| عزيزتـي الجزيرة
بحبر الأمل.. وعزيمة الشباب الطموح.. وعلى ورق الجزيرة المرموقة، أضع كلماتي هذه بين يديك قارئ الجزيرة الكريم.. وناقلاً مشاعر وطموحات الآلاف من الشباب إلى سمو أمير منطقة الجوف حفظه الله ورعاه.. وأقول بحمدالله إنني أكتب ماتقرأون بعد تجربة شخصية، أدركت كما أدرك غيري من خلالها ان شباب الجوف قادرون على خوض غمار المنافسة ومقارعة الكبار في شتى ميادين الحياة.. نعم، إنني أكتب الآن ودموعي توشك ان تبلل أوراقي فرحة وألماً. إنني أفرح وبشدة حين أستعيد ذكريات الجنادرية (16) ويمر أمامي شريط إبداع فرقتنا المسرحية ولأول مرة في مهرجان كبير كهذا.. كيف لا أبكي فرحاً ونحن نشارك للمرة الأولى ونتفوق على كثير من أصحاب الخبرة الطويلة في هذا المجال.. لقد كانت الفرقة وليدة شهرين فقط، وأقسم لكم أننا تعاهدنا على العمل والنجاح بالرغم من قلة الخبرة وصعوبة المهمة.. وقد جاء أمر سمو أمير منطقة الجوف بالمشاركة دافعاً قوياً للجميع.. ولا أخفيكم قولاً، فالجميع كانوا لا يطالبون هؤلاء الشباب سوى بالمشاركة كونها المرة الأولى، كانوا ينظرون لنا فرقة مبتدئة لايمكن مطالبتها سوى بالحضور والاحتكاك لمحاولة النجاح في الأعوام القادمة.. كان أعضاء الفرقة طلاباً في غالبتيهم ولم تسبق لهم المشاركة سوى بحفلات مدرسية مصغرة.. وما ان دقت عقارب الساعة وجاء موعد عرض المسرحية، إلا وعيون النقاد والصحفيين، وأهل الفن وكل من حضر كلهم عيونهم شاخصة منبهرين بعرض رائع من شباب لأول مرة يعتلون خشبة المسرح أمام جمهور ضخم كذلك الذي حضر تلك الليلة، وما ان انتهت المسرحية إلا وخشبة المسرح مكتظة بالمهنئين من أكبر رجال الفن السعودي شاهدنا الاستاذ علي المدفع، والاستاذ محمد المنصور، والكاتب المسرحي والمحرر الاستاذ/ مشعل الرشيد، وكذلك الكاتب والمخرج المسرحي/ فهد الحوشاني.. كل هؤلاء وغيرهم تساءلوا عن سر نجاح فرقة الجوف المشاركة لأول مرة!!
كانوا يعتقدون أننا جئنا لنشارك فقط، ولكنهم تفاجؤوا حين ناقشونا بعد نهاية المسرحية بكشفنا لكثير من الخفايا التي من شأنها إحباطنا من البداية، ذكرنا لهم ان هذا النجاح الذي تحقق كان خاضعاً لظروف كثيرة ومن أهمها:
* اننا لا نتبع لفرع من فروع جمعية الثقافة والفنون، ولا يوجد لدينا في الجوف حتى نادٍ أدبي..
* ان هذه الفرقة قد بدأت العمل من جميع جوانبه قبل شهرين فقط من المهرجان في الوقت الذي استعدت فيه بعض الفرق من سبعة أشهر وأكثر.
* ان جميع الشباب الذين شاركوا في العمل لم تسبق لهم المشاركة في مثل هذا المهرجان وأمام هذا الكم من النقاد والإعلاميين والجماهير.
* ان الفرقة لم تكن تملك المكان الذي تتمتع به براحتها وتقيم عليه تدريباتها.. فكانت تتدرب على مسرح «المعهد المهني» في غير أوقات الدراسة، الأمر الذي أعاقنا كثيراً.
كل ذلك وغيره لم يكن ليحبط الإصرار والعزيمة التي تعاهدنا عليها قبل السفر إلى الرياض.. وفي آخر أيام المهرجان المسرحي بجنادرية (16) تم إعلان حصولنا على المركز (الثامن) من بين (16) فرقة مسرحية بينها الجمعيات الكبرى والجامعات والورش المسرحية.. الأمر الذي أثار الكثير من الحضور مؤكدين أحقيتنا بالحصول على أفضل من هذا المركز!!
كان هذا ماحدث من البداية حتى النهاية، ولكن مايدمي القلب ويدمع العين هو عودتنا إلى منطقة الجوف.. هل تصدقون أن تلك المسرحية الرائعة قد ماتت قبل وصولها، وأنها لم تعرض حتى الآن في الجوف؟!!
لماذا؟ لم يكن الأمر صعباً، وكان الجميع على استعداد تام لعرضها أكثر من مرة إشباعاً لرغبة أهل المنطقة الذين سمعوا بها ولم يروها حتى الآن.. عزيزي القارئ، إن استقبال سمو نائب أمير المنطقة لمؤلف ومخرج المسرحية فور عودتنا من المهرجان كان دافعاً قوياً ومسؤولية كبيرة في نفس الوقت، ودعوته لنا بمواصلة النجاح وتحقيق الأفضل تجعلنا في حيرة من أمرنا.. ومع قرب المهرجان لهذا العام، بدأت الفرق بالاستعداد للمنافسة الأمر الذي يقلق راحتنا كثيراً.. فيا ترى، هل ستتكرر المعاناة هذا العام؟!! إنه نداء أتوجه به إلى سمو أمير المنطقة بأن يوجد للفرقة مكاناً خاصاً بها.. ويعطيها الاستقلالية التامة كي تستطيع التصرف بالشكل الذي تراه ملائماً.. وإن كان الجميع ينظرون لنا (مشاركين) في العام الماضي، فإنهم ينتظرون هذا العام (منافسين) وبقوة على مراكز متقدمة، وإنني أتحدث على لسان جميع أعضاء الفرقة وأجزم على استعدادهم للمشاركة المتميزة ولكن لابد من تهيئة الظروف.. نعم، نحن لدينا القدرة والعزيمة. والفكر والإبداع، وننتظر الوقفة الصادقة من الجميع دون استثناء، والنداء إلى كل أهالي الجوف، إلى الأندية والمثقفين ورجال الأعمال..
ولايفوتني ان ألفت نظركم لأمر هام جداً وهو ان الأنظار قد توجهت إلى المتميزين من أبناء الجوف، وأنهم قد تلقوا عروضاً للمشاركة مع فرق وجمعيات أخرى .. ولعل ا لعروض التي جاءت للاستاذ/ مبارك الخصي مؤلف المسرحية والفنان التلفزيوني المعروف، لعلها تحرك في نفوسنا شيئاً، ونكون الأولى بالاستفادة من مواهبنا وقدراتنا، كما أفيدكم بأن المؤلف قد حصل على المركز السابع من بين أعداد الممثلين الهائلة كما تلقى عروضاً لكتابة نصوص من مناطق معينة، فرفض راغباً صرف اهتمامه بأبناء المنطقة.
وفي الختام لك أن تعلم أخي القارئ ان في المنطقة مسرحاً بكلية المعلمين بالجوف، وآخر في دار العلوم بالجوف، وفي المعهد المهني، وبالرغم من هذا لم تعرض المسرحية؟ فيا ترى ماهو السبب؟
فمن لهذا سواك يا سمو الأمير، ومن يستطيع مد يد العون لهؤلاء الشباب كي ينثروا إبداعاتهم ومواهبهم.. علماً بأن الفرصة كانت مواتية لعرض المسرحية في المهرجانات الصيفية المقامة بجدة وأبها وحائل وغيرها، في الوقت الذي شاركت في تلك المهرجانات فرق حاصلة على مراكز أقل من فرقة الجوف.. فما دام الأمر هكذا لماذا لم تشارك الجوف؟!فهل سندفن هذه المواهب حية، ونعلن نهاية الفرقة في أول عام من ولادتها؟!!
هذه هي الحكاية وأنت لها يا أمير الجوف، والمسؤولية على الجميع، فهل ستقرأون وتنسون، أخاطب الأندية، أخاطب الأدباء، أخاطب الشباب، أخاطب الإعلاميين، أخاطب كل من يهمه أمرنا.. نحن على استعداد، وطموحنا لاينضب.. ولكم مني ألف سلام.
خرج مسرحية الجوف في جنادرية(16)
جميل فرحان يوسف العزاره
سكاكا - الجوف
|
|
|
|
|