| عزيزتـي الجزيرة
الأستاذ عبدالله الصالح الرشيد
بعد التحية، ، في عمودكم الصحفي في جريدة «الجزيرة» الثلاثاء 16 جمادى الثانية 1422هـ تساءلتم لماذا الطبيب لا يعالج نفسه؟،
والجواب: لا يستطيع الإنسان مهما كان عقلانياً إلا أن يكون له انحياز نحو نفسه فيحاول أن يكيل لها زيادة أو يكون مجحفاً بحقها فيزدريها ويهملها، والأطباء حينما يتعرضون للمرض لا يكونون في النهاية إلا بشراً وبذلك يخضعون لمثل هذه المعايير،
كذلك قد يصيبهم الألم والشدة وفقدان القدرة على التدبر فيجعلهم ذلك عاملاً في زيادة أو نقص في صرف الدواء واستعماله، كذلك لما لهم من معرفة بالأدوية المسكنة أو التي تسبب الموت فإن ذلك يجعلهم في خطر خاص هو إمكانية زيادة الجرعات لأنفسهم مما يسبب الخمود النفسي والجسمي أو تمني الموت في بعض لحظات اليأس والركود النفسي والاكتئاب مما يجعلهم أكثر قدرة على وصف الأدوية المميتة،
ولا ينطبق ذلك على الأطباء ومعالجتهم لأنفسهم، بل يمتد إلى من يصل لهم بصلة القربى الحميمة كالأب والأم والزوجة والأولاد، فقد يكون تأثرهم العاطفي طاغياً على الموقف العقلاني الموضوعي، مما قد يسبب «زيادة في الرعاية» مما يكون لها أثر سلبي أو انفعال عاطفي قد يؤدي إلى الكارثة فلا يمكن لطبيب أن يفتح بطن ابنه ويكمل العملية ولا أن يولد بنته أو زوجة ابنه أو يعالج أطفالهم، ، كذلك لو كان المرض مميتاً فلو أقدم طبيب على معالجة مجموعة أسرته لأصيب بالإحباط وربما شعر أن سبب الوفاة تقصير من جانبه أو قد يلام بسوء التصرف من أقرب الناس إليه،
وعليه فقضت التقاليد الطبية أن لا يعالج الطبيب نفسه وأن يلجأ لمن «يطمئن لهم بسره الصحي وعلاجه» دون تأثر بدرجة ذلك الطبيب وقدمه، والطب منحة من الله وعمل دائب من السعي والقراءة ورب طبيب مستحدث في السن قليل في الممارسة ولكن يقوم بواجبه على أحدث ما يكون، وعادة من التقاليد الطبية الحميمة في ذلك الوقت أن يستشير الطبيب مهما كانت درجته زميلاً آخر حينما يعالج زميلاً في المهنة عندما يحتاج الأمر لذلك،
إن التقاليد الطبية وضعت لملء الثغرات التي يمكن أيضاً أن تطال سمعة الطبيب، فكيف يكون كلام المجتمع عن طبيب شوهد وهو يصف ويصرف حقنة مخدر لنفسه؟ وكيف سيتكلم المجتمع عمن ماتت زوجته تحت عملية أجراها هو؟ وكيف سيتحدث الأهل عن طبيب أشرف على ولادة أخته وكيف سيرى المجتمع طبيباً عالج أباه، وانتهى الأمر بإرادة الله بوفاة المريض،
أيها السادة، المهنة الطبية شريفة، مهنة مارسها الأطباء الحكماء وأوصى بها الأنبياء وأمر بها الله،
د، محمد سعيد معاني تكروري
أستاذ كلية الطب/ جامعة الملك سعود
الرياض
|
|
|
|
|