| الثقافية
يحتوي هذا الكتاب على مداولات ندوة «منتدى الفكر العربي» التي انعقدت بمناسبة الاجتماع السنوي الثالث عشر للهيئة العامة للمنتدى في الجزائر، تناولت الندوة مراجعة النظام العربي القائم والنظر في مستقبل هذا النظام في ضوء المتغيرات الإقليمية والدولية، كما ناقشت بشكل صريح إشكالية النظام العربي بين الهيكلية والإرادة السياسية لدى الأقطار العربية الأعضاء في هذا النظام المؤسسي، كان هناك (تباين) بين المشاركين في تفسير (أسباب) القصور والخلل في النظام العربي القائم، فبعضهم يرى هذه الأسباب في :نشأة جامعة الدول العربية وما انبثق عنها من منظمات ومجالس مشتركة دون وجود آلية للتنسيق والعمل وتحديد الأولويات الضرورية للنهوض بالعمل العربي المشترك، والبعض الآخر ركز على ضعف الجدية والالتزام المادي والسياسي من بعض الحكومات العربية في تنفيذ ما تقرره هذه الحكومات في إطار النظام العربي ، لكن تبقى الحقيقة المتفق عليها بين المشاركين، والتي تتلخص في: حاجة النظام العربي الى اصلاحات جذرية ونظرة شاملة تهدف الى تفعيل قدراتهم المشتركة بالمزيد من الالتزام والمتابعة وتوافر الكوادر والقيادات الشابة المؤهلة لدى الدول الأعضاء كافة.
وقد اتضح من مداولات الندوة: أن النظام العربي ليس في حاجة ملحة الى المراجعة والإصلاح فحسب، بل يحتاج أيضا الى فهم ودعم من المنظمات العربية غير الحكومية، والمجتمع الأهلي بعامة، ولاشك أن التقدم في هذا السبيل التنموي يتطلب العمل الواعي في تنمية الصلة والتواصل المستديم بين عمل النظام العربي والنشاط الأهلي، في كل الأقطار العربية التي تسعى الى تحقيق المزيد من الوعي العام، والتطور السياسي اللازم للتعامل مع عصر العولمة الذي كثر الانشغال به هذه الأيام.
طرحت الندوة الكثير من الاسئلة مثل: هل مشكلة النظام العربي تكمن في تكوينه الهيكلي، أم في ضعف الإرادة السياسية الملتزمة على الصعيدين القطري والقومي؟، وما هي إمكانات تحديد الآفاق المتاحة للتنمية السياسية والإصلاح الاجتماعي في الأقطار العربية، منفردة أو مجتمعة؟، وما هي أسباب فشل النظام العربي في تحقيق أهدافه، منذ تأسيس الجامعة العربية وحتى آخر مؤتمر قمة عربي عقد قبل اندلاع أزمة الخليج؟، وأسباب فشل هذا النظام في بناء القدرة العربية المشتركة، والحيلولة دون تفاقم النزاعات؟ وكيفية استحداث إطار حضاري يحد من الاختلاف «ويعظم الجوامع ويحترم الفروق»؟، وما هي الوسيلة والكيفية لمواكبة النظام العربي للتطورات العربية والدولية في عصر العولمة القائم على التكتلات الاقتصادية الضخمة والتجمعات السياسية القوية؟
وقد ناقشت الندوة كل القضايا العامة المتصلة بمواقع النظام العربي، وتحديات المستقبل ومخاطره، كما شملت مداولات الندوة طبيعة هذه التحديات والمخاطر، وقدمت أفكارا وتوصيات عملية قابلة للتطبيق، إذا توافرت لها الإرادة المشتركة، والآلية اللازمة لنجاحها.
توزعت محاور الندوة على أربع جلسات عمل، جاءت موضوعاتها على النحو التالي:
واقع النظام العربي بين الهيكلية والإرادة السياسية:
حول هذا المحور تحدث المشاركون عن معضلة بناء المؤسسات في النظام العربي، بدءا بنشأة وتطور النظام العربي، وذلك تعبيرا عن الحقيقة القومية والقطرية في آن، والقصور التكويني في بنية الجامعة العربية، مع الإشارة الى بعض المزايا التي يمكن الاستفادة منها في النظام العربي، والى ذلك التباين الواضح في محاور عدة (كالسكان، ودرجة الغنى والفقر، وشكل النظام السياسي) وآثارها في تفاعلات النظام. كما أكد المشاركون على أن الإنجاز العربي على صعيد التطور المؤسسي للنظام كان متواضعا في جميع المجالات، كما أن «القطري» كمحور للسلوك العربي ما زال يتفوق على «القومي»، وأن النظام العربي ما زال يتصف بغياب مفهوم الأمن القومي العربي، وبعجز آلياته القانونية، وبنتائج هزيلة للتكامل الاقتصادي العربي، وقيود متزايدة تحيط بمنظومة العمل العربي المشترك، كما أن أسلوب القمة العربية كبديل فقد فاعليته منذ السبعينات. وفي هذا المحور أيضا تحدث المشاركون عن ظاهرة الصراعات العربية العربية، وتفاقمها بشكل غير مسبوق في العقد الأخير من القرن العشرين.
قضايا خلافية
في السياسيات الاقتصادية العربية:
في هذا المحور، ركز المنتدون على قضية خلافية في الاقتصاد السياسي للدول العربية، وهي مخاطر الهيمنة الاقتصادية الإسرائيلية في اعقاب التسوية السليمة، وفي محاولة لاستقرار المستقبل تناول المشاركون بحث كيفية التعامل مع معطيات رئيسة مبنية على افتراض أن التسوية السليمة ستقود الى سلام حقيقي بين العرب واسرائيل، مبينين «الجائزة الاقتصادية» التي ستحصل عليها إسرائيل من هذا الوضع. وفي إشارة الى هوة التخلف الاقتصادي العربي، ذكر المنتدون أن : حجم الاقتصاد الإسرائيلي مقيسا بقيمة الناتج الوطني يقارب مجموع حجم الناتج الوطني لمصر وسوريا والأردن ولبنان مجتمعات!، كما أشارت الندوة إلى أن السياسات العربية في الانفتاح والاندماج في السوق العالمية، تعاني من خلل جوهري مرتبط بانهيار النظام السياسي العربي.
قضايا
التطور التكنولوجي:
ناقش هذا المحور العلاقة التكاملية الوثيقة بين ازدهار الحضارة العالمية، وتطور العلوم والتكنولوجيا والتنمية، وموقع التنمية الاقتصادية والعلمية العربية من ذلك. كما ناقش الوسائل الممكنة للتغلب على محددات التقدم العلمي في الوطن العربي.
قضايا التنمية السياسية والإصلاح الاجتماعي: الواقع والطموح:
تناول المحور الرابع والأخير قضايا التنمية السياسية والإصلاح الاجتماعي والثقافي في الوطن العربي، في غياب الديموقراطية، مؤكدا على أنه لا معنى لأي إصلاح لا تدعمه الديمقراطية.
كما استعرض عدة عوامل من شأنها أن توفر ظروفا أكثر مواتاة لتحقيق الديمقراطية في الوطن العربي ودور النخب المثقفة في ذلك.
|
|
|
|
|