| مقـالات
نظمت الأمم المتحدة مؤتمرها لمكافحة العنصرية في ديربان في جنوب أفريقيا، وليتها نظمته في فلسطين فقد انتهى عصر العنصرية في جنوب القارة الأفريقية، لكنه في أوج قوته في فلسطين، بل لم تشهد جنوب أفريقيا ما شهدته وتشهده فلسطين.
جبنت الحكومات بين متردد وساكت في المؤتمر أمام الضغوط اليهودية والأمريكية بعدم إدانة التمييز العنصري الذي يمارسه اليهود يوميا في فلسطين، ولكن ثلاثة آلاف منظمة أهلية غير حكومية من كل أنحاء العالم صدعت بالحق، ولم تخضع للابتزاز اليهودي، فأعلنت في بيانها أن دولة إسرائيل (التي أقامها المستعمرون سابقا ويقفون معها حاليا) دولة عنصرية ترتكب بطريقة منظمة جرائم ضد الإنسانية وتمارس الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني وأنه لا بد من وقف فوري لهذه الجرائم.
وكررت إسرائيل كعادتها اتهامها لثلاثة آلاف منظمة بأنها معادية للسامية وتعني بالسامية اليهود، مع أن العرب هم الساميون، ولا يعرف إلا اليهود ومن يدافع عن باطلهم كيف يكون كل العالم على خطأ ما لم يرَ ما تراه إسرائيل ومن أرغمته على قبول أفعالها حتى ذبح الأطفال في أحضان آبائهم وأمهاتهم.
هذه الإدانة العالمية للعنصرية البغيضة تدل على أمرين:
أولهما أن كثيرا من حكومات العالم في الأمم المتحدة بما فيها إدارة المنظمة لا تستطيع أن تعبر عن رأيها بتجرد إذ لم يكن في صفه إسرائيل ومن يؤازرها، وثانيهما أن على أصحاب الحقوق أن يتجهوا بخطابهم الإعلامي للشعوب فهي التي تعبر عن رأيها في حرية، وهي التي تعرف الظلم الواقع على الشعوب، لأنها هي التي عانت القهر والقسوة من المستعمر سابقا ومن أتباعه حاضرا، ومن ذلك العنصرية والرق وسلب الحقوق وغيرها.
العنصرية أساسا هي قاعدة يهودية، فاليهود مازالوا يعتقدون ويطبقون أنهم شعب الله المختار وأن من سواهم غوييم (خدم) لليهود، وأن من عدا اليهودي يتساوى مع الحيوان، ويخالفون كل ما تراه شعوب العالم من أن الله كرم الإنسان بغض النظر عن لونه أو جنسه أو دينه أو أي شيء آخر.
حتى يهود الخزر الذين قدموا من آسيا وهم ليسوا من أعراق يهودية هم أشد من يمارس العنصرية اليوم في فلسطين باستثناء يهود العرب الذين رحلوا من البلاد العربية التي لم تؤذهم على مدى تاريخها فهم أشد من يقتل العرب اليوم في فلسطين.
يبدو أن الأمم المتحدة أرادت للمؤتمر أن يسهم في القضاء على العنصرية وعلى الرق الذي يعد من أسوأ مافي تاريخ البشرية، ولكنها نسيت أن إسرائيل ومن يرى رأيها دون أي تفكير تريد للعنصرية مفهوما آخر هو أن كل من لا يرى رأي اليهود فهو عنصري.
أي عنصرية أشد من أن يرحل اليهود من الشرق والغرب ليقتلوا الفلسطيني ويحرموه من أدنى حقوقه الإنسانية، ومع ذلك لا تظفر إسرائيل بأكثر من دعوة لضبط النفس في قتلها للشعب الفلسطيني وتهديم منازله، وتجريف مزارعه، وإطلاق الصواريخ على قياداته وهي في منازلها أو سياراتها؟
اتجهوا للشعوب ودعوا الحكومات فهي مغلوبة على أمرها في ظل وجود القوة الواحدة التي تقف مع الباطل.
للتواصل: ص.ب. 45209 الرياض 11512- الفاكس: 4012691
ayedhb@hotmail.com
|
|
|
|
|