| مقـالات
تعلمنا بأن لكل إنسان بصفة عامة قدرة يتميز بها.. اطلقنا عليها عدة مسميات مثل الموهبة وأخرى الذكاء وثالثة الابداع والابتكار.. إلخ وهذه المواهب تواكب في الغالب حياة الفطرة منذ الولادة والطفولة وتبقى ملازمة لها ربما لفترة من عمره قد تتضح وتنكشف عن قدرات أوسع وربما تضمحل. من بين هذه الصفات النجاح في التمثيل وهو كما نعلم نشاط إنساني يبرز منذ الصغر وان كانت بعض المجتمعات المحافظة وأخرى تنميه وتصقله، وفي هذه الحالة فليس من الضروري ان تتواكب معه قدرات أخرى في الذكاء على وجه التحديد ذلك ان التمثيل «في الغالب» يعتمد على قوة الملاحظة والتقيد أو المحاكاة ماعدا الأقلية نراهم يبدعون في هذا الحقل، نذكر منهم على سبيل المثال ذلك الفنان القدير شارلي شابلن الذي كان يعتمد على الحركة التي تضفي شيئاً من الانتقاد كما برز عن هذه الفئة شخصيات أخرى في العالم العربي مثل يوسف وهبي ونجيب الريحاني ولاحقا دريد لحام وقد نضيف أسماء سيدات مثل أمينة رزق وفاطمة رشدي وسميحة أيوب وغيرهن، كما نضيف اليهن سيدة الصوت أم كلثوم وفيروز وطائفة الفنانين الأخرى ابتداء من المبدع الفنان محمد عبدالوهاب حتى آخر القائمة الطويلة التي بلغت أقطارنا في الخليج العربي، في هذه الزاوية أردت ان ابدي ملاحظة تفشت في الآونة الأخيرة عبر بعض برامج الفضائيات حيث تستدعي بعض الممثلات اللاتي يتصفن في الغالب بالجمال حتى يشاركن في مواد اجتماعية فتراهن يطلقن بعض الفتاوى والنصائح البعيدة عن مجال تخصصهن وكأنما موهبة التمثيل أوحت لهن بقدرات أخرى لا يملكنها وليس في ذلك الحط من مكانتهن «اذا ما أجدنها» وإنما هو تجاوز لما يشاركن به من رؤى علمية وفكرية وان كان من الطبيعي في مجال الاعتزاز بالنفس ألا يرفض الحديث والخوض في أي مجال يطلب منهن المساهمة فيه والخطورة تكمن في تأثيرهن على المستمع خاصة جيل الشباب فهؤلاء الفنانات لم يمارسن في الغالب ما يصل إلى مستوى القدوة أو التجارب العميقة إنما تركز تحصيلهن على مجال تخصصهن وهو التقليد أو المحاكاة والأدوار التي نجحن فيها تحديداً وهي متنوعة والتي لا تحتاج في الغالب الى ذلك الذكاء الحاد والعبقرية لأن التمثيل يعتمد على المحاكاة واجادة الدور كما رسمه المبدع الاساسي واستوعبه المخرج الذي وزع الأدوار بحسن اختياره وثقته في تأديته من أفراد دون غيرهم «من الجنسين» وأكرر بأن ليس في التمثيل ذلك المجال الفكري الذي يزهو به بعض الأفراد ويتباهون وان كان جمال الصورة والحركة وخفة الدم من بواعث الارتياح للقائمين في بعض الأفراد لا سيما وان التمثيل يعتمد بالدرجة الأولى على التعابير التي تواكب الأداء فالابتسامه لا تكون مقبولة دائما «في مواقف الدراما» إلا ان احتاجها الدور كسخرية وكذلك التحكم في نبرات الصوت، ولا يخفى بأن ثمة مدارس متخصصة تعطي دروسها لهذه الفئة من الناس، حيث انها لم تأت من الفطرة فحسب انما تعمقت بالتحصيل والتجارب الفعلية لذا فكم أتمنى من القائمين على البرامج الجماهيرية ذات التوجيه والارشاد من حسن اختيار الذين لديهم خلفية عملية وفلسفية لها وزنها في طرح الرؤى الفكرية على المشاهدين حتى لا تتضاعف أمية شعوبنا أكثر مما هي منحدرة في هذه المرحلة من التوجيه الفكري نحو ارتياد آفاق المستقبل الذي ينهض على الوعي والفهم العميق لمجريات الأمور وتوجهاتها في العالم.
ص.ب 3624 الرياض 11442
|
|
|
|
|