| مقـالات
الدعوة إلى هذا الدين انطلقت من هذه البلاد من الجزيرة العربية فهي مهبط الوحي قبلة المسلمين ومنطلق الرسالة التي عمت بلاد الدنيا فوصلت إلى مشارق الأرض ومغاربها وستبقى هذه البلاد بإذن الله حاملة لواء الدعوة لا تتنازل عنه بعد أن شرفها الله بحمله.
وما هذه المعارض الدعوية التي تقام في مناطق المملكة إلا وسيلة لتفعيل الدعوة وإيقاظ الهمم وتبصير الناس بوسائل الدعوة الحديثة التي من خلالها يصل الدّاعي إلى قلوب الناس وعقولهم.
وكما أن أعداء هذا الدين سلكوا كل سبيل واستخدموا كل جديد في سبيل محاربة هذا الدين وتشويه الحق فلابد من مواجهتهم بشتى الوسائل المتاحة المباحة لرد كيدهم.
الحاجة للدعوة:
إن حاجتنا للدعوة حاجة ماسة أعظم من حاجتنا للطعام والشراب نتبين هذه الحاجة وهذه الأهمية للدعوة إلى الله من خلال النظر في النصوص الشرعية. فالآيات القرآنية والأحاديث النبوية قد تضافرت بالدعوة إليها والحث عليها قال تعالى :«ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن» وقال تعالى:« ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون».
وقال صلى الله عليه وسلم :( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا)، وقال عليه الصلاة والسلام :(فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدا خير لك من حمر النعم)، ولذا قال صلى الله عليه وسلم «ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه».
وكان صلى الله عليه وسلم رقيقا في دعوته لينا في معاملته فجمع الله عليه القلوب.
وقصته صلى الله عليه وسلم مع الذي بال في المسجد والذي تحدث في الصلاة خير دليل على حكمته صلى الله عليه وسلم في الدعوة ومراعاته لحال المدعوين وليست الحكمة في الدعوة تقتضي اللين فقط إنما تعني وضع الشيء في موضعه، وهذا يختلف باختلاف الزمان والمكان لكن في هذا الزمن مع كثرة المغريات وانفتاح أبواب الشر وقلة الناصر وضعف المعين يتعين هذا الأسلوب دون سواه.
ميادينها:
الحياة كلها ميدان الدعوة إلى الله فلا تقتصر الدعوة على المسجد فقط كما قد يظن بعض الناس أو حيث يطالب به آخرون.
لقد انطلق صلى الله عليه وسلم داعيا إلى الله من كل ميدان في منتديات الناس وأماكن تجمعهم في الأسواق والطرقات وفي البيوت والخلوات، ودعا صلى الله عليه وسلم في المسجد وفي الميدان بالخطبة والكلمة والرسالة وغيرها من الوسائل الدعوية المتاحة.
فالداعي إلى الله تعالى يدعو في المسجد والمنزل والمدرسة والشارع يدعو في النوادي الثقافية والجمعيات الخيرية والوسائل الإعلامية يستغل المناسبات الاجتماعية واللقاءات الأخوية.
وكل ذلك لنشر الخير ودفع الشر بأسلوب حسن وطريقة لبقة.
صفات حاملها:
ان حامل الدعوة ومبلغها ينبغي أن يتصف بصفات أهلها فيتخلق بالأخلاق الفاضلة ويتصف بالصفات النبيلة من الصدق والصبر والأمانة والتواضع والحلم وغيرها من الصفات التي تعينه على حمل هذه الرسالة والقيام بهذه الأمانة، وذلك لأن الأنظار إليه أسرع والخطأ منه أوقع والنقد عليه أشد ودعوته يجب أن تكون بحاله قبل مقاله حماية للدعوة وأهلها من ألسنة المغرضين وأقلام الخصوم الشانئين وأوهام الغفل والمتعجلين.
عقباتها:
إن أمام الداعية حواجز وفي طريقه عقبات وليس الطريق كما يقال مفروشاً بالورود ويكفيه ما نال أسلافه قبل، فقد نال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ما نالهم في سبيل الدعوة منهم من قتل ومنهم من سجن ومن أوذي وعذب.
العقبات كثيرة لكني أتحدث عن العقبات التي في وسع الداعية أن يتخلص منها وأن يتغلب عليها.
فاليأس من الإصلاح من أعظم العقبات التي تعطل مسيرة الدعوة إذ الإنسان خلق من عجل فهو يسعى للحصول على النتائج ويتطلع لرؤية الثمرات، ولذا قد يصاب باليأس عندما لا يرى آثار دعوته أو يرى عكسها وينسى هذا الداعية أو يتناسى حال الأنبياء عليهم السلام فنوح عليه السلام لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، ومع ذلك قال الله تعالى عنه :«وما آمن معه إلا قليل» وجاء في الحديث أنه «يأتي يوم القيامة النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجلان والنبي ومعه الرجل والنبي وليس معه أحد».
مع إخلاص هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وجدهم واجتهادهم في هداية الناس ونشر دين الله، وعدم استجابة الناس لهم لا يقدح فيهم ولا ينقص من أجورهم.
وليعلم الداعية أن ثوابه على العمل دون النتائج وأن النتائج قد توجد ولا ترى وقد تخفى عليه ويشاهدها غيره.
وهذا اليأس قد يصيبه بالفتور والضعف بالقيام بهذه المهمة وقد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله :(أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل).
ومن أعظم العقبات التي تعود إلى الداعي نفسه حب الدنيا والميل للتصدر، وهذا الذي يقضي على الداعية ويجعله يدعو لنفسه بعد أن كانت دعوته لله وهو أمر نفسي خفي قد يظهر بصور مختلفة وعلاج ذلك مراقبة النفس وإلزامها بالإخلاص لله والتجرد من حظوظ النفس الدنيوية.
* جامعة أم القرى
amrrsa@hotmail.com
ص.ب:13663
|
|
|
|
|