بالأمس القريب ودع صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل أضواء المنصب وفلاشات الإعلام المرتبطة به - بناء على طلبه - لينتقل الى اضواء اكثر اشراقا وأشد بريقا انها اضواء المودة والحب الصادق، اضواء غرسها سموه بارتقاء ايماني وسمو روحي مع كل خطوة مشاها وفي كل عمل قام به سموه.
وعلى الرغم من عدم وجود علاقة عملية مباشرة مع سموه الا انني كنت ممن اسعدهم الحظ بلقائه اكثر من مرة.. اللقاء الاول كان مع بداية التحاقي بالعمل بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية الذي يرأس سموه مجلس ادارته.. كان لقاء عابرا خلال جولة لسموه على ادارات المركز المختلفة.. وصل الامير تركي يمشي وحده.. لا حرس قبله.. ولا «اخويا» بعده.. في موكب تحيط به البشاشة وتحفه انوار التواضع ومهابة الانضباط تواضع متأصل دون تكلف، وسياسة منضبطة دون تخلف، صافح الجميع.. سأل عن أحوالهم ثم ودعنا بابتسامة مشرقة وإن انسى فلن أنسى ذلك اليوم الذي حضر فيه سمو الامير الى مقر مركز الملك فيصل للبحوث قادما من مكتبه في الاستخبارات وتلك البطاقة التي نسيها سموه معلقة على صدره.. يا الله كم انت رائع ودقيق.. رئيس الاستخبارات العامة وابن الفيصل .. و... و... والنظام نظام.. ولذا فقد التزم الامير بتعليق بطاقة تعريفية تخول لحاملها الدخول.. نعم انه القدوة الحسنة على تطبيق النظام، جمال في السلوك. من ابن من أبناء الملوك.
والمرء في الدنيا حديث سائر
تقضي الرفاق به مدى أوقاتها
فاختر لنفسك ما يقال ضحى غد
اذ تطلب الاخبار عند رواتها
اما البذل عند سموه فبذل لا تحركه قرابة وعطاء لا تدفعه رغبة في شهرة او رياء.. بل علاقة صادقة قوامها الحب ووقودها الايمان والتقوى.. علاقة انسانية تسامت وحلقت في فضاء ظله عواطف مفعمة بالحب وأكسجينه حكمة ممتزجة بالود، وغلافه مروءة متوشحة بالصدق فحلق وصفق وبالمكارم تدفق.. ورغم حرص اميرنا على اخفاء ما يقوم به من اعمال الا ان الامثلة كثيرة، والقصص واضحة ووفيرة.. احد الإخوة الزملاء من العاملين في المركز - رحمه الله - يكتشف انه مصاب بفيروس الكبد الوبائي .. يكتب الى سموه حول امكانية الرفع للمقام السامي لعلاجه في الخارج، ويأتي الرد العاجل بتكفل سموه بعلاج المذكور وعلى حسابه الخاص في ألمانيا.
تلذ له المروءة وهي تؤذي
ومن يعشق يلذ له الغرام
ومن المواقف الاخرى التي ما زلت اذكرها جيدا انه وعند تنظيم مركز الملك فيصل لمعرض الكتاب الالكتروني الذي افتتحه صاحب السمو الملكي الامير سطام بن عبد العزيز.. اذكر عندما فاجأنا سموه بالحضور الى مقر المعرض قبل يوم من الافتتاح وصل سموه الى المعرض تجول بين اجنحته سأل عن كل صغيرة وكبيرة فيه، التقى بالعارضين ثم غادر المكان بكل هدوء وسكينة.وعندما نظم المركز دورة تدريبية، وكان سموه عائدا للتو من خارج الرياض.. مساء الخميس اتصل على سعادة أمين المركز الدكتور يحيى بن جنيد.. علم ان الدورة ستنطلق اعمالها صباح يوم السبت التالي.. في تمام الساعة الثامنة والنصف صباحا كان سموه يأخذ مكانه بين المتدربين في حفل افتتاح مبسط - رافضا ان يأخذ مكانه على المنصة - وبعد انتهاء الحفل الخطابي صافح سموه الجميع فردا فردا.. سأل عن احوالهم.. انطباعاتهم .. بعد ان غادر سموه مقر الحفل سألني احد الإخوة الخليجيين ماهو منصب الامير تركي؟ فأجبته رئيس الاستخبارات العامة فرد صاحبي والدهشة تملأ وجهه: رئيس الاستخبارات .. يا الله.. هنيئا لكم بهذه العقلية.. هنيئا لكم بهذا الانسان.. نعم انها سنابل حب وبيادر خير تسكن نسيج ذاكرة كل من تعامل معه.. او سمع عنه..
تركي الفيصل .. الحب لك.. والود لك.. والله درك ما أنبلك..
خاتمة: