| مقـالات
يبدو أن عقدة أفعل التفضيل ما زالت تلازم عالمنا العربي ولم يتخلص منها رغم محاولات الظهور بروح العصر الأكثر تحضرا وتقدما فما تكاد تخلو وسيلة من وسائل الإعلام العربي من وصف لأي انجاز بأنه الأكبر أو الأكثر أو الأوحد أو الأفضل وذلك في سياق حديثها عن ذلك المنجز.
وما يهمني في هذا الأمر وأود الحديث عنه هو ما يجري في عالم النشر والتوزيع الذي كنت استعد لكتابة مقال عنه ادافع فيه عن المظاليم في ذلك العالم. ولكني فضلت تأجيل ذلك حتى أتطرق لموضوع بدأ ينتشر مؤخرا بشكل لافت للنظر وهو أن بعض دور النشر أصبحت تصدر مؤشرات تذكر فيها الكتب الأكثر مبيعا وتجد من يعينها على نشرها من صحف ومجلات ووكالات أنباء وهذه المؤشرات تعد على أساس إبراز الكتب التي أصدرتها تلك الدار أو التي تقوم بتوزيعها فقط بعيدا عن المصداقية ومراعاة وعي القارئ اليوم الذي اصبح يدرك كل شيء ويملك رأيا نزيها ومحايدا لتقديم أي عمل ابداعيا كان أو سوى ذلك. ولو أن تلك الدور وضعت الكتاب الأول والثاني والثالث وحتى الخامس من إصداراتها على رأس القائمة وتركت الخمسة الأواخر تتبوأها دور النشر الأخرى لقبلنا ذلك على مضض.
وقد وقعت بعض دور النشر المحلية في نفس تلك الأخطاء والأساليب التي لا يقبلها قارئ اليوم ولا يستسيغها بل أصبحت تؤتي نتائج عكسية تجعله يفقد الثقة والمصداقية في تلك الدور التي تمارس مثل تلك الأمور.
والأغرب والأدهى أن إحدى دور النشر العربية قامت مؤخرا بإصدار بيان بأسماء الكتب الثلاثين الأكثر مبيعا فكان نصيب أحد المؤلفين المتعاملين مع تلك الدار 12 عنواناً ومؤلف آخر ثمانية عناوين.. فهل يعقل ذلك؟!! ثم نجد صحفنا المحلية تفتح صفحاتها الثقافية على مصراعيها لتلك الدور وتنشر ما يصدر عنها من مؤشرات بنيت على أساس مصلحة الدور ومؤلفيها فتحقق لهم أهدافهم ومآربهم والضحية طبعا المتلقي الذي تخدعه الهالة الإعلامية والأسماء الرنانة خاصة إذا كان ناشر الخبر صحيفة يثق بها وكل صحفنا المحلية وللّه الحمد محل ثقة القارئ والمسؤول.
أنا لا أحسد بعض المؤلفين بتصدر عناوين كتبهم قوائم الكتب الأكثر مبيعا ولكن أتمنى أن تقوم بإعداد تلك القوائم جهات محايدة تعدها وفقاً لمؤشرات حقيقية . وحبذا لو يقوم اتحاد الناشرين العرب أو اتحاد الموزعين العرب بوضع معايير معينة تعد وفقاً لتقارير تعطي أرقاما حقيقية لحجم المبيعات للكتب الأكثر مبيعا.
ولا أدري إذا كانت هناك مؤسسات دولية تفعل مثل ذلك العمل على غرار مؤسسة التحقق من الانتشار التي تشترك فيها الصحف المحلية والعالمية والعربية والتي تأخذ أرقاما يومية للتوزيع من مصادر موثوق بها وتصدر على أساسها مؤشراتها بدقة متناهية.
وبالإمكان أن تقوم دور النشر بإصدار قوائم بالكتب الأكثر مبيعا من إصداراتها وتوزيعاتها.. على شرط ألا تترك الأمر مفتوحا فتوهم القارئ أن كتبها الأكثر مبيعا على مستوى المملكة أو الدول العربية وحبذا ايضا لو تقوم إحدى دور النشر بإصدار مؤشر شهري للكتب الأكثر مبيعا تؤخذ بياناته من السوق مباشرة أو وفق المعايير الدولية المعمول بها في الصحف العالمية التي تصدر مؤشرات للكتب الأكثر مبيعا.
وستكون لي عودة أخرى للحديث عن النشر وشجونه.
|
|
|
|
|