائدة الربا فالربح يمثِّل الفرق بين ثمن البيع ونفقات الانتاج فهو ما يناله صاحب المشروع او صاحب رأس المال، أو المضارب لقاء عمله في إدارة المال ولهذا فقد رد الله في كتابه الكريم على اولئك الذين زعموا أن الربا الفائدة مثل البيع اي الربح يماثل الفائدة في قوله تعالى (قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا) فالربح هو عائد المخاطرة اما الفائدة الربا فهو ثمن استعمال النقود،
روى احمد في سنده عن رافع بن خديج قال: قيل يا رسول الله اي الكسب اطيب قال عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور،
كما روى مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه انه قال: خرج عبدالله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب في جيش إلى العراق فلما قفلا مرا على ابي موسى الاشعري وهو امير البصرة فرحب بهما وسهل ثم قال لو اقدر لكما على امر انفعكما به لفعلت ثم قال بل ها هنا مال من مال الله اريد ان ابعث به الى امير المؤمنين فاسلفكماه فتبتاعان به متاعاً من متاع العراق ثم تبيعانه بالمدينة فتؤديان رأس المال الى امير المؤمنين ويكون الربح لكما فقالا وددنا ذلك ففعل وكتب الى عمر بن الخطاب ان يأخذ منهما المال فلما قدما باعا فربحا فلما دفعا ذلك الى عمر قال أكل الجيش أسلفه مثل ما اسلفكما؟ قال لا فقال عمر بن الخطاب ابنا امير المؤمنين فاسلفكما اديا المال وربحه فاما عبدالله فسكت واما عبيد الله فقال ما ينبغي لك يا امير المؤمنين هذا لو نقص هذا المال او هلك لضمناه فقال عمر ادياه فسكت عبدالله وراجعه عبيد الله فقال رجل من جلساء عمر يا امير المؤمنين لو جعلته قراضا فقال عمر قد جعلته قراضاً فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه واخذ عبدالله وعبيد الله ابنا عمر بن الخطاب نصف الربح كما روى الدار قطني عن ابن عباس،
بدراسة هذه الاحاديث يمكن تحديد مفهوم الربح ودلالته الاقتصادية وفق المنهجية الاسلامية على النحو التالي:
أولاً: الربح هو العنصر الدافع في عملية التبادل التجاري ويمثل اسلوباً من اساليب توزيع الدخل القومي بين أفراد المجتمع،
ثانياً: الربح كما تشير إليه هذه الاحاديث هو نتيجة لتفاعل رأس المال والعمل فهو العملية الناتجة عن تفاعل قوة العمل والمال ويتم توزيع نتيجة هذا التفاعل وفقاً للشروط التي تحكم العلاقة بين الطرفين صاحب رأس المال والمضارب،
ثالثاً: لا يعترف بالربح من المنظور الاسلامي الا ما كان ناتجاً من مصدر مباح وكل ربح جاء من مصدر حرام او بسبب محرم فلا يعترف به وهذا المفهوم للربح يختلف به النظام الاقتصادي الإسلامي عن بقية الأنظمة الاقتصادية الأخرى قديماً وحديثاً وان من مقتضيات تطبيق النظام الاقتصادي الاسلامي تدخل ولي الامر في الدولة الاسلامية لمنع ممارسة الاعمال المحرمة مثل إنشاء وتنظيم الاعمال المصرفية الربوية أو ممارسة التجارة في الأعمال المحرمة مثل بيع الخمور او انشاء الشركات الاعلامية التي تنتج الافلام التي تشيع الفجور وتدعو الى الرذيلة او تنشر الفكر الملحد،
رابعاً: يرتبط الربح بالجهد المبذول وتحقق المنفعة المطلوبة وبالتالي فإن الفائدة على الاموال المودعة في البنوك أو المقرضة لا تعتبر ربحاً لفقدان عنصر الجهد وتحقق المنفعة وهذا اهم عنصر من عناصر الاختلاف بين الفائدة الربا والربح،
|
|
|
|
|